كلمة السر تيك توك، سراويل اليوجا تُشعل الحرب التجارية مجددًا بين واشنطن وبكين!

في مشهد جديد من التوترات التجارية المتصاعدة بين واشنطن وبكين، يواجه مستخدمو تيك توك في الولايات المتحدة موجة غير مسبوقة من مقاطع الفيديو التي يُنتجها صانعو محتوى صينيون، تحثّ المستهلكين الأمريكيين على شراء السلع مباشرة من المصانع الصينية، في خطوة تُعد بمثابة تحايل ذكي على الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب.

فيديوهات من داخل المصانع.. والترويج لـ"الشراء المباشر"

تُصور العديد من هذه الفيديوهات داخل منشآت صناعية صينية يُزعم أنها تُنتج لعلامات تجارية عالمية كبرى، مثل لولوليمون أثليتيكا ونايكي، وتُركّز على إبراز الأصل الصيني للمنتجات التي يستهلكها الأمريكيون بأسعار مرتفعة.

في أحد المقاطع، يُظهر صانع محتوى حقائب يد فاخرة ويقول:
"لماذا لا تشترون منا مباشرة؟ لن تصدقوا الأسعار التي نقدمها".

سراويل اليوجا بـ6 دولارات تثير الجدل

وفي فيديو شهير، تستعرض إحدى مستخدمات تيك توك مصنعًا تزعم أنه يُنتج سراويل اليوجا الخاصة بعلامة لولوليمون مقابل 5 إلى 6 دولارات فقط، مقارنة بسعر يتجاوز 100 دولار في الأسواق الأمريكية.

وقد ردّت الشركة على هذه الادعاءات، مؤكدة أن نسبة ضئيلة (3%) فقط من منتجاتها النهائية تُصنّع في الصين القارية، مشددة على أن منتجاتها الأصلية تُباع حصريًا عبر قنواتها الرسمية.

مشاهدات بالملايين ورسائل غير بريئة

على الرغم من نشر العديد من هذه المقاطع في مارس، إلا أنها اكتسبت زخمًا هائلًا مؤخرًا، تزامنًا مع تصاعد الحرب التجارية مجددًا. 

ومن بين الفيديوهات البارزة:

"الصين تكشف الحقيقة": 8.3 مليون مشاهدة

فيديو مورد لولوليمون: 2.6 مليون مشاهدة

"كيف نتجاوز الرسوم الجمركية": مليون مشاهدة

 استراتيجية دعائية بوجه اقتصادي

ويرى أليكس غولدنبرغ، كبير محللي الاستخبارات في معهد أبحاث عدوى الشبكات بجامعة روتجرز، أن هذه الموجة من المحتوى تُعد جزءًا من حملة ممنهجة لتقويض سياسات ترامب الجمركية، واستغلال خوارزمية تيك توك لترويج التصنيع الصيني.

هل يمكن فعلاً تجنب الرسوم الجمركية؟

رغم الجدل المتصاعد، تظل الآليات القانونية لتفادي الرسوم الجمركية من خلال الشراء المباشر غير واضحة، خصوصًا بعد انتهاء إعفاء الطرود الصغيرة في 2 مايو، ما يُعقّد إمكانية تسويق المنتجات الصينية بهذه الطريقة دون كُلفة إضافية.

ويُذكر أن السلع الصينية تُواجه حاليًا معدل رسوم جمركية تراكمي يصل إلى 145%، وهو ما يعيد تسليط الضوء على جدوى هذه السياسة وجدواها.

 تأثير تيك توك.. ما وراء المحتوى

الانتشار الواسع لمثل هذه المقاطع أثار تساؤلات حول دور تيك توك كمنصة محتوى تخضع لشركة أم صينية (بايت دانس)، ومدى تأثيرها غير المباشر على توجهات المستهلكين والرأي العام الأمريكي.

هذه التطورات تغذي النقاش المتصاعد في الكونغرس الأمريكي بشأن فصل عمليات تيك توك العالمية عن الصين، لأسباب تتعلق بالأمن القومي والسيادة الرقمية.

حرب ناعمة.. لكنها مؤثرة

ما يجري على تيك توك ليس مجرد موجة من المحتوى الفيروسي، بل حلقة جديدة في حرب اقتصادية ناعمة، حيث تُوظّف التكنولوجيا والمنصات الرقمية للتأثير على السياسات والاقتصاد والمستهلكين على حد سواء.

وفي وقت يتزايد فيه الضغط على صناع القرار في واشنطن، تبقى خوارزميات تيك توك سلاحًا رقميًا فعالًا في صراع اقتصادي طويل الأمد.