الأربعاء، 12 مارس 2025

08:20 ص

نمو 2.2% رغم الركود، الاقتصاد الياباني بين التحديات والفرص

الثلاثاء، 11 مارس 2025 07:56 م

 الاقتصاد الياباني

الاقتصاد الياباني

كتب/كريم قنديل

يُعتبر الاقتصاد الياباني واحدًا من أكبر اقتصادات العالم، حيث يحتل المرتبة الرابعة عالميًا من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الرغم من النمو السريع الذي شهده بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أنه واجه تحديات كبيرة منذ التسعينيات أدت إلى فترة من الركود المستمر، تعتمد اليابان على الصناعات التحويلية المتقدمة، حيث تُعد واحدة من أكبر منتجي السيارات والإلكترونيات، لكن محدودية الموارد الطبيعية تفرض عليها اعتمادًا كبيرًا على التجارة الخارجية.

علم اليابان

التطور الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، كان الاقتصاد الياباني في حالة دمار كامل، وخلال فترة الاحتلال الأمريكي، تم تنفيذ إصلاحات اقتصادية مهمة، ساعدت في إعادة بناء الاقتصاد، كان للحرب الكورية عام 1950 دور كبير في تعزيز الطلب على المنتجات اليابانية، ما أسهم في انطلاقة اقتصادية كبرى استمرت لعقود.

التوسع الصناعي والنمو الاقتصادي

شهدت اليابان نموًا غير مسبوق خلال الخمسينيات والستينيات، حيث تم توجيه الاستثمارات إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز الصناعات التحويلية، واعتمدت اليابان على سياسة تصدير قوية مدعومة بسوق محلية متنامية، ومع ذلك بدأ معدل النمو بالتباطؤ في السبعينيات نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع قيمة الين، إضافة إلى أزمات النفط العالمية.

الين مقابل الدولار

تحديات الثمانينيات والتسعينيات

في الثمانينيات، ارتفع مستوى المعيشة في اليابان، ووافقت الحكومة على رفع قيمة الين مقابل الدولار، مما أدى إلى زيادة تكلفة الصادرات اليابانية، في الوقت نفسه شهدت البلاد فقاعة اقتصادية في أسعار الأسهم والعقارات، والتي انفجرت في بداية التسعينيات، مما أدى إلى دخول اليابان في فترة ركود استمرت لعقد كامل.

العقد الضائع وتأثير الأزمات الاقتصادية

عُرف عقد التسعينيات في اليابان بـ"العقد الضائع" بسبب الركود الاقتصادي الممتد، رغم تطبيق سياسات تحفيزية مختلفة، لم يتمكن الاقتصاد من استعادة زخم النمو القوي، وفي عام 2008 تأثر الاقتصاد الياباني بشدة جراء الأزمة المالية العالمية، ما زاد من تعقيد التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

التجارة الخارجية

التجارة الخارجية.. الصادرات والواردات

الصادرات: حققت اليابان فائضًا تجاريًا مستدامًا منذ الستينيات، بفضل قوة قطاعها الصناعي وتنوع صادراتها من السيارات والمعدات الإلكترونية والآلات المتطورة، رغم ذلك تواجه الصادرات اليابانية منافسة شرسة من دول أخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية.

الواردات: تعتمد اليابان بشكل كبير على الواردات بسبب محدودية مواردها الطبيعية، وتشمل الواردات الأساسية الوقود والمواد الخام والمواد الغذائية، خلال العقود الأخيرة انفتحت الأسواق اليابانية أكثر على السلع الأجنبية نتيجة الضغوط الدولية، لا سيما من الولايات المتحدة.

قطاع الطاقة في اليابان

تعتمد اليابان بشكل أساسي على استيراد الطاقة، حيث يأتي معظم النفط والغاز من الخارج، خلال العقود الأخيرة، زادت اليابان من اعتمادها على الغاز الطبيعي والفحم لتقليل اعتمادها على النفط الأجنبي، وتسعى الحكومة اليابانية لتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

التحديات المستقبلية والفرص

الشيخوخة السكانية: تواجه اليابان مشكلة انخفاض معدل المواليد وارتفاع نسبة كبار السن، مما يؤدي إلى تقلص القوى العاملة.

المنافسة العالمية: تزداد المنافسة في الأسواق العالمية من قبل الصين وكوريا الجنوبية ودول أخرى.

التكنولوجيا والابتكار: تظل اليابان رائدة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، حيث يمكن لهذا القطاع أن يكون المحرك الأساسي لنموها الاقتصادي المستقبلي.

التعافي من الأزمات الاقتصادية: رغم تحقيق نمو بنسبة 2.2% في الربع الأخير من العام الماضي، لا يزال الاقتصاد الياباني يواجه تحديات في تحقيق استدامة هذا النمو.

الاقتصاد الياباني

نمو الاقتصاد الياباني في الربع الأخير من 2024

سجل الاقتصاد الياباني نموًا بنسبة 0.6% خلال الربع الأخير من العام الماضي، وفقًا للبيانات المعدلة الصادرة عن مكتب الحكومة اليابانية اليوم الثلاثاء، وذلك بعد احتساب المتغيرات الموسمية، وكانت التقديرات الأولية قد أشارت إلى نمو بنسبة 0.7% مقارنة بـ 0.3% خلال الربع الثالث.

وعلى أساس سنوي، حقق ثالث أكبر اقتصاد في العالم نموًا بنسبة 2.2% خلال الربع الأخير، متجاوزًا معدل 1.2% المسجل في الربع السابق، لكنه جاء أقل من التقديرات السابقة التي توقعت نموًا بنسبة 2.8%.

وفيما يخص الإنفاق الرأسمالي، فقد ارتفع بنسبة 0.6% خلال نفس الفترة، متجاوزًا توقعات المحللين التي أشارت إلى زيادة بنسبة 0.5%، وذلك بعد تراجع طفيف بنسبة 0.1% في الربع الثالث.

أما على صعيد الطلب الخارجي، فقد شهدت صادرات السلع والخدمات اليابانية ارتفاعًا بنسبة 0.7%، بينما استقر الطلب الاستهلاكي الخاص دون تغيير يُذكر.

يبقى الاقتصاد الياباني واحدًا من أكثر الاقتصادات تطورًا في العالم، مدعومًا بتكنولوجيا متقدمة وصناعات قوية، ورغم التحديات العديدة التي يواجهها، فإن اليابان تمتلك القدرة على التكيف والاستمرار في تحقيق نمو اقتصادي مستدام إذا تمكنت من مواجهة تحديات الشيخوخة السكانية وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا.

Short Url

showcase
showcase
search