«آسيا تقرأ المستقبل» هل تعكس أسواقها قلقًا عالميًا من الاقتصاد الأمريكي؟
الإثنين، 10 مارس 2025 03:19 م

التوتر الاقتصادي
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
في بداية الأسبوع الحالي، شهدت الأسواق المالية الآسيوية تراجعًا ملحوظًا، وسط تزايد القلق حول قوة الاقتصاد الأمريكي، مما أثّر بشكل كبير على شهية المستثمرين للمخاطرة.
وفي الوقت الذي يسود فيه التوتر على خلفية التحديات الاقتصادية المتزايدة، يبحث المستثمرون عن الأصول الأكثر أمانًا مثل السندات والذهب.
هذا التحول يأتي بعد فترة طويلة من التفاؤل حول أداء الأسواق المالية العالمية، ما يعكس التقلبات المتزايدة في الوضع الاقتصادي العالمي.

التحركات السلبية في أسواق الأسهم الآسيوية
بدأت أسواق الأسهم الآسيوية تداولاتها في الأسبوع الحالي بتراجع ملحوظ، فقد شهد مؤشر الأسهم الآسيوية انخفاضًا، تزامن مع تراجع العقود الآجلة لمؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.1%، وكذلك انخفاض العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 الذي يعكس أداء شركات التكنولوجيا الكبرى.
كما تراجعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية عبر مختلف الآجال، في إشارة إلى تزايد الإقبال على الأصول الآمنة مثل السندات الحكومية.
وكان هذا التحول نحو الأصول الآمنة بمثابة استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن الوضع الاقتصادي الأمريكي الذي يواجه ضغوطًا متزايدة.
إضافة إلى ذلك، فقد لاحظنا ارتفاع الين الياباني والفرنك السويسري مقابل الدولار الأمريكي، الذي واصل تراجعه للجلسة السادسة على التوالي.
وهو أطول سلسلة خسائر يمر بها الدولار منذ عام، وذلك ما يعكس فقدان الثقة في القوة الاقتصادية الأمريكية، وبناءً على ذلك، بدأ المستثمرون يبتعدون عن الأصول التي تتسم بالمخاطرة، وبدؤوا في التركيز على الأصول الأكثر أمانًا مثل السندات الحكومية، بالإضافة إلى الذهب.

الضغط على الاقتصاد الأمريكي
تزايدت المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، كما تشير العديد من التقارير إلى أن الأداء الاقتصادي الأمريكي قد يتعرض لضغوط جراء السياسات التجارية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
فقد فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على الشركاء التجاريين الرئيسيين مثل الصين وكندا والمكسيك، وهو ما أدى إلى تصاعد التوترات الاقتصادية العالمية.
من جانب آخر، ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، بينما شهدت بعض القطاعات الحكومية عمليات تسريح للموظفين، ما يعكس الضغوط التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي.
ومع هذه الظروف، بدأ المتداولون في السندات يشيرون إلى وجود مخاطر متزايدة لتباطؤ النمو الاقتصادي، وقد وصف الرئيس الأمريكي ترامب الوضع الاقتصادي الحالي بأنه "فترة انتقالية"، مما يعكس حالة من الغموض وعدم الاستقرار في السياسات الاقتصادية الأمريكية.
وقد أشار إد يارديني، رئيس مؤسسة Yardeni Research، إلى أنه أصبح من الصعب قراءة ملامح الاقتصاد الأمريكي وسط الضبابية التي تهيمن على فترة ترامب الثانية والرسوم الجمركية، ويرى يارديني أن سوق الأسهم يتجه نحو تجنب المخاطرة، مما دفعه إلى تصحيح الأسعار بشكل كبير.

تحولات في أسواق السندات
واحدة من أبرز الظواهر التي نشهدها حاليًا في الأسواق المالية هي التحول الكبير في سوق السندات، إذ بدأ المستثمرون بشكل ملحوظ في شراء سندات الخزانة قصيرة الأجل، ما أدى إلى تراجع العوائد على السندات لأجل عامين بشكل حاد منذ منتصف فبراير الماضي.
هذه الظاهرة تشير إلى تزايد التوقعات بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، حيث يُتوقع أن يكون مايو هو الشهر الذي يشهد فيه البنك الفيدرالي إجراء خفض محتمل في أسعار الفائدة.
من ناحية أخرى، أقر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، بوجود زيادة في الضبابية بشأن التوقعات الاقتصادية، ولكنه أشار إلى أن الاتجاه العام هو العمل على تحقيق معدل تضخم مستهدف يبلغ 2%، وأضاف أن ارتفاع الأسعار الناتج عن الرسوم الجمركية قد يكون مؤقتًا، ولا ينبغي أن يشكل تهديدًا طويل الأمد.
مستقبل سياسة ترامب الاقتصادية
يشهد السوق المالي نقاشًا متزايدًا حول ما إذا كانت إدارة ترامب قد تتراجع عن فرض الرسوم الجمركية مع استمرار التراجع في الأسواق.
كما يعتقد العديد من المحللين أن ترامب قد يتخلى عن سياسات الرسوم الجمركية التي تؤثر سلبًا في سوق الأسهم، حيث يعتبر أداء هذا السوق مؤشرًا هامًا على نجاحه الاقتصادي.
ومنذ بداية العام، بدأ العديد من المستثمرين يتساءلون عن مستوى الانخفاض الذي يمكن أن يتحمله مؤشر "S&P 500" قبل أن يتخذ ترامب قرارًا بتغيير مسار سياساته الاقتصادية.
في هذا الصدد، أشار كايل رودا، كبير المحللين في "Capital.com"، إلى أن النهج غير التقليدي الذي يتبعه ترامب في السياسة الاقتصادية قد يهز ثقة الأسواق المالية.
وقد سلط رودا الضوء على أن ترامب يركز على تغييرات هيكلية في الاقتصاد الأمريكي، وهو ما قد يؤدي إلى تقلبات حادة في الأسواق المالية.

التأثيرات الاقتصادية في الصين وأوروبا
فيما يتعلق بالصين، فقد تراجع التضخم الاستهلاكي في البلاد بشكل أكبر من المتوقع، ليهبط إلى ما دون الصفر لأول مرة منذ 13 شهرًا، مما يعكس استمرار الضغوط الانكماشية التي يعاني منها الاقتصاد الصيني.
واعتبر العديد من المحللين أن هذا الانكماش في التضخم قد يدفع بنك الشعب الصيني إلى اتخاذ إجراءات تحفيزية لدعم الاقتصاد، خاصة بعد الانخفاض الكبير في النمو الاقتصادي.
أما في أوروبا، فقد شهدت الأسواق بعض التفاؤل بعد أن ابتعدت ألمانيا عن سياسة التقشف المالي، كما تم تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على التصدي للتحديات الدفاعية، وهو ما قد يكون له تأثير إيجابي على الأسواق الأوروبية.
وعلى الرغم من التحديات العالمية، فإن التفاؤل بشأن الوضع المالي في أوروبا يبدو في تزايد، حيث تشير العقود الآجلة لمؤشر "Euro Stoxx 50" إلى افتتاح قوي للأسواق يوم الإثنين.
التوقعات المستقبلية للأسواق المالية
من المتوقع أن تستمر أسواق الأسهم في مواجهة تحديات كبيرة بسبب التقلبات الاقتصادية في الولايات المتحدة والصين وأوروبا.
إلا أن الأسواق ستظل متأثرة بتوقعات المستثمرين حول السياسات المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي قد تؤثر بشكل كبير على مسار الاقتصاد العالمي.
علاوة على ذلك، قد تؤدي الضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية والتهديدات التجارية إلى استمرار حالة عدم اليقين التي ستؤثر على الأسواق في الأشهر القادمة.
ختامًا: تشير التطورات الحالية في الأسواق المالية إلى مرحلة من التقلبات والضبابية الاقتصادية التي قد تؤثر على مسار الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب.
ومع تزايد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، يتزايد الإقبال على الأصول الآمنة مثل السندات الحكومية والذهب.
وبتواصل الاضطرابات الاقتصادية في الصين وأوروبا، من المتوقع أن تظل الأسواق المالية في حالة تقلب، حيث سيواصل المستثمرون البحث عن الأصول التي يمكن أن توفر الأمان في أوقات الأزمات.
Short Url
«%57 زيادة بالإيرادات» شركة سمو تقود قاطرة نمو المشاريع العقارية 2024
09 مارس 2025 02:49 م
المنتجات الكيماوية تتصدر قائمة صادرات المملكة غير البترولية بنسبة 25.9%
09 مارس 2025 02:17 م
7 شركات سياحية رائدة تعزز الوعي البيئي وتدعم المجتمعات المحلية
09 مارس 2025 11:03 ص


أكثر الكلمات انتشاراً