الثلاثاء، 15 أبريل 2025

05:26 م

النفط يسقط في فخ ترامب، روسيا أول الضحايا

الأربعاء، 09 أبريل 2025 11:22 ص

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تحليل/ ميرنا البكري

في عالم مترابط اقتصاديًا وسياسيًا، فأي خطوة تصعيدية من قوة عظمى مثل الولايات المتحدة، خصوصًا إذا كانت ضد قوة اقتصادية أخرى مثل الصين، تخلق موجة ارتباك في الأسواق العالمية، ومع تصاعد الصراع التجاري بعد إعلان ترامب عن رسوم جمركية باهظة على الواردات الصينية، شهد العالم واحدة من أسوأ موجات تراجع أسعار النفط منذ 2022، وهذا التراجع له تداعيات ضخمة، ليس على أمريكا والصين، بل على معظم الاقتصادات التي تعتمد على تصدير الطاقة مثل روسيا.

العام المقبل.. روسيا وأمريكا على وشك الاشتباك العسكري المباشر

تحليل اقتصادي لتراجع أسعار النفط عالميًا

تراجعت أسعار النفط بنسبة وصلت لـ15% في أيام قليلة وهو ليس مجرد اضطراب عابر، لكنه يعكس تحول في موازين السوق العالمي نتيجة لعاملين أساسيين:

1. الطلب العالمي ينهار: تخلق التوترات التجارية مخاوف عند المستثمرين والشركات، مما يؤدي إلى تراجع الاستهلاك والإنتاج، وبالتالي يقل الطلب على الطاقة، وهذا تم تأكيده من تصريحات محافظ البنك المركزي الروسي، الذي وصفت انخفاض أسعار النفط كـ "تهديد مباشر" للاقتصاد الروسي.

2. زيادة المعروض بدون مبرر طلب: يستمر الإنتاج العالمي للنفط ، بل هناك توقعات بزيادته، حيث أعلن تحالف “أوبك +”مضاعفة حجم الإنتاج 3 مرات بنحو 411 ألف برميل يوميًا بدءًا من شهر مايو المقبل. مما يسود السوق  تضخم في المعروض، وبالتالي تنهار الأسعار ، خصوصًا لتوقعات باستمرار هذه التوترات لفترة طويلة.

3. التأثير على الأسواق المرتبطة: فقد خامي برنت وغرب تكساس، (المؤشرين الرئيسيين) لأسعار النفط العالمية  أكثر من 14% و15% على التوالي، وينقل هذا الهبوط أثره بشكل مباشر على الميزانيات العامة لدول مثل روسيا الذي يعتمد اقتصادها  بشكل رئيسي على تصدير الطاقة.

4. السياسة النقدية الروسية تستعد: بدأ البنك المركزي الروسي بالفعل بتحليل السيناريوهات كما يستخدم "القاعدة الفنية للموازنة" لتخفيف آثار الصدمة، وتوجد إشارات واضحة لتحديث توقعات أسعار النفط للسنين القادمة (65 دولار للبرميل في 2025 و60 في 2026)، مما يعكس نظرة تشاؤمية على المدى المتوسط.

ترامب يشعل النار، وروسيا تدفع الثمن

الخطوة الذي اتبعها ترامب ليس مجرد سياسة اقتصادية، بل رسالة سياسية بأن أمريكا تنوي الدخول في صراع طويل مع الصين على قيادة الاقتصاد العالمي، والأمر الأخطر إن التصعيد يدور في وقت حساس، فمازال العالم يحاول من آثار جائحة"كورونا"، وأي اضطراب جديد في حركة التجارة قد يعصف بالنمو العالمي.

 روسيا تجد نفسها متأثرة بشكل مباشر، ليس من تراجع أسعار النفط فقط، لكن أيضًا من انكماش التجارة العالمية الذي يؤثر على صادراتها الأخرى، وهذا يدفعها إلى مراجعة سياستها المالية والاقتصادية بسرعة.

الوضع الآن مختلف عن أزمات سابقة؛ نظرًا لتراكم الضغوط الاقتصادية من سنين ماضية: آثار كورونا، التوترات الجيوسياسية (حرب روسيا وأوكرانيا، الحرب على غزة)، والتغيرات في سلاسل الإمداد العالمية، لا تعتبر هذه الأزمة عابرة، لكنها مؤشر على تحول طويل المدى في العلاقات التجارية والاقتصادية بين الكبار، ومن الضروري أن تكون كل دولة مستعدة لهذه التغيرات.

ختامًا، لن تؤثر الحرب التجارية بين أمريكا والصين مش على الكبار، بل توقع ضحايا في العالم، وأولهم روسيا الذي يعتبر النفط بالنسبة لها شريان الحياة، يهدد انخفاض الأسعار موازنتها ويعقد خططها الاقتصادية، كل هذا يؤكد على مرحلة فيها الاقتصاد العالمي غير مضمون، وأصبحت التقلبات أسرع من قبل، ومن الضروري أن تراجع  الدول  سياساتها، وتسعى لتقليل اعتمادها على سوق أو مورد واح، من لم يجهز نفسه الآن، سيجد نفسه خارج اللعبة.

Short Url

showcase
showcase
search