«من أجل غدٍ أنقى» السعودية في طريقها لبيئة نظيفة ومستدامة بحلول 2030
الثلاثاء، 11 مارس 2025 08:37 م

الحياد الصفري
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تعد المملكة العربية السعودية من الدول السباقة في تبني المبادرات البيئية العالمية، حيث وضعت حماية البيئة على رأس أولوياتها ضمن استراتيجياتها التنموية.
من أبرز هذه المبادرات كان التخلص التدريجي من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، حيث أعلنت المملكة في بيان حديث عن نجاحها في التخلص من 65% من هذه المواد خلال فترة 12 عامًا، من عام 2012 حتى 2024.
هذا الإنجاز الكبير يأتي في إطار جهودها لتحقيق الحياد الصفري في هذا المجال بحلول عام 2030، وهو ما يعكس التزام السعودية بحماية البيئة والحد من التأثيرات السلبية التي يمكن أن تتسبب بها المواد الكيميائية الضارة على طبقة الأوزون.

مفهوم المواد المستنفدة لطبقة الأوزون
المواد المستنفدة لطبقة الأوزون هي تلك المركبات الكيميائية التي تؤدي إلى تدمير طبقة الأوزون، والتي تعد من أهم الحواجز الطبيعية التي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
وتشمل هذه المواد مركبات الهيدروفلوروكربون (HFC) والكلوروفلوروكربون (CFC)، والتي كانت تستخدم بشكل واسع في العديد من التطبيقات مثل أنظمة التبريد، والتكييف، والبخاخات الهوائية، ومبردات الأطعمة.
هذه المواد تؤثر بشكل مباشر على طبقة الأوزون، مما يزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد والأمراض العينية، بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية على النظام البيئي بشكل عام.
تاريخ السعودية في مجال حماية البيئة
منذ انضمام المملكة إلى بروتوكول مونتريال في عام 1989، الذي يهدف إلى تقليص إنتاج واستهلاك المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، أصبحت السعودية جزءًا من المجتمع الدولي الذي يتعاون في إطار هذا البروتوكول.
وقد أظهرت المملكة التزامًا كبيرًا بتنفيذ اتفاقيات حماية البيئة، إذ بدأت بتطوير سياسات وخطط وطنية لمعالجة هذه المواد وتخفيف تأثيراتها.
في عام 2012، أطلقت المملكة أولى مبادراتها الكبرى للتخلص التدريجي من المواد الضارة بالأوزون، فمن خلال مشروع الخفض التدريجي للمواد المستنفدة، بدأت المملكة في تنفيذ إجراءات صارمة للحد من استخدام هذه المواد وتقديم بدائل صديقة للبيئة.
وعلى مدار الأعوام الماضية، أثمرت هذه الجهود بشكل كبير، مما جعل المملكة تحقق تقدمًا ملحوظًا في التخلص من 65% من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون بحلول عام 2024.
أهداف المملكة 2030 نحو الحياد الصفري
يعد الوصول إلى الحياد الصفري في المواد المستنفدة لطبقة الأوزون بحلول عام 2030 هدفًا طموحًا، إلا أن المملكة تُظهر تصميمًا كبيرًا في تحقيق هذا الهدف.
الحياد الصفري يعني أن المملكة ستتوقف تمامًا عن استخدام المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وستعتمد على مواد بديلة وآمنة بيئيًا لا تؤثر على طبقة الأوزون أو البيئة بشكل عام.
يتماشى هذا الهدف مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة والحفاظ على البيئة، بما يضمن صحة الأجيال القادمة ويسهم في تعزيز مكانة المملكة كداعم رئيسي للبيئة على مستوى العالم.

التعاون مع الهيئات الدولية والمحلية
من أجل تحقيق أهدافها البيئية، تتعاون المملكة بشكل وثيق مع العديد من الهيئات المحلية والدولية، حيث أشار الدكتور محمد بن عتيق الدوسري، مدير عام الإدارة العامة للأوزون والسلامة الكيميائية، إلى أهمية التعاون بين المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
هذا التعاون يتمثل في استخدام نظام الربط الإلكتروني الذي يسهل عمليات فسح المواد المستنفدة لطبقة الأوزون ويعزز الكفاءة والشفافية، مما يسهم في تقديم خدمات سريعة وفعالة للمنشآت والهيئات المعنية.
إضافة إلى ذلك، تعمل المملكة على بناء قاعدة بيانات متكاملة عن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون لضمان حوكمة استيراد وتداول المركبات الهيدروفلورية.
هذه الخطوة تعد من المبادرات الاستراتيجية المهمة، إذ تساعد على متابعة استخدام هذه المواد وتحديد مصادرها وأوجه استهلاكها، مما يضمن الالتزام بالمعايير البيئية المعتمدة.
التوجهات المستقبلية للمملكة في مجال البيئة
في إطار التوجهات المستقبلية، تواصل المملكة استثماراتها في مشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة التي لا تؤثر سلبًا على البيئة.
وقد أعلن المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي عن فسح 24 ألف طن متري من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون وبدائلها الصديقة للبيئة في عام 2024، مما يعكس الجهود المستمرة للحد من التأثيرات السلبية لهذه المواد.
من المتوقع أن تواصل المملكة تنفيذ المشاريع الرائدة في مجال الطاقة النظيفة مثل مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي تساهم بشكل مباشر في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وبالتالي المساهمة في حماية طبقة الأوزون والمناخ بشكل عام، ومن خلال هذه المشاريع، تهدف المملكة إلى تحقيق التنمية المستدامة وتوفير بيئة صحية وآمنة للأجيال القادمة.

ختامًا: التزام المملكة العربية السعودية بحماية البيئة يعد نموذجًا يحتذى به في المنطقة والعالم. من خلال التخلص التدريجي من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون وتبنّي بدائل آمنة بيئيًا، تظهر المملكة عزمها على حماية كوكب الأرض والحفاظ على صحته للأجيال القادمة.
كما إن رؤية المملكة 2030 التي تركز على الاستدامة البيئية تمثل خارطة طريق واضحة لبلوغ الحياد الصفري في هذا المجال بحلول عام 2030.
هذه الخطوات الجادة تسهم في تعزيز مكانة المملكة كداعم رئيسي للممارسات البيئية العالمية، وتدعم التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
Short Url
مبادرة "ابدأ"، نقلة نوعية في الصناعة المصرية وفرص جديدة للنمو الاقتصادي
11 مارس 2025 03:24 م
سوق العقارات في مصر، نمو مستدام وتحديات مستقبلية
11 مارس 2025 02:22 م
توطين الصناعات السبيل الأقوى لدفع الاقتصاد الوطني إلى الأمام
11 مارس 2025 11:30 ص


أكثر الكلمات انتشاراً