«كندا على حافة الركود» حرب الرسوم الجمركية تدفع الاقتصاد إلى الهاوية
الأربعاء، 05 مارس 2025 07:46 م

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وكندا
كتب/ كريم قنديل
تتمتع كندا بفائض تجاري يبلغ حوالي 50 مليار دولار سنويًا، حيث تصدر ما يقرب من 580 مليار دولار وتستورد بحوالي 530 مليار دولار، ومع ذلك، فإن اعتماد كندا الكبير على السوق الأمريكي يشكل تهديدًا استراتيجيًا لاقتصادها، حيث تذهب 73% من صادراتها إلى الولايات المتحدة، ما يعادل 410 مليار دولار سنويًا.

مع فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرسوم جمركية، يمكن أن تنخفض هذه الواردات بمقدار يتراوح بين 100 إلى 150 مليار دولار، مما قد يؤدي إلى عجز تجاري، وانهيار العملة الكندية، وزيادة الديون الحكومية، وخسائر كبيرة في البورصة والوظائف.
تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد الكندي
تطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية بشكل مكثف على المنتجات الكندية، جعلت الاقتصاد الكندي يعاني من آثار سلبية عميقة، ستتراجع الصادرات بشكل كبير، مما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات الضريبية.
وبالتالي زيادة الحاجة إلى الاقتراض لسد العجز المالي، إضافةً إلى ذلك، فإن انخفاض الطلب الأمريكي على المنتجات الكندية سيؤدي إلى فقدان آلاف الوظائف، خاصة في القطاعات الحيوية مثل المعادن والطاقة والسيارات.
الإجراءات الكندية المضادة وأثرها المحدود
أعلنت كندا عن فرض رسوم جمركية مضادة على الواردات الأمريكية، إلا أن هذه الإجراءات ليست كافية لمواجهة التأثير السلبي للسياسات الحمائية الأمريكية، حيث تبلغ قيمة الصادرات الأمريكية إلى كندا حوالي 250 مليار دولار فقط.
وهو ما يمثل 4% فقط من إجمالي الصادرات الأمريكية، وبالتالي، فإن تأثير الرسوم المضادة على الاقتصاد الأمريكي سيكون ضئيلًا جدًا مقارنة بتأثير الرسوم الأمريكية على الاقتصاد الكندي.

ارتفاع الصادرات الكندية وأثر انخفاض قيمة الدولار الكندي
على الرغم من التحديات التي واجهها الاقتصاد الكندي، فإن البيانات الأخيرة أظهرت ارتفاعًا ملحوظًا في الصادرات الكندية.
ففي ديسمبر 2024، ارتفعت الصادرات بنسبة 2.2% لتصل إلى أعلى مستوى في تسعة أشهر عند 66.1 مليار دولار كندي بعد زيادة تصاعدية إلى 66.2 مليار دولار كندي في نوفمبر، جاء هذا الارتفاع نتيجة لانخفاض قيمة الدولار الكندي.
مما جعل المنتجات الكندية أكثر جاذبية للمشترين الأجانب، وشملت الزيادات الرئيسية في الصادرات منتجات المعادن، الطاقة، المركبات، والمنتجات الغذائية.
صادرات كندا إلى الولايات المتحدة
تشير البيانات إلى أن إجمالي صادرات كندا إلى الولايات المتحدة بلغ 37.253 مليار دولار أمريكي في ديسمبر 2024، مقارنة بـ 36.191 مليار دولار أمريكي في نوفمبر 2024.
ويُظهر هذا الاتجاه أن الطلب الأمريكي على المنتجات الكندية لا يزال مرتفعًا نسبيًا، لكنه معرض للتقلبات بسبب السياسات التجارية المتغيرة في واشنطن.
مستقبل العلاقة التجارية بين كندا والولايات المتحدة
مع استمرار التوترات التجارية بين البلدين، تواجه كندا خيارين رئيسيين؛ إما قبول واقع اقتصادي صعب يتمثل في الركود الاقتصادي وزيادة الديون، أو البحث عن بدائل لتعزيز تنويع صادراتها وتقليل الاعتماد على السوق الأمريكي.
كما إن بعض المحللين يرون أن الحل الأمثل لكندا هو تعزيز شراكاتها التجارية مع دول أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي والصين، مما قد يساعدها في تقليل تأثير التبعية التجارية للولايات المتحدة.
في تطور قد يعيد كندا إلى دوامة الركود لأول مرة منذ أزمة كوفيد-19، يهدد تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة بإبطاء النمو ورفع الأسعار، ما يضع الاقتصاد الكندي أمام تحدٍ صعب.

ضربة مزدوجة للنمو والتضخم
الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تشمل 10% على منتجات الطاقة الكندية و25% على باقي السلع، قد تخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الكندي بما يتراوح بين 2 إلى 4 نقاط مئوية.
وردت كندا بفرض رسوم انتقامية على واردات أميركية بقيمة 30 مليار دولار كندي، مع خطة لتوسيعها إلى 155 مليار دولار كندي خلال الأسابيع المقبلة.
لكن هذه المعركة قد تترك الاقتصاد الكندي مترنحًا، فوفقًا لتقرير صادر عن "بنك مونتريال"، قد يشهد الاقتصاد انكماشات فصلية متتالية، مما يعني دخول البلاد في ركود معتدل قبل أن يبدأ التعافي مجددًا.
ليس هذا فحسب، بل إن تراجع قيمة الدولار الكندي والتعريفات الجمركية المضادة قد يدفع التضخم إلى مستويات أعلى، مما يزيد الضغط على المستهلكين.
البنك المركزي في موقف لا يُحسد عليه
المتداولون يراهنون بنسبة 95% على أن بنك كندا سيخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، لكن المشكلة ليست بهذه البساطة، فالجمع بين نمو متباطئ وأسعار مرتفعة يخلق بيئة "ركود تضخمي" تُربك صناع القرار.
مع استمرار الرسوم الجمركية سيتراجع الإنتاج الكندي بنحو 3% على مدار عامين، مما قد يعرقل النمو بالكامل، والأخطر من ذلك، أن التضخم قد يتجاوز الهدف الرسمي البالغ 2%، ما يعني أن خفض أسعار الفائدة قد يُفاقم الأزمة بدلًا من حلها.

هل تذوب التعريفات مثل الجليد؟
كل شيء يعتمد على مدة استمرار الرسوم الجمركية، فالرئيس ترامب ليس جديدًا على التراجع عن قراراته، وقد سبق أن منح كندا والمكسيك استثناءً لمدة شهر في فبراير الماضي.
إن القضية الأساسية ليست التعريفات نفسها، بل الغموض المحيط بها، الأسواق لا تعرف هل هذه حرب طويلة الأمد أم مجرد استعراض سياسي جديد من ترامب، كما إن خفض الفائدة قد يكون قرارًا لا مفر منه، لكن سيكون بحذر شديد لتجنب تفاقم التضخم.
من يدفع الثمن؟
قبل حتى أن تدخل الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، كانت مجرد تهديدات ترامب كافية لضرب ثقة المستثمرين والمستهلكين.
والآن، مع دخول الحرب التجارية مرحلة التنفيذ، يرى بعض المحللين أن رد كندا قد يكون له نتائج عكسية، حيث يزيد من التباطؤ الاقتصادي دون أن يغير شيئًا في موقف الولايات المتحدة.
إن الإجراءات الانتقامية الكندية قد تؤدي إلى أضرار اقتصادية تفوق فوائدها، إذ ستحدّ من قدرة البنك المركزي على التدخل، بينما يدفع المستهلكون والمنتجون الثمن الأكبر.

اقتصاد كندا.. من التعافي إلى العاصفة؟
حتى وقت قريب، كان الاقتصاد الكندي يحقق تعافيًا قويًا، حيث نما بنسبة 2.6% في الربع الأخير من عام 2024، بفضل تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة التي عززت الإنفاق الاستهلاكي وسوق الإسكان، لكن الآن، مع تصاعد التوترات التجارية، كل ذلك أصبح مهددًا بالانهيار.
في ظل السياسات الحمائية الأمريكية، أصبحت كندا في موقف اقتصادي حرج يتطلب استراتيجيات طويلة الأمد لضمان استقرارها الاقتصادي.
وعلى الرغم من التحديات، فإن الاقتصاد الكندي لا يزال يمتلك مقومات الصمود والنمو من خلال تنويع الشركاء التجاريين والاستفادة من انخفاض قيمة الدولار الكندي لزيادة التنافسية العالمية، في النهاية، يبقى السؤال المطروح:
هل ستتمكن كندا من تجاوز هذه الأزمة الاقتصادية، أم أنها ستضطر إلى تقديم تنازلات تجارية وسياسية للحفاظ على استقرارها الاقتصادي؟
Short Url
«نيوزيلندا تُحرج أمريكا» سفير يُشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية باستقالته
06 مارس 2025 02:01 م
عمالقة التريليونات يقودون الاقتصاد العالمي في 2025
05 مارس 2025 05:34 م
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص


أكثر الكلمات انتشاراً