رحلة «إيمارو كازانوفا» من الهندسة إلى عالم الاستثمار في الذهب!

تتبع إيمارو كازانوفا نهجًا عميقًا في عالم الاستثمار، حيث تركز على أسهم شركات التعدين بدلًا من السبائك الذهبية، ويعد هذا النهج رهانًا ممولًا بالاستدانة، ما يجعله أكثر خطورة، لكنه قد يحقق عوائدًا أعلى.

رحلة إيمارو كازانوفا إلى عالم الاستثمار

وفي عام 1991م، حصلت كازانوفا على منحة دراسية خارج فنزويلا، وانتقلت إلى دنفر دون أن تعرف الإنجليزية، حيث التحقت بجامعة كولورادو للمناجم، وبدأت مسيرتها في الهندسة الميكانيكية، قبل أن تتجه إلى الاستثمار في الذهب.

أما اليوم، تدير صندوق فان إيك للاستثمار في الذهب بقيمة 700 مليون دولار، والذي يضم أسهم شركات تعدين مثل بان أميريكان سيلفر، المالكة لمنجم ذهب في البرازيل، والذي يحتوي على كميات تتراوح بين 100 و280 طنًا من الذهب، أي ما يعادل 8.6 إلى 22 مليار دولار وفقًا للأسعار الحالية، وبحسب ما نشرته مجلة فوربس الأمريكية. 

أداء صندوق فان إيك مقارنة بالمنافسين

وحقق صندوق فان إيك خلال العقد الماضي عائدًا سنويًا بنسبة 6.3% بعد خصم المصروفات البالغة 1.4%، وبالرغم من تفوقه على متوسط فئة المعادن النفيسة البالغ 5.1% وفق حسابات مورنينغ ستار، إلا أنه لا يزال أقل من العوائد التي يمكن تحقيقها، عبر بعض صناديق المؤشرات.

لماذا الاستثمار في الذهب؟

يُستخدم نصف إنتاج الذهب في صناعة المجوهرات والمكونات الإلكترونية، لكنه يشتهر أيضًا بكونه أداة للتحوط ضد التضخم، إذ يظل ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات الاقتصادية، وفي عام 2024م، ارتفع سعر الذهب بنسبة 27%، ما عزز جاذبيته كأداة استثمارية.

استثمارات جريئة ورحلات ميدانية خطرة

في مقر شركة فان إيك في مانهاتن، يبدو مكتب كازانوفا أكثر أمانًا من الطائرات التي تستقلها لزيارة المناجم في غانا، المكسيك، وروسيا، حيث تُجري هذه الزيارات لمتابعة العمليات واكتساب معلومات ميدانية، حول جودة الخام واتجاهاته، حيث يتم تقييم الذهب بالغرام لكل طن، وأي زيادة طفيفة في النسبة، قد ترفع من قيمة الاكتشافات.

الذهب مقابل البيتكوين

وينافس الذهب البيتكوين كأداة لحفظ القيمة، فكلاهما يتميز بعرض محدود، لكن مع استمرار عمليات التنقيب لآلاف السنين، أصبح العثور على رواسب ذهب كبيرة أكثر صعوبة، كما أن تصاريح تشغيل المناجم، باتت أكثر تعقيدًا.

مزايا الاستثمار في أسهم التعدين

ويتميز الاستثمار في أسهم شركات التعدين، عن امتلاك السبائك بمزايا رئيسية، أبرزها:-

تحقيق الأرباح المستمرة:- تستطيع شركات التعدين، تحقيق أرباح حتى في ظل استقرار أسعار الذهب، حيث تتداول 40 شركة في محفظة فان إيك، بمتوسط مضاعف ربحية يبلغ 11 ضعفًا، مقارنة بـ21 ضعفًا للسوق الأوسع.

الرافعة المالية:- والتي تتيح للمستثمرين، استخدام أموال مقتَرَضة لتحقيق عوائد أعلى، إذ تنفق شركة بان أميريكان 1,516 دولار لاستخراج أونصة واحدة من الذهب، وأي ارتفاع بنسبة 50% في سعر الذهب، قد يؤدي إلى مضاعفة الأرباح، لكنه في المقابل، يزيد من المخاطر إذا انخفضت الأسعار.

من الهندسة إلى وول ستريت

حصلت كازانوفا، على شهادة في الهندسة الميكانيكية من جامعة كيس ويسترن، ثم عملت في شركات مواد التشحيم والمواد اللاصقة، قبل انضمامها إلى شركة شل للنفط، حيث كانت تقيس أنابيب الحفر على متن قارب في بحيرة ماراكايبو.

ثم انتقلت لاحقًا إلى وول ستريت للعمل في قطاع البحوث المالية، واستفادت من خبرتها في تقييم النفط (الذهب الأسود)، للانتقال إلى تحليل الذهب الأصفر، كما انضمت إلى فان إيك عام 2011م، وتولت إدارة صندوق الذهب النشط في 2023م.

مخاطر تحت الأرض وأخرى سياسية

وإلى جانب تقلبات الأسعار، تواجه كازانوفا تحديات ميدانية، مثل الحاجة إلى معدات الأمان في المناجم، وأيضًا المخاطر البيئية الناتجة عن معالجة الخام بالسيانيد، لكن الخطر الأكبر قد يكون في التدخلات السياسية، حيث يمكن للحكومات، تغيير القوانين أو فرض ضرائب غير متوقعة على الشركات.

التحديات السياسية وتأثيرها على الاستثمار

كما تدرك كازانوفا، تأثير القرارات الحكومية على الاستثمارات، فقد أدى تدخل الحكومة الفنزويلية في قطاع النفط، إلى انخفاض إنتاج البلاد بمقدار الثلثين، كما أن حكومة مالي طالبت بحصة أكبر في مناجم شركة باريك غولد بعد استثمار 10 مليارات دولار، ما أدى إلى ملاحقة بعض المسؤولين التنفيذيين، حتى في الولايات المتحدة، ولم تسلم المشاريع الاستثمارية من التدخل الحكومي، مثل إلغاء تصريح خط أنابيب كيستون، رغم استثمار 2.2 مليار دولار فيه.

كيف تستثمر بذكاء؟

عانت أسهم شركات تعدين الذهب من تقلبات في العام الماضي، حيث لم ترتفع بنفس وتيرة ارتفاع سعر الذهب بسبب تأثير الرافعة المالية، ومع ذلك، تبدو هذه الأسهم الآن، مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية، ما يجعلها فرصة استثمارية جذابة.

خيارات الاستثمار المتاحة:-

• صندوق فان إيك النشط (VanEck International Investors Gold Fund):- يفرض رسوم مبيعات إلى جانب 1.4% من النفقات السنوية.
• صندوق المؤشرات (Gold Miners ETF):- والذي يوفر خيارًا بتكاليفٍ أقل، بفارق عرض/طلب 0.1% ونفقات سنوية 0.5%.
• صندوق SPDR Gold MiniShares:- ويقدم خيارًا للاستثمار في السبائك بتكلفة أقل، مع فارق عرض/طلب 0.04% ونفقات 0.1%.

في النهاية، يعد الاستثمار في أسهم الذهب، أكثر خطورة من امتلاك السبائك، لكنه قد يحقق عوائدًا أعلى، ورغم أن النقد يبدو أكثر أمانًا، فإن التضخم المستمر، قد يجعل حتى سعر البيض مصدر قلقٍ، ما يعزز الحاجة إلى التحوط بالذهب.