«فبراير السينمائي» 60% انخفاض بإيرادات بالسعودية، ماذا يحدث خلف الكواليس؟

السبت، 08 مارس 2025 03:01 م

فيلم Captain America: Brave New World

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

شهدت إيرادات السينما في السعودية تراجعًا ملحوظًا خلال شهر فبراير من العام 2025، حيث أظهرت البيانات الصادرة عن هيئة الأفلام السعودية انخفاضًا حادًا في الإيرادات بنسبة 60% مقارنة بالشهر السابق، لتصل إلى 36 مليون ريال سعودي.

يمثل هذا التراجع نقطة فارقة في مسار نمو قطاع السينما في المملكة، في وقت كان ينتظر فيه أن يحقق هذا القطاع أرقامًا أفضل على ضوء التطورات الاقتصادية والثقافية التي شهدتها السعودية مؤخرًا.

تتعدد أسباب هذا التراجع، بدءًا من انخفاض العروض العالمية الضخمة، وصولًا إلى التأثيرات التي يمكن أن تحدث نتيجة للتغيرات الموسمية والعوامل الاقتصادية الداخلية.

الأسباب التي أدت إلى تراجع الإيرادات

1- انخفاض العروض العالمية الكبرى: تُعتبر أفلام هوليود الضخمة من أبرز العوامل التي تسهم في رفع إيرادات السينما في المملكة.

شهد فبراير 2025 انخفاضًا ملحوظًا في هذه العروض، حيث غابت بعض الأفلام الكبيرة التي كان من المتوقع أن تحقق إيرادات ضخمة.

وعادةً ما يشهد الربع الأول من العام تراجعًا في العروض الكبيرة بسبب توقيت بعض الإنتاجات التي يتم طرحها في أسواق أخرى قبل طرحها في الشرق الأوسط، وفي هذا السياق، أُثر تراجع الأفلام الكبيرة عالميًا على مستوى الإيرادات في المملكة.

2- توزيع الأفلام على الأسابيع الأربعة: على الرغم من وجود عروض سينمائية متنوعة في الأسابيع الأربعة لشهر فبراير، إلا أن توزيع الأفلام على هذه الأسابيع كان غير متوازن.

ففي حين شهد الأسبوع الأول أداءً قويًا، إلا أن الإيرادات في الأسابيع التالية تراجعت بشكل تدريجي، ما يوضح أن غياب العروض الكبرى بعد الأسبوع الأول كان له دور أساسي في تقليص الإيرادات.

3- الظروف الموسمية والاقتصادية: يعتبر شهر فبراير عادة فترة انتعاش ضعيفة في أسواق السينما العالمية، حيث تتميز هذه الفترة بانخفاض العروض الجديدة مقارنة بالعام الجديد، فضلًا عن تقلبات العوامل الاقتصادية التي قد تؤثر على القوة الشرائية للمواطنين، مما ينعكس على الإيرادات بشكل عام.

تحليل الإيرادات خلال الأسابيع الأربعة لشهر فبراير

الأسبوع الأول والأداء القوي: سجل الأسبوع الأول من شهر فبراير أداءً متميزًا، حيث حقق 10.9 مليون ريال سعودي، وهو أعلى معدل للإيرادات بين الأسابيع الأربعة.

وبيعت في هذا الأسبوع 225.3 ألف تذكرة، وكان فيلم "هوبال" الأكثر جذبًا للجمهور، حيث حقق 40.9 ألف تذكرة، بينما جاء فيلم "Se7en Re-Release" في المركز الثاني بإجمالي 30.7 ألف تذكرة، وتميز هذا الأسبوع بعروض قوية ساعدت على تعزيز الإيرادات بشكل ملحوظ.

الأسبوع الثاني وتراجع الإيرادات: على الرغم من افتتاح أحد أبرز العروض السينمائية في فبراير 2025، وهو فيلم "Captain America: Brave New World"، إلا أن الإيرادات في الأسبوع الثاني تراجعت بنسبة 22.9%، لتبلغ 8.4 مليون ريال.

كما تم بيع 169.5 ألف تذكرة فقط، وهو انخفاض نسبته 24.8% عن الأسبوع الأول، وتُظهر هذه البيانات أن الأفلام الكبيرة، رغم جاذبيتها، لم تكن كافية لتعويض الانخفاض العام في الإيرادات بسبب نقص العروض الأخرى الكبرى.

الأسبوع الثالث والاستقرار النسبي: سجل الأسبوع الثالث استقرارًا نسبيًا في الأداء، حيث انخفضت الإيرادات بنسبة بسيطة بلغت 2.4%، لتصل إلى 8.2 مليون ريال.

وعلى الرغم من انخفاض الإيرادات، ارتفع عدد التذاكر المباعة بنسبة 5.6% مقارنة بالأسبوع السابق، حيث تم بيع 179 ألف تذكرة.

وكان هذا الأسبوع هو الأكثر تنوعًا من حيث عدد الأفلام المعروضة، مما ساهم في جذب مزيد من الجمهور رغم انخفاض الإيرادات.

الأسبوع الرابع والنمو الطفيف: حقق الأسبوع الرابع نموًا طفيفًا في الإيرادات بنسبة 3.7%، حيث بلغت 8.5 مليون ريال.

كما ارتفع عدد التذاكر المباعة إلى 180.6 ألف تذكرة، بزيادة بسيطة قدرها 0.9% عن الأسبوع الثالث، ويعكس هذا النمو الطفيف اهتمامًا مستمرًا من قبل الجمهور، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها صناعة السينما.

تأثير العوامل الخارجية والداخلية على الإيرادات

1- العوامل الاقتصادية الداخلية: تعكس إيرادات السينما السعودية أيضًا تأثيرات العوامل الاقتصادية المحلية مثل التضخم وزيادة تكاليف المعيشة.

كما تُعد هذه العوامل من المؤثرات التي قد تحد من القوة الشرائية للمواطنين، وبالتالي من قدرة الأفراد على تخصيص ميزانياتهم للأنشطة الترفيهية مثل زيارة دور السينما.

وعلى الرغم من ازدهار قطاع الترفيه في المملكة، إلا أن تأثيرات التضخم، وخاصة في مجالات السكن والخدمات الأساسية، قد أثرت بشكل غير مباشر على قدرة الأفراد على المشاركة في الأنشطة الترفيهية.

2- تأثيرات الأحداث العالمية: لا يمكن تجاهل تأثيرات الأحداث العالمية على قطاع السينما في السعودية، فالنزاعات الجيوسياسية والاقتصادية على مستوى العالم، بالإضافة إلى تداعيات جائحة كوفيد-19، قد ساهمت في خلق حالة من عدم اليقين بين المنتجين والموزعين.

كما أسهم تأخر العروض السينمائية الضخمة في تراجع الإيرادات بشكل ملحوظ، خاصةً في شهري يناير وفبراير، حيث يُعتبر هذا الوقت من العام فترة انتقالية بين العروض الكبرى.

دور السينما في الاقتصاد المحلي

أكد الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة على أهمية دور السينما في الاقتصاد السعودي، مشيرًا إلى أنها لا تقتصر على كونها مجرد صناعة ترفيهية بل تُعد جزءًا أساسيًا من قطاع السياحة والترفيه.

كما تساهم السينما في تعزيز السياحة الثقافية، بالإضافة إلى توفير فرص عمل في العديد من المجالات مثل الإنتاج، والتوزيع، والتسويق، والعرض.

تسهم الفعاليات السينمائية، مثل المهرجانات السينمائية، في جذب السياح والمستثمرين، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويُقوي مكانة صناعة السينما كقطاع اقتصادي حيوي.

التوقعات المستقبلية للقطاع السينمائي السعودي

1- التوقعات للنصف الأول من 2025: يُتوقع أن يشهد قطاع السينما السعودي انتعاشًا خلال النصف الأول من عام 2025، خاصة مع توقعات بعودة العروض الكبرى من هوليود وغيرها من الصناعات العالمية، ويُتوقع أيضًا أن تسهم الفعاليات الثقافية والتعريف بالسينما السعودية في دعم الطلب على تذاكر السينما.

2- الاستثمارات المستقبلية في قطاع السينما: يشهد قطاع السينما السعودي زيادة في الاستثمارات المحلية والدولية، كما يسعى المستثمرون إلى استغلال الفرص التي يوفرها هذا القطاع، من خلال دعم الإنتاج السينمائي المحلي وتوسيع نطاق دور العرض.

ومن المتوقع أن تساهم هذه الاستثمارات في رفع الإيرادات وزيادة عدد المتفرجين في السنوات القادمة.

ختامًا: إن تراجع إيرادات السينما في السعودية في فبراير 2025 يسلط الضوء على تحديات مؤقتة يواجهها القطاع، والتي تنبع من انخفاض العروض الكبيرة عالميًا وبعض العوامل الاقتصادية الداخلية.

ومع ذلك، من المتوقع أن يشهد القطاع انتعاشًا في المستقبل القريب مع عودة العروض الكبرى، إلى جانب نمو الأنشطة السياحية والترفيهية في المملكة.

ستستمر السينما في لعب دور حيوي في الاقتصاد المحلي، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو والتطور في هذا القطاع بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تعزيز دور الثقافة والترفيه في الاقتصاد الوطني.

Short Url

أخبار متعلقة