«تمكين المرأة» مفتاح النمو المستدام في الاقتصادات النامية
الثلاثاء، 01 أبريل 2025 06:37 م

تمكين المرأة
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
استعاد الاقتصاد العالمي جزءًا من استقراره بعد التحديات التي مر بها، لكن الاقتصادات النامية ما زالت تواجه العديد من التحديات.
وفي ظل السعي نحو تعزيز النمو المستدام، أصبح تمكين المرأة اقتصاديًا أمرٌ أساسي، لتحقيق هذا الهدف، فحينما تستطيع النساء والفتيات الاستفادة من إمكاناتهن الاقتصادية، يتحقق تأثير إيجابي يمتد إلى أسرهن ومجتمعاتهن المحلية، ما يعزز النمو الاقتصادي الشامل.

تمكين المرأة وأثره في الاقتصاد
تؤكد الدراسات الاقتصادية، أن استثمار الدول في الفرص الاقتصادية للنساء، له تأثير مضاعف في الحد من الفقر وتعزيز الرخاء، حيث تتمتع النساء بقدرة استثنائية على استثمار دخلهن، ويعدن استثمار ما يصل إلى 90% من دخلهن في أسرهن ومجتمعاتهن المحلية، ما يعزز من استدامة التنمية.
علاوة على ذلك، يُسهم العمل في توفير الكرامة للمرأة، ويعزز مكانتها في المجتمع، ويُعد مصدرًا للرفاهية المستدامة.
من جهة أخرى، تشير الدراسات إلى أن تحقيق المساواة بين الجنسين في مجالات العمل والأجور قد يساهم في زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة قد تصل إلى 20%.
لكن الواقع لا يزال بعيدًا عن هذه المثالية، حيث إن نسبة مشاركة النساء في سوق العمل على المستوى العالمي في عام 2023م، كانت 55% فقط، مقارنةً بنحو 75% للرجال، وفي بعض المناطق، تنخفض مشاركة النساء في سوق العمل إلى نحو 20% فقط.
تحديات مشاركة النساء في سوق العمل
ورغم تطور الاقتصادات في بعض الدول، تظل فرص المرأة في سوق العمل محدودة، وعند دخول المرأة إلى سوق العمل، تزداد احتمالية حصولها على وظائف غير رسمية وغير مستقرة، وأجورها عادة ما تكون منخفضة.
وتسعى الحكومات والمنظمات الدولية، لتوفير فرص أفضل للنساء، وخاصةً في المجالات المستقبلية مثل تكنولوجيا المعلومات والابتكار، لما لها من تأثير بالغ في الاقتصاد المستدام.
وفي المستقبل القريب، من المتوقع أن ينضم نحو 1.2 مليار شاب إلى سوق العمل، بينما قد يوفر سوق العمل فقط 420 مليون فرصة عمل جديدة، ما يخلق فجوة كبيرة في سوق العمل، خاصة بالنسبة للشابات، ومن هنا، تبرز الحاجة إلى سياسات تعليمية وتوظيفية، تدعم توفير فرص عمل حقيقية للنساء في المستقبل.

دور التعليم في تمكين النساء
يُعد التعليم من الركائز الأساسية لتمكين الشابات اقتصاديًا، حيث تُسهم الشابات المتعلمات في دخول سوق العمل الرسمي، وتحقيق مستويات دخل أعلى، إلا أن نسبة النساء الخريجات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، لا تزال أقل من 50% في معظم البلدان، ما يَحدُّ من فرصهن في المجالات ذات الأجر العالي والمستقبل الواعد.
ولذلك، أصبح دعم التعليم والتدريب المهني عنصرًا أساسيًا في استراتيجيات التنمية الاقتصادية التي ينفذها البنك الدولي، ومنظمات أخرى حول العالم، حيث يركز البنك الدولي، على الاستثمار في تعليم الفتيات والشابات، ودعم البرامج التي تسهل انتقالهن من الدراسة إلى العمل.
كما يركز على تعزيز المهارات العملية لتمكين النساء في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، التي تُعَدٌ من القطاعات الحيوية لاقتصاد المستقبل.
برامج تمكين المرأة في الاقتصادات النامية
وبالتوازي مع هذه الجهود، أطلق البنك الدولي العديد من البرامج التي تستهدف تمكين النساء في الاقتصاد، مثل برنامج "أزولي" في بنين الذي يهدف إلى معالجة مشكلة البطالة بين النساء والشباب في مجتمعات تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى التعليم أو فرص العمل.
كما تم إطلاق برامج أخرى في أسيا الوسطى وجنوب أسيا، مثل برنامج المساندة المجتمعية في قيرغيزستان، الذي يسعى إلى تقليص فجوة التوظيف بين الجنسين، من خلال تطوير المهارات وتحسين فرص العمل للشباب بشكل عام.
دور المرأة في القطاع الزراعي
تمثل النساء في العديد من الدول النامية، ركيزة أساسية للقطاع الزراعي، كما تشكل النساء حوالي 50% من القوى العاملة في الزراعة، ويقمن بدور محوري في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز التغذية.
ورغم هذه الأهمية، يواجه القطاع الزراعي، تحديات كبيرة تتعلق بالتمويل، وندرة الخدمات الإرشادية الزراعية، وصعوبة الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة.
إضافة إلى ذلك، يُعد حصول النساء على ملكية الأراضي، أحد أكبر التحديات التي تقف في طريقهن، حيث لا تمتلك النساء سوى 20% فقط من الأراضي الزراعية في العالم.
إن تمكين المرأة في القطاع الزراعي يتطلب إزالة هذه العقبات، مثل ضمان حق النساء في الوصول إلى الأراضي والموارد المالية، وتوفير التدريب والخدمات التي تساعدهن على تحسين إنتاجيتهن الزراعية.
من شأن ذلك أن يُسهم بشكل كبير في تحسين مستوى معيشة النساء وأسرهن، فضلًا عن تعزيز الأمن الغذائي على المستوى العالمي.

التحديات المستمرة في تعزيز تمكين المرأة
ورغم هذه الجهود المبدئية، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تعيق تمكين المرأة اقتصاديًا، ومن بين هذه التحديات، استمرار وجود فجوات كبيرة بين الجنسين في فرص العمل والأجور، إضافة إلى الصعوبات التي تواجهها النساء في الوصول إلى موارد التعليم والتدريب، خاصة في المجتمعات الريفية والفقيرة.
ختامًا، إن تمكين المرأة اقتصاديًا هو ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الشامل، ومن خلال توفير فرص التعليم والعمل اللائق للنساء، يمكننا تمكينهن من المساهمة في الاقتصاد بشكل فعّال، وبالتالي تحسين حياة أسرهن ومجتمعاتهن.
كما يجب أن تظلَّ السياسات الحكومية والمنظمات الدولية، مركزة على هذه الجهود، لضمان أن تكون النساء جزءًا محوريًا في المستقبل الاقتصادي العالمي.
Short Url
الصمغ العربي في الطب البديل، فوائد صحية واستخدامات طبيعية
02 أبريل 2025 08:37 م
«تقلبات وأزمات» كيف تواجه أسواق الطاقة العالمية تحديات 2025؟
02 أبريل 2025 07:32 م
«قياس النمو الاقتصادي» هل حان الوقت لإعادة النظر في الناتج المحلي الإجمالي؟
02 أبريل 2025 07:03 م


أكثر الكلمات انتشاراً