الاقتصاد المصري يستعيد زخمه، أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ عامين
الخميس، 27 مارس 2025 12:38 م

الاقتصاد المصري
تحليل/كريم قنديل
يواصل الاقتصاد المصري تسجيل أداء قوي، محققًا أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ عامين، وذلك وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، ويعكس هذا النمو تحسنًا في القطاعات الإنتاجية والخدمية، مدفوعًا بإصلاحات هيكلية ساهمت في تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار، رغم التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية.

تعافي واضح بعد فترة تباطؤ
تشير البيانات إلى أن الاقتصاد المصري سجل معدل نمو بلغ 4.3% في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، مقارنة بـ 3.5% في الربع السابق، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ عامين، هذا التحسن الملحوظ يأتي بعد فترة من التباطؤ في الأداء الاقتصادي، حيث تراوحت معدلات النمو بين 2.2% و2.9% خلال العامين الماضيين، متأثرة باضطرابات الاقتصاد العالمي، وتذبذب سعر الصرف، وارتفاع معدلات التضخم.
القطاعات الرائدة في دفع النمو
ساهمت عدة قطاعات رئيسية في تعزيز الأداء الاقتصادي، حيث سجلت معدلات نمو مرتفعة، أبرزها:
- حقق قطاع السياحة والمطاعم والفنادق الذي نموًا بنسبة 18%، مما يعكس الانتعاش القوي للطلب على الخدمات السياحية، مدعومًا بتدفقات سياحية متزايدة وتحسن البنية التحتية للقطاع.
- شهدت الصناعات التحويلية غير البترولية التي نموًا بنسبة 17.7%، مما يشير إلى ارتفاع الإنتاج الصناعي، وزيادة الاستثمارات في المشروعات الإنتاجية.
- نما قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي بنسبة 10.4%، وهو ما يعكس التحول الرقمي السريع في مصر، والتوسع في الخدمات التكنولوجية.
- سجل قطاع النقل والتخزين الذي نموًا بنسبة 9.4%، مدفوعًا بزيادة أنشطة اللوجستيات والتجارة الداخلية.

توقعات دولية بنمو قوي خلال العامين المقبلين
تواصل مصر تسجيل مؤشرات إيجابية في مسارها الاقتصادي، مدفوعة بالإصلاحات الهيكلية والاستثمارات الضخمة، وتشير التوقعات الصادرة عن المؤسسات المالية العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومؤسسة فيتش سوليوشنز، إلى تحسن ملحوظ في معدلات النمو الاقتصادي خلال عامي 2024/2025 و2025/2026، مما يعكس قدرة الاقتصاد المصري على التعافي وتحقيق استقرار مالي على المدى المتوسط.
نظرة على توقعات النمو الاقتصادي
صندوق النقد الدولي (IMF)
رفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري من 3.6% في 2024/2025 إلى 4.1% في 2025/2026، يعكس هذا التحسن نجاح سياسات الاستقرار المالي والتعديلات الاقتصادية التي عززت مناخ الاستثمار.
البنك الدولي (World Bank)
يتوقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.5% خلال 2024/2025، ترتفع إلى 4.2% في 2025/2026، ويعود هذا الارتفاع إلى تحسن بيئة الأعمال، وزيادة الإنفاق الحكومي على المشروعات القومية، وارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي.

مؤسسة فيتش سوليوشنز (Fitch Solutions)
قدمت أكثر التوقعات تفاؤلًا، حيث توقعت نمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.9% في 2024/2025، ترتفع إلى 5% في 2025/2026، يعكس هذا التفاؤل ثقة المؤسسات المالية العالمية في قدرة مصر على جذب الاستثمارات وتعزيز إنتاجيتها.
أسباب توقعات النمو الإيجابية
الإصلاحات الاقتصادية الجارية
تبنت الحكومة المصرية سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار، وتقليل العجز المالي، ودعم القطاع الخاص، تضمنت هذه الإصلاحات تسهيل إجراءات الاستثمار، وخفض الدعم تدريجيًا، وتحرير سوق الصرف، مما عزز استقرار الاقتصاد.
الاستثمارات الأجنبية الضخمة
شهدت مصر تدفقات استثمارية قوية، أبرزها صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة، والتي تعد من أكبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تاريخ البلاد، حيث تصل قيمتها إلى 35 مليار دولار.
تحسن أداء القطاعات الحيوية
من المتوقع أن يواصل قطاع السياحة نموه القوي، مدعومًا بزيادة أعداد الزائرين وتطوير البنية التحتية السياحية، بينما قطاع الصناعة يحقق تقدمًا ملحوظًا، خاصة في الصناعات التحويلية غير البترولية، مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.

انخفاض التضخم واستقرار السياسات النقدية
تراجع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 12.8% في فبراير 2025، وهو أدنى مستوى له منذ عامين، إلى جانب استقرار سعر الصرف وتحسن الاحتياطي النقدي ساهما في تعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين.
العوامل الداعمة للنمو الاقتصادي
الإصلاحات الهيكلية وتحفيز الاستثمار
ساهمت الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة المصرية، مثل تحسين مناخ الاستثمار، ودعم القطاعات الإنتاجية، وتطوير البنية التحتية، في تعزيز أداء الاقتصاد، كما أن توقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة، مثل صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار، عزز الثقة في بيئة الأعمال المصرية.
استقرار سعر الصرف وخفض التضخم
لعب استقرار سعر صرف الجنيه المصري منذ مارس 2024 دورًا مهمًا في تقليل حالة عدم اليقين في السوق، ما شجع المستثمرين على زيادة استثماراتهم، خاصة في القطاعات الصناعية والعقارية، كما أن تراجع معدل التضخم السنوي إلى 12.8% في فبراير 2025 مقارنة بـ 24% في يناير 2025، ساهم في تحسن القدرة الشرائية للمستهلكين، ودعم النشاط الاقتصادي.
انتعاش قطاع السياحة
أدى ارتفاع أعداد السياح القادمين إلى مصر، نتيجة حملات الترويج السياحي وتحسين الخدمات الفندقية، إلى تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة في قطاع السياحة، ما انعكس إيجابيًا على القطاعات المرتبطة به مثل النقل والمطاعم والخدمات.

التحديات المستقبلية وآفاق النمو
على الرغم من الأداء القوي، يواجه الاقتصاد المصري عددًا من التحديات التي قد تؤثر على استدامة النمو، أبرزها:
استمرار الضغوط التضخمية: رغم تراجع التضخم، فإن ارتفاع تكاليف الطاقة مع خطة الحكومة لرفع الدعم عن الوقود بنهاية 2025 قد يؤثر على الأسعار والإنتاج الصناعي.
التحديات التمويلية: لا تزال تكلفة التمويل مرتفعة، مما قد يؤثر على وتيرة التوسع الاستثماري، رغم التوقعات بخفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري.
التباطؤ العالمي: أي تراجع في النمو الاقتصادي العالمي قد يؤثر على الصادرات المصرية وتحويلات العاملين بالخارج، والتي تعد مصدرًا رئيسيًا للعملة الأجنبية.
تُظهر البيانات الأخيرة أن الاقتصاد المصري في طريقه لاستعادة زخم النمو، مدعومًا بإصلاحات هيكلية واستثمارات قوية في قطاعات حيوية، ومع استمرار التحسن في المؤشرات الاقتصادية، يتوقع أن يواصل الاقتصاد المصري نموه بوتيرة مستقرة خلال الفترة المقبلة، مع الحاجة إلى مزيد من السياسات الداعمة للاستثمار وزيادة الإنتاجية للحفاظ على هذا الزخم الإيجابي.
Short Url
صناعات المستقبل، المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي في 2025
01 أبريل 2025 09:43 م
«الصين» من محرك الطلب إلى لغز سوق النفط العالمي
01 أبريل 2025 09:00 م
عادات مالية بسيطة تغيّر حياتك، وخطوات ذكية توصلك إلى الثراء
01 أبريل 2025 04:52 م


أكثر الكلمات انتشاراً