الجمعة، 21 مارس 2025

07:50 م

«تونس في مهب الريح» إقالة رئيس وزراء ثالث في عامين تزيد الأزمة تعقيدًا

الجمعة، 21 مارس 2025 03:40 م

تونس

تونس

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

أقال الرئيس التونسي، قيس سعيد، رئيس وزرائه الثالث خلال أقل من عامين، مما يزيد من تعقيد الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد. 

جاء قرار الإقالة في وقت حساس، حيث تعاني تونس من ركود اقتصادي، وفشل مستمر في تحريك عجلة الإصلاحات اللازمة للنهوض بالاقتصاد الوطني. 

كما تم تعيين سارة الزعفراني زنزري، وزيرة التجهيز والإسكان، كأول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد، مما يضيف بعدًا جديدًا إلى الأزمة السياسية المستمرة في البلاد.

سارة الزعفراني الزنزري في لقاء بنائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار (BEI) -  أنباء تونس

التحديات السياسية في تونس… إقالة رئيس وزراء ثالث في عامين

أقال الرئيس سعيد، كمال المدوري، الذي كان قد تولى منصب رئيس الحكومة في أغسطس 2024، ليصبح ثالث رئيس وزراء يُقيل في فترة لا تتجاوز العامين. 

هذا التغيير يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي التي تعيشها تونس منذ تعديل الدستور في 2022، كما كان قد منح الرئيس قيس سعيد صلاحيات واسعة، مما عزز سلطاته على حساب المؤسسات الدستورية الأخرى. 

لا شك أن استمرار التعديلات الوزارية يشير إلى أزمة قيادية داخل الحكومة، ويؤكد على تعثر في إيجاد الحلول الكافية للمشاكل الاقتصادية والسياسية التي تواجهها البلاد.

تعيين سارة الزعفراني… أول امرأة في منصب رئيس الحكومة

تعيين سارة الزعفراني زنزري رئيسةً للحكومة يشكل خطوة تاريخية، إذ تعد أول امرأة تتولى هذا المنصب في تونس، فمن جانب آخر، تتمتع الزعفراني بخبرة هندسية أكسبتها تقديرًا في المجتمع التونسي، حيث درست في ألمانيا وشغلت منصب وزيرة التجهيز والإسكان. 

يأمل الرئيس سعيد أن يسهم تعيينها في تحسين تنسيق الجهود الحكومية في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، إلا أن تحديات كبيرة تنتظر الزعفراني، خاصة في ظل الأوضاع السياسية الهشة وعدم الاستقرار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد.

الأزمة الاقتصادية… من التدهور إلى تراكم الديون

تعاني تونس من أزمة اقتصادية خانقة، حيث وصلت ديونها الخارجية إلى مستويات غير مسبوقة، ما يهدد استقرارها المالي. 

في إطار هذه الأزمة، لجأ الرئيس قيس سعيد إلى استخدام أموال من البنك المركزي لسداد الديون، وهو ما يثير القلق من تأثيرات ذلك على استقرار العملة المحلية. 

هذا الإجراء يعكس بشكل واضح فقدان الثقة في قدرة الحكومة على التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي. 

وفي عام 2023، تعثرت المفاوضات مع صندوق النقد حول برنامج إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار، مما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي.

Picture background

التضخم وارتفاع العائد على السندات التونسية

تواصل تونس مواجهة تحديات كبيرة في مجال التمويل الدولي، حيث تتداول السندات التونسية، التي تقدر قيمتها بـ700 مليون يورو، بعائد مرتفع يبلغ نحو 9.8%. 

هذا الرقم يشير إلى زيادة كبيرة في تكلفة الاقتراض لتونس مقارنة بالدول الأخرى، مما يعمق الضغوط المالية التي تعاني منها البلاد.

ارتفاع العائد على السندات يعكس حالة من عدم الاستقرار في الأسواق المالية الدولية وتزايد القلق بشأن قدرة الحكومة التونسية على سداد ديونها.

تصنيف وكالة "موديز" والتحسن النسبي في الوضع المالي

على الرغم من تصاعد الأزمة الاقتصادية، سجلت تونس تحسنًا طفيفًا في تصنيفها الائتماني، حيث رفعت وكالة "موديز" التصنيف من "Caa2" إلى "Caa1". 

ورغم هذا التحسن، يظل تصنيف البلاد دون الدرجة الاستثمارية، ويفسر خبراء الوكالة هذا التحسن بتراجع احتياجات تونس من التمويل الخارجي وتحسن احتياطيات النقد الأجنبي، لكن هذا التقييم لا يزيل القلق من الأزمات الاقتصادية الداخلية التي تقود البلاد نحو مزيد من التحديات.

الوضع الاجتماعي والسياسي… الاستمرار في البحث عن حلول

ما زالت تونس تعاني من مشاكل اجتماعية خطيرة منذ اندلاع ثورة الربيع العربي عام 2011، ورغم محاولة الحكومة التونسية تعزيز البرامج الاجتماعية، لا تزال الحاجة إلى تمويل كبير تضع ضغطًا هائلًا على الاقتصاد. 

يظل القطاع العام أحد أكبر مجالات العمل في البلاد، ومع مطالبات المتظاهرين بتوفير وظائف، يزداد الضغط على الحكومة التي فشلت في تحقيق الإصلاحات اللازمة لتلبية هذه المطالب.

Picture background

تأثير هذه التطورات على الحكومة القادمة

سيتعين على سارة الزعفراني، بصفتها رئيسة الحكومة الجديدة، أن تواجه العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي لا مفر من مواجهتها. 

تبرز مسألة كيفية إصلاح هيكل الاقتصاد التونسي وتوفير الحلول الملائمة للديون والأزمات الاجتماعية كأولوية للحكومة القادمة. 

ومن المتوقع أن تواجه الزعفراني ضغطًا هائلًا من الشارع التونسي ومن المؤسسات الدولية، التي تتوقع إصلاحات حقيقية تساعد في استعادة الاستقرار الاقتصادي.

ختامًا: إن إقالة رئيس الوزراء الثالث في عامين وتعيين سارة الزعفراني في هذا المنصب في ظل أزمة اقتصادية وسياسية عميقة يعكس الوضع المتأزم الذي تعيشه تونس. 

تستمر البلاد في مواجهة تحديات غير مسبوقة على مستوى السياسة والاقتصاد، وتتطلب هذه المرحلة استراتيجيات جريئة من الحكومة الجديدة لمعالجة الأزمات. 

وعلى الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية في تصنيف "موديز"، لا يزال الوضع المالي التونسي هشًا، مما يضع الحكومة أمام اختبار صعب في كيفية مواجهة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمالية الملحة.

Short Url

search