«السعودية تقلب الطاولة» من الاعتماد على النفط إلى قوة اقتصادية متنوعة
الأحد، 09 مارس 2025 07:50 م

المملكة العربية السعودية
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
شهد الاقتصاد السعودي في عام 2024 تحولًا ملحوظًا، حيث عاد إلى النمو بعد انكماش طفيف في العام السابق 2023، وتمكنت المملكة من تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 1.3% خلال العام 2024، وهو ما جاء محققًا أفضل من التوقعات السابقة.
كما شكلت الأنشطة غير النفطية العامل الرئيسي في هذا النمو، مع تواصل الأداء الإيجابي لهذا القطاع للعام الرابع على التوالي، وعلى الرغم من تأثير خفض إنتاج النفط الذي شكل تحديًا للاقتصاد السعودي، إلا أن المملكة استطاعت تحقيق نمو جيد في الأنشطة غير النفطية، مما يعكس نجاح استراتيجيات التنوع الاقتصادي التي أطلقتها في إطار رؤية السعودية 2030.

النمو الاقتصادي السعودي في 2024
انخفض الاقتصاد السعودي في عام 2023 بنسبة 0.8%، بسبب تراجع القطاع النفطي وتأثير خفض إنتاج النفط، ومع ذلك، حقق الاقتصاد في 2024 نموًا بنسبة 1.3% بفضل الأداء الجيد للقطاع غير النفطي.
سجل هذا النمو نتيجة رئيسية لتوسع الأنشطة غير النفطية التي ارتفعت بنسبة 4.3%، وهو ما يعكس الاتجاه الإيجابي للاستراتيجية الاقتصادية التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط.
أثرت العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية على الاقتصاد السعودي، إلا أن الحكومة السعودية بقيادة وزارة المالية تمكنت من إدارة تلك التحديات بشكل فعال.
تراجعت وتيرة الانكماش في القطاع النفطي، حيث سجل هذا القطاع انخفاضًا بنسبة 4.5% في 2024، وهو تراجع أقل من انكماش القطاع في 2023 الذي بلغ 9%.
يرجع ذلك بشكل أساسي إلى تلاشي تأثير خفض إنتاج النفط الذي تم الالتزام به ضمن اتفاق تحالف أوبك+، والذي يهدف إلى استقرار الأسواق العالمية.
القطاع غير النفطي ودوره في النمو
يعتبر القطاع غير النفطي هو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي السعودي في 2024، كما استمر هذا القطاع في النمو بنسبة 4.3%، وهو ما يعد رابع نمو سنوي على التوالي، مما يشير إلى نجاح المملكة في تنفيذ خطط التنوع الاقتصادي بعيدًا عن النفط.
وبالتالي، أصبح هذا القطاع يشكل 50% من الاقتصاد السعودي في عام 2023، وهو ما يعد خطوة كبيرة نحو تحقيق رؤية السعودية 2030.
تعد الأنشطة الحكومية من العوامل التي ساهمت في هذا النمو، حيث سجلت هذه الأنشطة زيادة بنسبة 2.6%، وهو ما يعكس استمرار الجهود الحكومية لدعم الاقتصاد الوطني.
تواصل الحكومة السعودية تعزيز الإصلاحات الاقتصادية في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الترفيه، والسياحة، والتكنولوجيا، والصناعة. كما تسهم المبادرات التي تهدف إلى تطوير الاقتصاد الرقمي والابتكار في رفع النمو الاقتصادي غير النفطي.

نمو الاقتصاد السعودي في الربع الرابع من 2024
في الربع الرابع من 2024، تسارع نمو الاقتصاد السعودي إلى 4.5% على أساس سنوي، مما يمثل أسرع وتيرة نمو منذ عامين.
جاء هذا النمو مدعومًا بتلاشي تأثير خفض إنتاج النفط، مما أدى إلى نمو القطاع النفطي بنسبة 3.4% على أساس سنوي.
تزامن هذا النمو مع تحسن أداء القطاع غير النفطي، الذي سجل زيادة بنسبة 4.7% في نفس الربع، وهي زيادة كبيرة مقارنة بالربع الثالث الذي شهد نموًا بنسبة 4.3%.
نجح الاقتصاد السعودي في تجاوز التحديات التي واجهها في فترات سابقة، وحقق نموًا كبيرًا في الربع الأخير من العام بفضل التركيز المستمر على تنمية الأنشطة غير النفطية.
كما أظهرت بيانات الربع الرابع من 2024 أن النمو الاقتصادي يسير في الاتجاه الصحيح، مما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية السعودية في تعزيز الاستقرار والنمو.
التوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي السعودي
توقعات وزارة المالية وصندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي في 2025 تتوافق عند 4.6%، كما إن هذه التوقعات تشير إلى استمرار الاتجاه الإيجابي في الأداء الاقتصادي السعودي، رغم بعض التحديات المرتبطة بتقليص إنتاج النفط.
من المتوقع أن يظل القطاع غير النفطي هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في المملكة خلال السنوات القادمة، حيث تبذل الحكومة جهودًا كبيرة لتحفيز هذا القطاع وفتح آفاق جديدة للنمو في مختلف المجالات.
تتوقع وزارة المالية السعودية نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل متوسط يبلغ 6% خلال السنوات المقبلة.
كما أشار وزير المالية محمد الجدعان إلى أن التركيز في الفترة المقبلة سيكون على الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وذلك لما حققه هذا القطاع من نجاحات ملحوظة خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف الجدعان أن النظر إلى مؤشرات النمو من زاوية أكثر شمولًا سيعطي صورة أدق عن صحة الاقتصاد السعودي، مؤكدًا أن الاقتصاد السعودي يحقق تقدمًا جيدًا في تحقيق أهداف التنوع الاقتصادي.
_1773_071609.jpg)
الاستدامة والتحديات المستقبلية
رغم الأداء الجيد للاقتصاد السعودي في 2024، لا تزال هناك تحديات تحتاج إلى معالجة، ولا شك أن الاستمرار في نمو القطاع غير النفطي يتطلب دعمًا مستمرًا من الحكومة في مجال الاستثمار في القطاعات غير النفطية مثل الصناعة، السياحة، والتكنولوجيا.
مع ذلك، سيكون هناك تركيز كبير على استدامة هذا النمو، حيث يجب أن تظل المملكة قادرة على توفير بيئة ملائمة للنمو الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
من التحديات الأخرى التي قد تواجه الاقتصاد السعودي في المستقبل هو تذبذب أسعار النفط، والتي تؤثر بشكل مباشر على عائدات الدولة من النفط.
وعلى الرغم من جهود المملكة لزيادة إيراداتها غير النفطية، إلا أن أسعار النفط لا تزال تلعب دورًا مهمًا في استقرار الاقتصاد السعودي.
كما أن التغيرات في الاقتصاد العالمي قد تؤثر على نمو الاقتصاد السعودي، مما يستدعي مزيدًا من المرونة والتكيف في السياسات الاقتصادية.
ختامًا: نجح الاقتصاد السعودي في العودة إلى النمو في عام 2024 بعد فترة من الانكماش، مع تسجيل نمو بنسبة 1.3%.
جاء هذا النمو مدعومًا بشكل أساسي من الأداء الإيجابي للقطاع غير النفطي، الذي شهد نموًا مستمرًا للعام الرابع على التوالي.
كما لعبت الأنشطة الحكومية أيضًا دورًا في تعزيز النمو الاقتصادي، ومع التوقعات بمواصلة النمو في المستقبل، تظل المملكة بحاجة إلى تعزيز استراتيجيات التنوع الاقتصادي ومواصلة التوسع في القطاعات غير النفطية.
يظل النمو المستدام للقطاع غير النفطي هو المحرك الرئيسي للاقتصاد السعودي في السنوات المقبلة، وهو ما يتطلب جهودًا مستمرة من الحكومة لتحفيز الاستثمار وتعزيز النمو في مختلف القطاعات.
Short Url
«%57 زيادة بالإيرادات» شركة سمو تقود قاطرة نمو المشاريع العقارية 2024
09 مارس 2025 02:49 م
المنتجات الكيماوية تتصدر قائمة صادرات المملكة غير البترولية بنسبة 25.9%
09 مارس 2025 02:17 م
7 شركات سياحية رائدة تعزز الوعي البيئي وتدعم المجتمعات المحلية
09 مارس 2025 11:03 ص


أكثر الكلمات انتشاراً