وول ستريت تحت الحصار، خسائر تريليونية تهز الأسواق وترفع الذهب إلى القمة
الثلاثاء، 11 مارس 2025 07:01 م

دونالد ترامب
تحليل/كريم قنديل
شهدت وول ستريت واحدة من أسوأ العواصف المالية في تاريخها الحديث، حيث فقدت سوق الأسهم الأميركية ما يقارب 3.5 تريليون دولار في أسبوعين فقط، وهو ما يعادل حجم الاقتصاد البريطاني بالكامل، جاءت هذه الخسائر الضخمة كنتيجة مباشرة للسياسات الجمركية التي فرضتها إدارة دونالد ترامب، والتي أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وإلغاء خطط خفض الفائدة، مما انعكس سلبًا على المستثمرين وأدى إلى انهيارات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

لم تكن شركات التكنولوجيا العملاقة بمنأى عن هذه التداعيات، حيث تعرضت لضربات قوية، فقد خسرت شركة إنفيديا وحدها 1.2 تريليون دولار من قيمتها السوقية خلال شهرين فقط، وهو ما يعكس حجم التأثير العميق لهذه الأزمة.
الرسوم الجمركية.. سلاح ترامب الذي ارتد عليه
استخدم ترامب الرسوم الجمركية كأداة للضغط على الخصوم التجاريين، لكن هذه السياسة جاءت بنتائج عكسية وغير متوقعة، حيث دفعت وول ستريت فاتورة باهظة، إذ بلغت الخسائر الإجمالية منذ فوز ترامب في الانتخابات نحو 6.5 تريليون دولار، وتعرضت أكبر ست شركات تكنولوجيا أميركية لخسائر بلغت 2.2 تريليون دولار منذ بداية العام، وهو رقم يتجاوز إجمالي القيمة السوقية للبورصتين الأسترالية والنيوزيلندية مجتمعتين، مما يظهر بوضوح التأثير السلبي للحرب التجارية على الاقتصاد الأميركي ككل.

الدولار في مهب الريح
وفي ظل هذه الاضطرابات المالية، تراجع الدولار الأميركي ليصبح أسوأ العملات الرئيسية أداءً منذ بداية العام، حيث سجل مؤشر الدولار أكبر خسارة أسبوعية له منذ عامين، وانخفض إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر، وعزا المحللون هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها الضبابية المحيطة بالسياسات الجمركية لإدارة ترامب، وضعف أداء الاقتصاد الأميركي، بالإضافة إلى ارتفاع الدين العام الأميركي إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت 36.5 تريليون دولار، كما لعب التعافي القوي لليورو دورًا في تفاقم أزمة العملة الأميركية، حيث سجل أفضل أداء أسبوعي له منذ 16 عامًا.
الاقتصاد الأميركي تحت الضغط
إن السياسات الاقتصادية التي انتهجتها إدارة ترامب أسهمت في تباطؤ الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدل البطالة، وهو ما أدى إلى تراجع الثقة في الدولار الأميركي على المدى القصير، كما تعمدت إدارة ترامب إبطاء الاقتصاد الأميركي ورفع معدلات البطالة بهدف خفض نسب الفائدة، مما أدى إلى هبوط تقييمات الأسهم، لا سيما في قطاع التكنولوجيا. بل بدأ المستثمرين في التخلص من الأسهم ذات القيم المرتفعة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الخسائر في وول ستريت.

أزمة السندات الأميركية تلوح في الأفق
تواجه سوق السندات الأميركية تحديات كبيرة، إذ تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة تمويل 3.8 تريليون دولار من السندات خلال الأشهر الستة المقبلة، هذه الديون التي أُصدرت خلال فترات الفائدة المنخفضة أثناء أزمة كوفيد-19، ستصبح أكثر تكلفة في ظل معدلات الفائدة المرتفعة الحالية، مما يزيد الضغوط على الاقتصاد الأميركي بشكل عام.
شركات التكنولوجيا في مرمى النيران
تعرضت أسهم شركات التكنولوجيا لضغوط كبيرة، حيث تغيرت توقعات النمو لهذه الشركات بشكل جذري، وارتفعت تكاليف التشغيل والعقوبات التجارية المفروضة على الشركات الأميركية، خاصة في أسواق مثل الصين وأوروبا، حيث أدت إلى تراجع قيمتها السوقية بشكل ملحوظ، كما باتت السيولة النقدية عنصرًا أساسيًا في استراتيجيات المستثمرين الكبار، خصوصًا مع ارتفاع نسبة الديون الأميركية التي تحتاج إلى إعادة تمويل.
فرص استثمارية رغم الأزمات
ورغم هذه التحديات، يرى الخبراء أن الاقتصاد الأميركي لا يزال الأقوى على المدى الطويل، حيث توجد فرص استثمارية واعدة في أسواق الأسهم بعد التراجعات الكبيرة التي شهدتها، ومع ذلك، فإن السياسات التجارية الحالية ستكون العامل الحاسم في تحديد اتجاهات الأسواق خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن توجهات الإدارة الأميركية.

الذهب يلمع وسط العاصفة
في ظل هذه التقلبات، برز الذهب كملاذ آمن للمستثمرين، حيث توقع علي العدو أن يرتفع سعر الذهب إلى 3150 دولارًا للأونصة خلال العام الجاري، مدفوعًا بزيادة الطلب من البنوك المركزية حول العالم، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة وأوروبا، بل إن تراجع الدولار سيكون عاملاً رئيسيًا في دعم ارتفاع أسعار الذهب، ويواصل المستثمرون الأفراد والبنوك المركزية على حد سواء ضخ استثماراتهم في المعدن الأصفر بحثًا عن الأمان وسط حالة الضبابية الاقتصادية.
أسواق الخليج.. ملاذ آمن للمستثمرين
في المقابل، برزت أسواق الخليج كوجهة استثمارية مستقرة وسط العواصف المالية العالمية، وتفوق أداء أسواق الخليج على نظيراتها العالمية، مستفيدة من قوة الاقتصادات المحلية والقطاعات المحمية من التقلبات الخارجية، والقطاعات المرتبطة بالاقتصاد المحلي، مثل الأسمدة والاتصالات، ستكون من أكبر المستفيدين من التطورات الحالية، كما أن البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي ستظل قادرة على تحقيق أرباح جيدة رغم التأثير المحتمل لانخفاض أسعار الفائدة.

التحوط والسيولة النقدية.. استراتيجية البقاء
وفي ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي، يظل التحوط والسيولة النقدية هما مفتاح النجاح للمستثمرين خلال هذه المرحلة، والاحتفاظ بنسبة عالية من السيولة النقدية، إلى جانب الاستثمار في الأدوات الآمنة مثل الذهب والسندات ذات الدخل الثابت، سيشكلان استراتيجية ناجحة لعبور هذه الفترة المضطربة بسلام، وبينما يواجه الدولار الأميركي تحديات كبيرة، تلوح في الأفق فرص استثمارية واعدة في أسواق الخليج، مدعومة باقتصادات محلية قوية وقطاعات مستقرة، مما يجعلها الخيار الأمثل للمستثمرين الباحثين عن الأمان والاستقرار وسط عالم مليء بالتقلبات.
Short Url
مبادرة "ابدأ"، نقلة نوعية في الصناعة المصرية وفرص جديدة للنمو الاقتصادي
11 مارس 2025 03:24 م
سوق العقارات في مصر، نمو مستدام وتحديات مستقبلية
11 مارس 2025 02:22 م
توطين الصناعات السبيل الأقوى لدفع الاقتصاد الوطني إلى الأمام
11 مارس 2025 11:30 ص


أكثر الكلمات انتشاراً