صدمة نيكسون 1971م، لحظة غيرت النظام المالي العالمي
الخميس، 06 مارس 2025 03:06 م

الرئيس الأمريكي السابق/ نيكسون
تحليل/ ميرنا البكري
يُعد ما يُعرف بـ"صدمة نيكسون1971م"، حدثًا اقتصاديًا مهمًا لا يدرك كثيرون أبعاده وتأثيره العميق على الاقتصاد المحلي والعالمي، حيث كانت هذه اللحظة، نقطة تحول فارقة أعادت تشكيل النظام المالي الدولي بالكامل، وما زالت تداعياتها قائمة حتى الآن.

ما هي صدمة نيكسون؟
في الـ15 من أغسطس 1971م، أعلن الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون"، إلغاء قابلية تحويل الدولار إلى الذهب، أي (فك ارتباط الذهب بالدولار)، وبالتالي أدى إلى انهيار نظام بريتون وودز، والذي كان يُعدّ الأساس لاستقرار العملات العالمية، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقبل هذا القرار، كانت الدول تتمكن من استبدال الدولارات التي تمتلكها بالذهب من الخزانة الأمريكية، بسعر ثابت يبلغ 35 دولار للأوقية، ولكن مع تزايد التضخم نتيجة الإنفاق الهائل على حرب فيتنام وبرامج الرعاية الاجتماعية، لم تعد الولايات المتحدة لديها القدرة على الحفاظ على احتياطي كافٍ من الذهب، لتغطية جميع الدولارات المتداولة.
وفي مواجهة هذا الضغط، قرر نيكسون "إغلاق نافذة الذهب"، وبالتالي جعل الدولار عملة نقدية غير مرتبطة بأي أصل ملموس، حيث في العقود الأخيرة، أصبحت قيمته تعتمد فقط على الثقة في الاقتصاد الأمريكي.
ما هي تداعيات هذا القرار؟
انهيار النظام المالي القديم:- حيث كان الاقتصاد العالمي، قائمًا على استقرار سعر الدولار مقابل الذهب قبل عام 1971م، ولكن بعد قرار فك الارتباط، أخذت العملات العالمية تتغير قيمتها، وفقًا لحركة العرض والطلب، ما أدى إلى تقلبات حادة في أسعار الصرف.
موجة تضخم عالمية:- مع تحرر الدولار من ارتباطه بالذهب، أخذت الولايات المتحدة، طباعة كميات هائلة من الدولارات، ما أدى إلى تضخم كبير على مستوى العالم، إلا أنه في السبعينيات، شهد الاقتصاد العالمي، أزمة "الركود التضخمي"، والتي كانت تتميز بالركود الاقتصادي، وارتفاع الأسعار.
صعود هيمنة الدولار:- على الرغم من المخاوف بشأن انهيار الدولار، بعد هذا القرار المُفاجىء، واستمر العالم في استخدامه، كعملة احتياطية لا غنى عنها، وبالتالي عزز النفوذ المالي للولايات المتحدة، ومع الوقت، أصبحت أمريكا قادرة على تمويل عجزها التجاري عن طريق طباعة المزيد من الدولارات، وهو ما يُسمى بمصطلح "الامتياز الباهظ" الذي يتمتع به الدولار.
ارتفاع أسعار الذهب والنفط:- مع تراجع قيمة الدولار، ارتفعت أسعار المعادن النفيسة والسلع الأساسية بشكل ملحوظ، ما أدى إلى حدوث أزمة النفط في 1973م، حيث أعلنت دول منظمة "أوبك"، قرارًا برفع أسعار البترول، كرد فعل على ضعف الدولار، بعد فك ارتباطه بالذهب.
أزمة نيكسون ضرورة أم خدعة؟
بالنسبة للولايات المتحدة:- كان القرار لابد منه للحفاظ على الاقتصاد الأمريكي من الانهيار، بسبب العجز في احتياطي الذهب، لكنه في ذات الوقت كان خدعة اقتصادية عالمية، حيث قامت أمريكا، بفرض عملتها كأداة مالية دولية دون أي غطاء حقيقي.
بالنسبة للعالم:- فقد فقدت الدول مقياسًا ثابتًا لمراقبة قيمة عملاتها، واضطرت إلى التكيف مع تقلبات أسعار الصرف، ما جعلها تتأثر بقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بشأن سعر الفائدة وحركة الدولار.
وبالنسبة للمستثمرين:- أصبح الذهب ملاذًا آمنًا أكثر أهمية، حيث اتجهت الدول للاستثمار فيه، فيما زادت المضاربات على العملات، ما جعل الأسواق المالية، أكثر عرضة للأزمات وعدم الاستقرار.
ختامًا، "صدمة نيكسون"، هي واحدة من أكبر التحولات الاقتصادية في العصر الحديث، حيث قامت بتحويل أسس التجارة العالمية، والاستثمار، والسياسات النقدية، وما زال العالم يعيش في ظل هذه التداعيات حتى اليوم، حيث تتمتع الولايات المتحدة، بحق طباعة الدولار دون قيود أو شروط، بينما تتحمل اقتصادات الدول الناشئة، تكلفة هذه الهيمنة.
وهناك سؤال يطرح نفسه، هل يمكن للعالم التخلص من سيطرة الدولار، وإقامة نظام مالي أكثر توازنًا؟ أم أننا سنظل مقيدين بقرار اتُخذ منذ أكثر من نصف قرن؟.
Short Url
«نيوزيلندا تُحرج أمريكا» سفير يُشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية باستقالته
06 مارس 2025 02:01 م
عمالقة التريليونات يقودون الاقتصاد العالمي في 2025
05 مارس 2025 05:34 م
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص


أكثر الكلمات انتشاراً