الصين في الصدارة، نصف مليارديرات التصنيع الجدد ينحدرون من العملاق الآسيوي
الإثنين، 14 أبريل 2025 10:04 ص

الثروة العالمية
كتب/ كريم قنديل
في مشهد اقتصادي يعكس زلزالاً هادئًا، تغيّرت ملامح الثروة العالمية خلال العقد الأخير، ليخرج التصنيع لا التكنولوجيا أو التمويل من خلف الستار إلى مركز الأضواء، كأكبر مُولّد للمليارديرات الجدد في العالم، إنها قصة تحول اقتصادي عميق، تتقاطع فيها خطوط الجغرافيا والديموغرافيا والتكنولوجيا، لتعيد رسم خريطة الثراء على نحو غير مسبوق.

وفقاً لتقرير الثروة العالمي لعام 2025 الصادر عن "نايت فرانك"، والمستند إلى بيانات قائمة فوربس، فإن قطاع التصنيع أنجب وحده 509 مليارديرات جدد بين 2014 و2024، متقدمًا على قطاعات كانت لعقود في طليعة مولدات الثروات، أبرزها التكنولوجيا والتمويل.
المفاجأة الأكبر؟ أن نحو نصف هؤلاء المليارديرات الجدد من الصين، في دلالة واضحة على الصعود الهائل للقاعدة الصناعية الآسيوية، والتي لم تعد تكتفي بدور مصنع العالم، بل باتت تشكل بنك العالم الجديد.
الصين تقود الموجة.. والتكنولوجيا تتراجع خطوة للوراء
رغم أن التكنولوجيا لا تزال ملكة الأرقام، بثروة إجمالية بلغت 2.6 تريليون دولار، إلا أن عدد المليارديرات الجدد في هذا القطاع بلغ 443 فقط خلال العقد، ما وضعه في المرتبة الثانية بعد التصنيع، وحتى هنا، الصين تتصدر.
هذا التحول لا يعني نهاية عصر التكنولوجيا، بل يعكس إعادة تموضع للثروة، حيث أصبحت الصناعات التحويلية، وخصوصًا تلك المدعومة بسلاسل التوريد الذكية والتحول الرقمي، أكثر جاذبية للمستثمرين والرياديين، خصوصًا في اقتصادات ناشئة كسرت الهيمنة الغربية على الثراء.

التمويل يتراجع رغم سيطرته العددية
أما قطاع التمويل، الذي لطالما كان الحصان الأسود في مضمار الثراء، فقد تراجع إلى المركز الثالث من حيث عدد المليارديرات الجدد، رغم تصدره لقائمة 2024 من حيث العدد الإجمالي للمليارديرات بـ427 شخصًا، المفارقة هنا أن الثراء القديم لا يضمن بالضرورة استمرار الهيمنة، خصوصًا مع تسارع الابتكار الصناعي وتحول مراكز القوة الاقتصادية شرقًا.
عدد المليارديرات الجدد حول العالم حسب القطاع (2014–2024)

الملياردير الجديد: أصغر، أكثر تنوعًا.. وأقل أميركية
الثروة لم تعد امتيازًا ذكوريًا أو غربيًا كما كانت، فبحسب التقرير، 47% من المليارديرات تحت سن الثلاثين هم من النساء، و18% من المليارديرات الجدد في 2024 نساء، هذه الأرقام رغم أنها لا تزال غير متوازنة تعكس بداية تفكك النظام القديم لاحتكار الثروة.
أما متوسط عمر الملياردير فبلغ 65.7 عامًا في 2024، لكنه مرشح للانخفاض تدريجيًا مع انتقال الثروات إلى الأجيال الشابة، بما يفتح الباب أمام موجة جديدة من رجال وسيدات الأعمال الذين يفكرون ويصرفون بطريقة مختلفة تمامًا عن نظرائهم من جيل الطفرة الاقتصادية.

من أميركا إلى آسيا.. وجهة الثروة تتغير
لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بـ30% من عدد المليارديرات العالميين و40% من ثرواتهم، لكنها لم تعد وحيدة في المشهد.
الصين، والهند، وحتى دول مثل إندونيسيا وفيتنام، باتت تُخرّج أثرياء جددًا بوتيرة متسارعة، التحول من اقتصاد الخدمات إلى اقتصاد الإنتاج الحقيقي في آسيا غيّر قواعد اللعبة، ومعها مواقع اللاعبين.
الرسالة واضحة.. التصنيع يعود، والثروة تهاجر
العقد الأخير أثبت أن طريق المليار لم يعد يمر فقط عبر برمجيات وادي السيليكون أو محافظ وول ستريت، بل ربما عبر مصنع ذكي في شينزين أو خط إنتاج مستدام في غوا، ومع التغيرات الديموغرافية، وازدياد حضور النساء والشباب، وتوسع رقعة الاقتصادات الناشئة، فإن "الملياردير القادم" سيكون مختلفًا شكلاً ومضمونًا.
قد يكون أقل ظهورًا في المجلات، لكنه أكثر فاعلية في الأسواق، قد لا يسكن نيويورك أو لندن، بل ربما بكين أو بنغالور، باختصار، نحن أمام لحظة تحول تاريخية في مسار الثروة العالمية، ومن يفهمها الآن، قد يكون هو الملياردير المقبل.
Short Url
الخليج في مرمى ارتدادات حرب الجمارك، بين صدمة النفط وتباطؤ الصين
15 أبريل 2025 04:26 م
«بوينج» تسقط في مرمى نيران الرسوم الجمركية والصين تضرب قلب الصناعة الأمريكية
15 أبريل 2025 02:42 م
خطر يهدد جوهرة وادي الجمال، الجدل يتصاعد حول إغلاق وتطوير شاطئ رأس حنكوراب
15 أبريل 2025 02:10 م


أكثر الكلمات انتشاراً