الثلاثاء، 22 أبريل 2025

02:44 ص

النفط الليبي، ثروة تتأرجح على حبال السياسة بين الشرق والغرب

الإثنين، 21 أبريل 2025 02:33 م

النفط الليبي

النفط الليبي

كتب/ كريم قنديل

منذ أن لفظت باطن الأرض أول برميل نفط ليبي في عام 1961، دخلت ليبيا نادي الدول النفطية من الباب الواسع، وأصبحت تلك المادة السوداء ليست فقط موردًا اقتصاديًا، بل ركيزة لبناء الدولة الليبية الحديثة، لكن كما كان النفط نعمةً، كان في كثير من الأحيان نقمة، حين دخل في حسابات السياسة وتقاطعات المصالح.

النفط الليبي

النفط الليبي ليس مجرد ذهب أسود، بل هو شريان الاقتصاد الوطني، يشكل العمود الفقري للدخل القومي، ويمثل النسبة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، جودة الخام الليبي، واحتياطياته الكبيرة، وقربه الجغرافي من الأسواق الأوروبية، جعلت منه هدفًا مغريًا لكبرى الشركات العالمية منذ عقود.

من الاستكشاف إلى الصراع

البداية كانت مع بعثات إيطالية في ثلاثينات القرن الماضي، بقيادة الجيولوجي "أرديتو ديزيو"، الذي رسم أول خريطة جيولوجية للبلاد، لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت بعد اكتشاف النفط في الخمسينات، وبداية الإنتاج في الستينات، وصولاً إلى ذروة الإنتاج في السبعينات حيث كانت ليبيا تضخ حوالي 3 ملايين برميل يوميًا.

لكن، وكما تقول القاعدة الذهبية، “كلما زادت الثروة، زادت الأطماع”، دخلت ليبيا في دوامة صراعات سياسية، وتقلبات في الهياكل الإدارية والرقابية على القطاع، ما جعل النفط مرآة تعكس حال الدولة، كلما توترت السياسة، تراجع الإنتاج.

النفط الليبي

المؤسسة الوطنية للنفط من فني إلى سيادي

أُنشئت المؤسسة الوطنية للنفط عام 1970 لتحل محل المؤسسة الليبية العامة للبترول، وأصبحت لاحقًا الذراع التنفيذي للدولة في هذا القطاع الحساس، غير أن تداخل الأدوار بين المؤسسة والوزارة، خصوصًا بعد ثورة 17 فبراير، خلق فجوة تنظيمية استغلها البعض في الداخل والخارج.

قرارات متكررة بحل أو إعادة تفعيل وزارة النفط والغاز، وآخرها إعادة الوزارة للعمل مجددًا عام 2021، أثارت تساؤلات حول من يملك القرار السيادي، ومن يدير اللعبة الفنية؟ في النهاية، ظل النفط رهينة الأزمات، ضحية التجاذبات السياسية بين شرق وغرب، وبين حكومات متعاقبة دون استقرار طويل الأمد.

الأسعار تتكلم.. والسياسة تُترجم

تدهور أسعار النفط منذ 2014 وضع الاقتصاد الليبي في مأزق مالي، ومع عجز البنية التحتية، وتكرار إغلاق الحقول والموانئ بسبب النزاعات المسلحة، تراجعت قدرة الدولة على تحقيق التوازن المالي، ورغم تعافي جزئي منذ 2016، لم يعد النفط الليبي إلى سابق عهده.

ومع توقيع الاتفاق السياسي الجديد في نهاية 2020، عاد الأمل بعودة الاستقرار، خصوصًا مع جهود وزارة النفط والغاز لإعادة ترتيب المشهد، وفتح الباب أمام الاستثمارات، ووضع سياسات تسعيرية وتنظيمية جديدة، لكن هل يكفي ذلك؟

النفط في ليبيا

الطريق إلى المستقبل، هل من خارطة طريق؟

الواضح أن النفط وحده لن ينقذ ليبيا، فلا بد من تنويع مصادر الدخل، وإصلاح القطاع المالي، وبناء مؤسسات رقابية مستقلة، النفط لا يزال لاعبًا أساسيًا، لكنه بحاجة إلى استراتيجية متكاملة تجمع بين الشفافية، والاستثمار في البنية التحتية، وخلق بيئة سياسية مستقرة.

فالذهب الأسود الليبي، إن لم يُحسن استثماره، قد يتحول إلى عبء على الدولة بدلاً من أن يكون قاطرتها نحو التنمية.

Short Url

showcase
showcase
search