هل يدفع ترامب ألمانيا إلى الهاوية؟ الحرب التجارية تهدد أكبر اقتصاد أوروبي
الأربعاء، 09 أبريل 2025 11:13 م

ألمانيا
تحليل/كريم قنديل
في مشهد يعيد رسم خريطة العلاقات الاقتصادية العالمية، تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتضع الاقتصاد الألماني، المحرك الرئيسي للاقتصاد الأوروبي، في مواجهة تحديات غير مسبوقة.
_1787_110206.jpg)
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لا يتردد في استخدام الرسوم الجمركية كسلاح اقتصادي، فرض رسوماً جديدة بنسبة 20% على جميع الصادرات الأوروبية، مما أثار حالة من الذعر في الأسواق الألمانية والأوروبية.
الاقتصاد الألماني.. ضحية السياسات الحمائية
ألمانيا، التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها إلى الولايات المتحدة، والتي تقدر بحوالي 4% من ناتجها المحلي الإجمالي، أصبحت الآن في قلب العاصفة، مع دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، حيث أن أغلب التقديرات تشير إلى أن برلين قد تخسر حوالي 200 مليار يورو، خلال السنوات الأربع المقبلة، مما قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.5 نقطة مئوية بحلول عام 2028.
الاقتصاد الألماني وشبح الركود
هذا الانخفاض يأتي في وقت بالغ الصعوبة، حيث يعاني الاقتصاد الألماني بالفعل من الركود وتراجع التنافسية بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، وانخفاض الطلب الصيني، والمنافسة الشرسة من الشركات الصينية.
القطاعات الأكثر تضرراً ستكون تلك التي تعتمد على التصدير، مثل صناعة السيارات والهندسة الميكانيكية، وفي ذات السياق حذر معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية، من أن هذه القطاعات قد تشهد انهياراً شبه كامل، إذا استمرت الرسوم الجمركية الأميركية بالشكل الحالي، بل ذهب الوضع إلى أبعد من ذلك، من انهيار غير مسبوق في الصادرات الألمانية إلى السوق الأميركية بنسبة تصل إلى 15%.

رد الاتحاد الأوروبي.. استراتيجية مزدوجة
غير أن ألمانيا لن تواجه هذه الحرب التجارية بمفردها، الاتحاد الأوروبي، أحد الكتل الاقتصادية الثلاث الكبرى في العالم، يستعد للرد ضمن استراتيجية مزدوجة، كما أن الاتحاد الأوروبي سيفرض رسوماً انتقامية متكافئة ضد واشنطن، لكنها تركت الباب موارباً للمفاوضات، في محاولة لإلغاء متبادل لكل الرسوم الجمركية في التبادل التجاري عبر الأطلسي.
هذه الاستراتيجية، رغم أنها قد تبدو واقعية، إلا أنها تواجه عقبات كبيرة، ترامب، المعروف بشخصيته العنيدة، رفض مقترحات مماثلة سابقاً، بما في ذلك فكرة إيلون ماسك، حول تصفير الرسوم الجمركية، ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يأمل في أن يؤدي الضغط الاقتصادي والدبلوماسي، إلى دفع ترامب للتراجع عن سياساته الحمائية.
الأثر الاجتماعي والاقتصادي.. المواطن هو الضحية الأولى
ما يجعل هذه الحرب التجارية أكثر خطورة هو تأثيرها المباشر على المواطن العادي، زيادة الرسوم الجمركية تعني ارتفاع تكلفة السلع المستوردة، مما يزيد من معدلات التضخم، ويؤدي إلى غلاء المعيشة، الطبقات العاملة في ألمانيا وأوروبا ستكون الأكثر تضرراً، حيث ستعاني من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بينما تواجه البطالة المرتفعة نتيجة تراجع الإنتاج الصناعي.

السيناريوهات المستقبلية.. هل ينهار النظام التجاري العالمي؟
إذا استمر ترامب في سياساته الحمائية، فإن النظام التجاري العالمي قد يشهد تحولاً جذرياً، بالإتجاه نحو عالم تكتلات إقليمية، حيث تحل الاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية محل النظام متعدد الأطراف القائم على منظمة التجارة العالمية، هذا الاتجاه يعني نهاية العولمة كما نعرفها، واستبدالها بنظام تجاري مجزأ يقوم على تحالفات طبقية.
بالنسبة لألمانيا، فإن هذا السيناريو سيكون كارثياً، فقد كانت برلين تستفيد بشكل كبير من النظام التجاري الحر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة 278.7 مليار دولار في عام 2024. إذا انهارت هذه العلاقة، فإن ألمانيا ستواجه تحدياً وجودياً يتطلب إعادة هيكلة كاملة لاقتصادها، مع التركيز على تعزيز الاستقلالية الاقتصادية، وتنويع الأسواق.
التحدي الأكبر.. تحديث الصناعة الألمانية
في ظل هذه التحديات، يشدد الباحثون على أن ألمانيا تحتاج إلى تحديث قطاع صناعتها بشكل عاجل، روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني بالإنابة، دعا إلى استثمارات استراتيجية في البنية التحتية الرقمية، الذكاء الاصطناعي، والفضاء، لجعل ألمانيا وأوروبا أكثر استقلالية، ومع ذلك فإن هذه الجهود تحتاج إلى وقت، وقد لا تكون كافية لمواجهة التأثير الفوري للرسوم الجمركية.

لعبة عض الأصابع
يبدو أن العالم أمام لعبة خطيرة، حيث يحاول كل طرف إظهار قوته وصموده أمام الآخر، بالنسبة لألمانيا، فإن هذه الحرب التجارية ليست مجرد تحدٍ اقتصادي، بل هي تهديد وجودي قد يعيد تشكيل موقعها في النظام العالمي، وبينما يحاول الاتحاد الأوروبي التوصل إلى حل تفاوضي، يبقى السؤال: هل سيستسلم ترامب تحت الضغط، أم أننا بصدد دخول مرحلة جديدة من التفكك الاقتصادي العالمي؟
الواقع يقول أن الكل خاسر إذا استمرت هذه الحرب التجارية، السؤال الحقيقي هو: من سيصرخ أولاً؟
Short Url
الخليج في مرمى ارتدادات حرب الجمارك، بين صدمة النفط وتباطؤ الصين
15 أبريل 2025 04:26 م
«بوينج» تسقط في مرمى نيران الرسوم الجمركية والصين تضرب قلب الصناعة الأمريكية
15 أبريل 2025 02:42 م
خطر يهدد جوهرة وادي الجمال، الجدل يتصاعد حول إغلاق وتطوير شاطئ رأس حنكوراب
15 أبريل 2025 02:10 م


أكثر الكلمات انتشاراً