الثلاثاء، 18 مارس 2025

01:16 ص

«2.2% تضخمًا في الأفق» المركزي الأوروبي يضع خططًا لتحقيق النمو المستدام

الإثنين، 17 مارس 2025 10:57 ص

البنك المركزي الأوروبي

البنك المركزي الأوروبي

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

يتجه البنك المركزي الأوروبي نحو تعديل سياسته النقدية لتخفيف حدة التيسير النقدي، حيث يتوقع المحللون إجراء خفضين إضافيين لأسعار الفائدة في الشهور القادمة، مع احتمالية تباطؤ في وتيرة هذه التخفيضات نظرًا للتغيرات التي طرأت على الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو. 

هذا التوجه يتزامن مع زيادة الإنفاق العسكري الأوروبي، الذي يُتوقع أن يدعم نمو الاقتصاد ولكن قد يثير أيضًا مخاوف بشأن التضخم المستقبلي.

توجهات السياسة النقدية

يُتوقع أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين في أبريل ويونيو من هذا العام، ليصل بذلك سعر الفائدة على الودائع إلى 2%. 

يأتي هذا التوقع بعد سلسلة من التخفيضات السابقة التي بلغت ستة في الأشهر الماضية، ومع ذلك، يعكس الاستطلاع تراجعًا طفيفًا في الرهانات على التيسير النقدي المستمر، حيث بدأ المحللون في تعديل توقعاتهم بشكل تدريجي.

كان من المتوقع سابقًا أن يشهد البنك المركزي الأوروبي خفضًا أعمق لأسعار الفائدة، ولكن مع المستجدات الاقتصادية الأخيرة، يظل السعر الحالي للفائدة على الودائع عند 2.5%، ومن غير المتوقع أن ينخفض إلى أقل من 2% حتى نهاية فترة التوقعات. 

يُلاحظ أن هناك تراجعًا في الرهانات على المزيد من التيسير النقدي في المستقبل القريب، وهو ما يشير إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد يكون في مرحلة إعادة تقييم لسياساته بناءً على الظروف الاقتصادية الراهنة.

زيادة الإنفاق العسكري الأوروبي وتأثيره على التضخم والنمو

بجانب السياسة النقدية، تزداد أهمية الإنفاق الحكومي في تعزيز الاقتصاد، خصوصًا مع زيادة الاستثمارات الأوروبية في مجال الدفاع. 

أعلنت الحكومات الأوروبية عن خطط كبيرة لزيادة الإنفاق العسكري، وهو ما يُتوقع أن يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي الذي يُواجه حالة من الضعف في ظل التضخم المرتفع.

تعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية طويلة المدى لمواجهة التحديات الأمنية وتحقيق الاستقرار في المنطقة، وعلى الرغم من أن هذا الإنفاق يُتوقع أن يعزز نمو الاقتصاد الأوروبي على المدى القصير، إلا أن المحللين يحذرون من أن زيادة الإنفاق قد تؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية، خصوصًا في فترة لاحقة من العقد الحالي.

أوضح ماركو واجنر، المحلل الاقتصادي لدى مصرف "كوميرتس بنك"، أن الإنفاق العسكري سيسهم في تعزيز الضغوط التضخمية في النصف الثاني من 2026، في إشارة إلى أن زيادة الإنفاق ستؤدي إلى صعوبة في السيطرة على التضخم خلال السنوات القادمة. 

كما دعم محافظ البنك المركزي النمساوي، روبرت هولتسمان، هذا الرأي، حيث أشار إلى أن على البنك المركزي الأوروبي التريث في قراراته المقبلة بشأن تخفيضات الفائدة.

التوقعات الاقتصادية للمنطقة

من المتوقع أن يسجل اقتصاد منطقة اليورو نموًا طفيفًا خلال السنوات المقبلة، مع تقديرات تشير إلى نمو بنسبة 0.9% في العام 2025، و1.2% في 2026، و1.5% في 2027. 

تعكس هذه التوقعات احتمالية انتعاش تدريجي في الاقتصاد الأوروبي، مدعومًا بزيادة الإنفاق الحكومي الذي يعزز الطلب المحلي.

من ناحية أخرى، يتوقع المحللون أن يشهد التضخم بعض التسارع في السنوات المقبلة، حيث يُتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 2.2% في 2025، ثم ينخفض تدريجيًا إلى 2% في 2026 و2.1% في 2027. 

تشير هذه التوقعات إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه تحديات في تحقيق هدف التضخم الذي يضعه عند 2%، مع استمرار الضغوط التضخمية الناجمة عن السياسات المالية والنقدية.

التحديات الاقتصادية المستقبلية

رغم أن النمو المتوقع في الاقتصاد الأوروبي قد يساهم في رفع مستويات الاستهلاك والاستثمار، فإن العديد من التحديات الاقتصادية لا تزال قائمة. 

ومن بين هذه التحديات، تبرز المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية على التجارة الدولية، والتي قد تؤدي إلى إبطاء التعافي الاقتصادي في بعض الدول الأوروبية. 

كما إن استمرار التوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة، وبين أوروبا ودول أخرى مثل الصين من جهة أخرى، قد يؤثر سلبًا على التوقعات الاقتصادية في المنطقة.

آفاق السياسة النقدية في ظل الظروف الجديدة

تواجه منطقة اليورو حاليًا تحديات متشابكة في ظل ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، وعلى الرغم من أن خفض أسعار الفائدة يُعتبر أحد الأدوات الرئيسية التي يعتمد عليها البنك المركزي الأوروبي لتحفيز الاقتصاد، إلا أن الوضع الحالي يتطلب المزيد من الحذر في اتخاذ قرارات السياسة النقدية.

من المهم أيضًا ملاحظة أن الزيادة في الإنفاق العسكري الأوروبي، رغم إيجابياتها على المدى القصير، قد تساهم في ضغوط تضخمية في السنوات القادمة، وهو ما يتطلب من البنك المركزي الأوروبي توخي الحذر في التعامل مع هذه التغيرات.

ختامًا: تبقى السياسة النقدية والبُعد المالي في المنطقة محورًا رئيسيًا لتحقيق استقرار النمو الاقتصادي والتضخم، ومع تقليص وتيرة التيسير النقدي، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين تحفيز النمو والحد من الضغوط التضخمية.

Short Url

showcase
showcase
search