5.8 مليارات دولار حجم إنفاق الهنود على حفلات الزفاف في 2024

السبت، 12 أبريل 2025 11:20 م

حفلات الزفاف

كشفت وكالة بلومبرج أن حجم إنفاق الهنود على حفلات الزفاف في الدول الأجنبية، وصل لحوالي 5.8 مليارات دولار خلال عام 2024.

مبادرة “تزوجوا في الهند”

وبيّن اتحاد تجار عموم الهند، وهو تكتل يُمثل قطاع الأعمال، أن نحو 5000 حفل زفاف هندي من قرابة 8 ملايين زفاف شهده العام الماضي أُقيم خارج البلاد. لكن نظراً إلى أنّ هذه الأعراس كانت بمعظمها لعائلات ثرية، فقد بلغ حجم الإنفاق عليها نحو 5.8 مليارات دولار. الذي دفع رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى إطلاق مبادرة "تزوّجوا في الهند" بهدف إبقاء هذه الأموال داخل البلاد.

تعرفت أبيشيك باجاج على باراشا دهاندا في حفل زفاف صديق مشترك في مدينة أغرا الهندية موطن ضريح تاج محل. ورغم استمتاعهما بأجواء الفرح ذلك اليوم، اتضح لهما أنهما لم يكونا يعرفان سوى قليل من المدعوين الذين يبلغ عددهما حوالي 300 شخص.

ووفقا لبلومبرج، حين بدأ الزوجان يخططان لعرسهما، أرادا أن يكون الحفل حميمياً، وقد أدركا أن إقامة العرس في الهند سيضطرهما لدعوة مئات أو ربما آلاف الضيوف لإرضاء عائلتيهما وأصدقائهما، لذا قررا أن يتزوجا في منتجع بجزيرة فو كوك الفيتنامية، حيث سيكون عدد الحضور أقل بطبيعة الحال.

تنظيم حفل الزفاف في الخارج لم يخلُ من مشاكل

لكن تنظيم حفل الزفاف في الخارج لم يخلُ من مشاكل لم تكن في الحسبان. مثلاً، لم يجدا على الجزيرة أي حصان ليمتطيه العريس في موكب بارات الاحتفالي التقليدي في الأعراس الهندوسية. فاضطرا لجلب حصان من مدينة "هو تشي منه" الواقعة على بعد نحو 400 كيلومتر شرقاً، نُقل أولاً على متن عبارة قبل أن تحمله شاحنة إلى موقع العرس.

أكثر من 20 موسيقياً ومؤدياً للعروض من الهند

ولإضفاء أجواء هندية أصيلة على الحفل الذي حضره 180 مدعواً، استقدما أكثر من 20 موسيقياً ومؤدياً للعروض من الهند جواً. قال باجاج، وهو متداول أسهم يبلغ من العمر 29 عاماً: "كان زفاف أحلامنا بنسبة ألف بالمئة، تمكّنا من قضاء وقت حقيقي مع ضيوفنا، وتعرّف الجميع على بعضهم بعضاً عن قرب".

من موظفي مراكز الاتصالات إلى نجوم بوليوود وأساطين الأعمال، يُعرف عن الهنود السخاء في الإنفاق على حفلات الزفاف التي تمتد لعدة أيام وتتخللها طقوس دينية وتبرز فيها المجوهرات المتلألئة، كما يُقدم خلالها ما لذّ وطاب من مأكولات على أنغام الموسيقى الحية واللوحات الراقصة.

أغنى رجل في الهند

وقد أذهل موكيش أمباني، أغنى رجل في الهند، العالم، العام الماضي، عندما أنفق، بحسب تقديرات الصحافة المحلية، نحو 600 مليون دولار على احتفالات زفاف نجله أنانت، إذ شارك في الاحتفالات التي سبقت الزفاف مشاهير من أمثال ريانا وجستن بيبر وكيتي بيري. وشملت الفعاليات رحلة بحرية في البحر المتوسط، بينما استأجرت العائلة نحو مئة طائرة خاصة لتقل الضيوف إلى الحفل الذي استمر ثلاثة أيام في مومباي.

مع ذلك، بدأ عدد متزايد من أبناء جيل الألفية المنخرطين في سوق العمل بتجاوز التقاليد، مفضّلين إقامة حفلات زفاف تقتصر على المقربين، في وجهات آسيوية أو مواقع عالمية أخرى. وقد أسهمت هذه الأعراس التي تمتد على عدّة أيام في إنعاش اقتصادات دول من فيتنام إلى تركيا والمكسيك، حيث تتنافس الفنادق وشركات تنظيم الأعراس ومتعهدي الطعام على إقامة فعاليات قد تدرّ إيرادات تفوق مليون دولار.

منصة السفر سكاي سكانر

وفقاً لاستبيان أعدته منصة السفر "سكاي سكانر" (Skyscanner) في 2024 وشمل 4000 شخص في الهند، قال نحو نصف المشاركين إنهم خطّطوا لإقامة حفلات زفافهم في وجهات آسيوية، أو أنهم قد يفكرون بذلك.

حتى أفقر الهنود لا يتوانون عن استنزاف مواردهم الشحيحة لإقامة حفلات زفاف باذخة. فقد أنفق الهنود نحو 130 مليار دولار على الأعراس العام الماضي، أي ضعف ما أنفقه الأميركيون، مع توقّعات بأن ينمو هذا الرقم بنسبة تصل إلى 20% سنوياً، وفقاً لشركة الاستشارات الاستثمارية "رايت ريسيرش" (Wright Research).

تسابق لاستقطاب الأعراس الهندية

لاحظت بعض الحكومات الأجنبية هذا التوجّه فبدأت تكثف جهودها لاستقطاب سوق حفلات الزفاف المدرة للربح. يقدم مكتب المؤتمرات في أبوظبي تأشيرات مجانية للعرسان، بينما أفادت تركيا بأن إسطنبول ومدينة أنطاليا الساحلية سجلتا نموّاً ملحوظاً في أعداد السياح الهنود القادمين لحضور حفلات زفاف. كما أبرمت هيئة السياحة في سنغافورة شراكة مع منظّمي فعاليات في الهند للترويج للدولة-المدينة كوجهة لاستضافة الأعراس.

بحسب تقديرات موقع "ويدينج سوترا" (WeddingSutra)، المتخصص بتنظيم حفلات الزفاف، يسجل عدد الأعراس المُقامة خارج الهند نمواً بنسبة 15% سنوياً، في ظلّ ازدياد عدد العائلات القادرة على تغطية التكاليف. قال براذيب تياجاراجان، الرئيس التنفيذي للشركة: "أصبحت العائلات الثرية تسافر إلى وجهات دولية للاحتفال بمناسبات مهمة مثل الذكرى الخامسة والعشرين للزواج أو عيد الميلاد الخمسين.. لقد أصبح الاحتفال بالأعراس والمناسبات الكبرى في الخارج أمراً شائعاً اليوم".

تقدّم فنادق كثيرة باقات زفاف بلمسات جنوب آسيوية، تتضمن حفلات الحناء وقوائم طعام مستوحاة من وصفات عائلية يُعدّها طهاة هنود. قالت سلسلة فنادق "ماريوت إنترناشونال" إن عدد حفلات الزفاف الهندية التي استضافتها في فنادقها في آسيا ارتفعت بنسبة تتجاوز 30% خلال السنوات الخمس الماضية حتى عام 2024، فيما زاد الانفاق على هذه المناسبات بنسبة 50%.

سلسلة فنادق "هيلتون"

كما أشارت سلسلة فنادق "هيلتون" إلى زيادة ملحوظة في عدد أعراس الهنود بفنادقها في المنطقة. ففي فندق "كونراد بالي"، على سبيل المثال، تضاعف عدد حفلات الزفاف العام الماضي مقارنة بعام 2023، وقد استقدم المنتجع في الآونة الأخيرة طاهياً من الهند خصّيصاً ليعدّ المأكولات في مثل هذه المناسبات.

قطاع مخصص للأعراس الهندية

في الوجهات التي يقبل عليها الأزواج الهنود، نشأت خدمات متخصصة لتلبية احتياجاتهم. مثلاً في تايلندا التي لا تبعد سوى أربع ساعات جواً عن كثير من مدن الهند، تنتشر مرافق مصمّمة خصيصاً للأعراس الهندية، تضمّ ديكورات مثل "المانداب"، وهو منصة تحيط بها أعمدة مزدانة، يُستخدم كالمذبح الكنسي خلال مراسم الزفاف.

كما تشكلت منظومة متكاملة من معدّي الحفلات ومتعهّدي الطعام وفناني الحناء ومهندسي الديكور، فيما ينتقل بعض الموسيقيين الهنود للإقامة في تايلندا خلال موسم الأعراس نظراً لزيادة الطلب عليهم.

قالت كريشنا باتيل، المديرة التنفيذية لرابطة حفلات الزفاف الهنديّة في تايلندا وصاحبة شركة لتنظيم الفعاليات في مدينة هوا هين الساحلية على بعد بضع ساعات من بانكوك: "هذه الأعراس تجارة مربحة". في حين يقتصر الزفاف التايلندي على يوم واحد، يحتفل الهنود وينفقون الأموال لما يقارب أسبوعاً كاملاً. أضافت: "هذه نعمة للفنادق وكافة مزوّدي الخدمات. يؤمّن ذلك أعمالاً للجميع على مدى أيام".

غالباً ما تتضمّن الاحتفالات فعاليات تسبق حفل الزفاف وأخرى تليه، حيث تصل كلفة بعض الأعراس إلى مليون دولار، بحسب هيئة السياحة في تايلندا. تقول الهيئة إنها تتعاون مع الفنادق وقطاع تنظيم الفعاليات لتشجيع الإنفاق عبر تطوير البنية التحتيّة، كإنشاء قاعات احتفال ضخمة، ومعالجة تحديات مثل منع بعض الفنادق تشغيل الموسيقى الصاخبة بعد الساعة العاشرة مساءً، إذ تُعد الموسيقى عنصراً أساسياً في الأعراس الهندية.

اعتاد مانبريت سينغ رانا ولافلي تاريانج، وكلاهما في أوائل الثلاثينات، على حضور حفلات الزفاف الضخمة، لكنهما فاجآ عائلتيهما حين قرّرا إقامة زفافهما في تايلندا، بدلاً من مدينة شيلونغ، مسقط رأس تاريانج، الواقعة في منطقة جبلية شمال شرقي الهند، أصبحت بدورها وجهة رائجة لإقامة الأعراس.

استضافا على مدى يومين في يناير 125 مدعواً شاركوهما حفل زفافهما في هوا هين، فحضروا الطقوس الاحتفالية واستمتعوا بمآدب الطعام الغنية والموسيقى التقليدية. وقال الزوجان إن اختيار وجهة أجنبية كان مفاجأةً سارةً للضيوف، خاصة أن كثيراً منهم كانوا يزورون تايلندا للمرة الأولى، واستغلوا الفرصة للاستمتاع بإجازات خاصة بعد الحفل.

قالت تاريانج: "ما زلت أشعر بالحماس.. كان مزيجاً مثالياً من الرومانسية والثقافة والمغامرة".

Short Url

أخبار متعلقة