«100 تريليون دولار» الدين العالمي يرتفع وسط تحديات التضخم والتحول الأخضر
الخميس، 20 مارس 2025 07:11 م

الديون العالمية
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عن تقريرها السنوي الذي يظهر تجاوز الدين العالمي 100 تريليون دولار في عام 2024.
مع ارتفاع تكاليف الفائدة على السندات الحكومية والشركات، تواجه الاقتصادات العالمية تحديات مالية كبيرة، ويعكس هذا التطور تصاعد العبء المالي على الدول والحكومات والشركات في وقت يعاني فيه العالم من مجموعة من التحديات الاقتصادية والسياسية الكبرى.

الارتفاع الكبير في الدين العالمي
تجاوزت السندات الحكومية وسندات الشركات المتداولة عالميًا حاجز 100 تريليون دولار، ما يبرز الحجم الضخم للدين العالمي في ظل ارتفاع تكاليف الفائدة.
في ظل هذه الظروف، يشير التقرير إلى أن تكاليف الفائدة أصبحت تشكل جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي للدول، حيث ارتفعت إلى أعلى مستوياتها خلال العقدين الماضيين.
يتأثر هذا الارتفاع بشكل خاص بالسياسات النقدية للبنوك المركزية التي بدأت في رفع أسعار الفائدة في عام 2022 لمكافحة التضخم.
عبء الفائدة وارتفاع التكاليف
استمرت تكاليف الفائدة في الارتفاع حتى عام 2024 رغم التوقعات بخفض الفائدة من قبل البنوك المركزية، كما تشير البيانات إلى أن مدفوعات الفائدة الحكومية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بلغت 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
بالمقارنة، يفوق هذا المعدل الإنفاق الحكومي على الدفاع في بعض الدول، ويعكس ذلك كيف أن الأعباء المالية الناتجة عن الفائدة تزداد على حساب الاستثمارات في مجالات أخرى مثل الدفاع والتنمية الاجتماعية.

التحديات الاقتصادية الحالية
في وقت ترتفع فيه تكاليف الدين، تواجه الحكومات في دول عدة تحديات ضخمة تتعلق بالإنفاق العام، وفي ألمانيا على سبيل المثال، وافق البرلمان على خطة تمويل ضخمة للبنية التحتية ودعم الدفاع الأوروبي.
تسعى العديد من الدول إلى تمويل مشروعات ضخمة تشمل التحول الأخضر، والتي من المتوقع أن تتطلب استثمارات ضخمة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
إلى جانب ذلك، تواجه هذه الدول تأثيرات شيخوخة السكان التي تتطلب المزيد من الإنفاق على الرعاية الصحية والتقاعد.
مخاطر إعادة تمويل الديون
أحد أبرز التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي هو موعد استحقاق الديون الضخمة التي لم يتم سدادها بعد، وتشير البيانات إلى أن نصف الديون الحكومية في الدول المتقدمة والأسواق الناشئة ستستحق بحلول عام 2027.
كما إن ثلث ديون الشركات ستستحق أيضًا خلال الفترة نفسها. في ظل ارتفاع تكاليف الدين، يجب أن تضمن الحكومات والشركات أن هذه الديون تُوجه نحو استثمارات تدعم النمو الاقتصادي طويل الأجل والإنتاجية.

التحول الأخضر والضغوط المالية
يمثل التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون تحديًا كبيرًا، حيث أظهر تقرير المنظمة أن الأسواق الناشئة، باستثناء الصين، ستحتاج إلى عشرة تريليونات دولار لتمويل أهدافها المتعلقة باتفاقية باريس للمناخ بحلول عام 2050.
يشير التقرير إلى أن هذا التمويل قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، وفي حالة تمويل هذه الاستثمارات عبر القطاع الخاص، فإن شركات الطاقة في الأسواق الناشئة ستضطر إلى مضاعفة ديونها بشكل كبير.
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الدين العالمي
تشير البيانات أيضًا إلى أن التوترات الجيوسياسية تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل معالم سوق الدين العالمي، ورغم إن البنوك المركزية كانت تاريخيًا المشتري الرئيسي للسندات الحكومية، فقد شهدت الفترة الأخيرة تقلص حيازاتها من هذه السندات لصالح المستثمرين الأجانب والأسر.
في ظل هذه البيئة، يتزايد عدم اليقين التجاري والسياسي، مما قد يؤدي إلى تغيرات مفاجئة في معنويات المستثمرين ويؤثر على تدفقات الاستثمار العالمية.
قد تسهم هذه التوترات في زيادة المخاطر المالية على المستوى العالمي، وهو ما يشكل تحديًا أمام الاقتصادات الكبرى التي تعتمد على التمويل الخارجي.
التوقعات المستقبلية للدين العالمي
نظرًا لارتفاع تكاليف الدين وأعباء الفائدة المتزايدة، يُتوقع أن تظل الأسواق المالية تحت ضغط في السنوات القادمة.
قد تتزايد التحديات المالية في ظل الحاجة إلى تمويل مشروعات ضخمة مثل التحول الأخضر وتمويل البنية التحتية، بالإضافة إلى إعادة تمويل الديون التي تلوح في الأفق.
وفي الوقت ذاته، يتزايد الضغط على الحكومات والشركات لضمان استدامة النمو الاقتصادي في ظل هذه العوامل المؤثرة.
_1773_065336.jpg)
ختامًا: يتجاوز الدين العالمي حاليًا حاجز 100 تريليون دولار، مما يعكس التحديات الكبرى التي تواجهها الحكومات والشركات في التعامل مع تكاليف الفائدة المرتفعة.
ومع قرب استحقاق نصف الديون الحكومية في الأسواق الناشئة والمتقدمة، يصبح من الضروري توجيه هذه الديون نحو استثمارات تدعم النمو طويل الأجل والإنتاجية.
كما إن تمويل التحول الأخضر سيظل أحد أكبر التحديات المالية في العقود المقبلة، وسط توترات جيوسياسية قد تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
Short Url
«تمديد الإعفاء» أمريكا تحمي إمدادات الغاز التركية من العقوبات الروسية
20 مارس 2025 06:41 م
سياسة «التصنيع الرشيق» استراتيجية مبتكرة لتحسين الجودة وتقليص التكاليف
20 مارس 2025 05:16 م
استراتيجيات استثمارية فعالة لتحقيق عوائد مستدامة 2025
20 مارس 2025 04:06 م


أكثر الكلمات انتشاراً