«صراع العمالقة» الصين تحدد هدفها للنمو بنسبة 5% رغم التحديات الأمريكية
الأربعاء، 05 مارس 2025 01:52 م

ترامب - شي جين بينج
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تحدد الحكومة الصينية هدفها للنمو الاقتصادي لعام 2025 عند 5%، مع تعزيز الموازنة المالية لمواجهة العجز المتوقع في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية التي تمر بها الصين في الوقت الراهن.
تعكس هذه السياسات التوجهات الحكومية للتكيف مع الأزمات الراهنة، لا سيما حرب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين.
يتناول هذا التحليل العوامل التي أسهمت في تحديد أهداف النمو لعام 2025، ويستعرض السياسات المالية التي تتبعها الصين لمواجهة تحديات الانكماش الاقتصادي، بالإضافة إلى تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد الصيني.

الأهداف الاقتصادية الصينية لعام 2025
أعلنت الصين عن هدف نمو اقتصادي لعام 2025 قدره 5%، مؤكدة استعدادها لتخصيص المزيد من الموارد المالية لتحفيز الاقتصاد، في وقت تعاني فيه البلاد من تباطؤ اقتصادي بسبب العقوبات والضغوط التجارية العالمية.
ويُعد هذا الهدف بمثابة التزام من الحكومة الصينية بتوفير الاستقرار الاقتصادي والنمو في ظل التحديات التي تواجهها، وعلى رأسها الحرب التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة.
يظهر هذا الهدف، الذي تم تحديده ضمن وثيقة حكومية استعدادًا لاجتماع المؤتمر الشعبي الوطني، التزام بكين بتطبيق سياسات مرنة تهدف إلى تعزيز الاستهلاك المحلي وزيادة حجم الاستثمارات، وذلك في محاولة لتخفيف حدة الضغوط الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على الأسواق الصينية.
خطوة الصين نحو التحفيز الاقتصادي
أعلنت الصين أيضًا عن رفع العجز في ميزانيتها لعام 2025 إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 3% في 2024.
وتعكس هذه الخطوة تحولًا كبيرًا في السياسات المالية للصين، التي كانت تعمل على خفض العجز في الميزانية لعدة سنوات مضت.
كما تكمن أهمية هذا التغيير في أن الحكومة الصينية تسعى إلى زيادة الإنفاق العام لدعم النمو الاقتصادي، وتحفيز مختلف القطاعات المتأثرة بالأزمة الاقتصادية.
من ضمن السياسات المقترحة، أعلنت الصين عن إصدار سندات خزانة بقيمة 1.3 تريليون يوان (حوالي 179 مليار دولار) في 2025، بزيادة عن السندات التي تم إصدارها في 2024 والتي كانت قيمتها 1 تريليون يوان.
تساهم هذه السندات في تمويل المشاريع الكبرى والمبادرات الحكومية التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الصيني، كما ستسمح الحكومة الصينية بإصدار ديون خاصة من قبل الحكومات المحلية، حيث تبلغ قيمتها 4.4 تريليون يوان في 2025، مقارنة بـ 3.9 تريليون يوان في العام الماضي.
_1773_012000.jpg)
الخطط الحكومية لتعزيز الاستهلاك المحلي
في محاولة لتعزيز الاستهلاك المحلي وتحفيز النمو الداخلي، خصصت الصين 300 مليار يوان لدعم شراء السيارات الكهربائية والأجهزة المنزلية.
يأتي هذا القرار في وقت تسعى فيه الحكومة الصينية إلى تقليل الاعتماد على الصادرات كأحد المحركات الرئيسية للاقتصاد، وتحويل التركيز إلى الاستهلاك الداخلي لتعويض الانكماش الذي يعاني منه الاقتصاد نتيجة الأزمات العالمية.
إلى جانب ذلك، سيتم تخصيص 500 مليار يوان لإعادة تمويل البنوك الحكومية الكبرى و200 مليار يوان لدعم تحديث معدات التصنيع في الصين.
وتهدف هذه السياسات إلى دعم الصناعة المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، في محاولة لمواجهة تداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
تباطؤ النمو وأزمة قطاع العقارات
رغم هذه الجهود، يواجه الاقتصاد الصيني العديد من التحديات التي قد تعيق تحقيق أهداف النمو المستهدف، ومن أبرز هذه التحديات هو التباطؤ الكبير في النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، نتيجة لعدة عوامل بما في ذلك الحرب التجارية مع الولايات المتحدة والأزمة العقارية التي تعصف بالقطاع العقاري المثقل بالديون.
على الرغم من أن الصين تمكنت من تحقيق نمو قدره 5% في عام 2024 بعد تنفيذ حزمة تحفيزية، إلا أن هذا النمو لم يكن ملموسًا على مستوى الشارع، حيث لا يزال العديد من المواطنين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة وفقدان الوظائف وانخفاض الأجور.
هذه الأزمة الاجتماعية قد تؤثر على الاستهلاك المحلي، ما يجعل تحقيق النمو المطلوب في عام 2025 أمرًا معقدًا.

الحرب التجارية مع الولايات المتحدة
تستمر الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في التأثير بشكل كبير على الاقتصاد الصيني، وفي ظل تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض المزيد من الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، يعاني القطاع الصناعي في الصين من تأثيرات سلبية كبيرة.
شهدت الصين زيادة في الرسوم الجمركية على السلع الصينية بنسبة 20% منذ تولي ترامب منصبه، وهو ما يعوق تدفق الصادرات الصينية إلى السوق الأميركية ويؤثر على الاقتصاد بشكل عام.
ردت الصين على هذه الخطوات بفرض رسوم إضافية على الواردات الأميركية، وصلت إلى 10 - 15%، كما فرضت قيودًا على 25 شركة أميركية، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع التجاري بين البلدين.
يعكس هذا التصعيد في الرسوم الجمركية مدى تعقيد العلاقة بين الصين والولايات المتحدة، مما يعزز من مخاوف الشركات الصينية بشأن القدرة على الوصول إلى الأسواق الأميركية في المستقبل.
بحث الصين عن أسواق بديلة وتداعيات الحرب التجارية
في ظل انخفاض الطلب من الأسواق الأميركية، تعمل الصين على إيجاد أسواق بديلة لتصدير منتجاتها، إلا أن هذا التحول قد يؤدي إلى حروب أسعار في الأسواق العالمية، حيث سيضغط المنتجون الصينيون على هوامش الأرباح لتوفير منتجات بأسعار تنافسية.
وفي المقابل، قد تفرض الدول المستوردة مزيدًا من الحواجز التجارية لحماية صناعاتها المحلية، ما يزيد من تعقيد الوضع التجاري الصيني.
كما تسعى الصين إلى تعزيز دورها في الأسواق الناشئة والاقتصادات الكبرى الأخرى، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي وآسيا، حيث تتمتع الصين بقدرة تنافسية عالية في العديد من القطاعات الاقتصادية.

الخطوات المستقبلية والتوقعات
على الرغم من التصعيد في الحرب التجارية، يبقى لدى الصين العديد من الخيارات لمواجهة التحديات الاقتصادية المقبلة.
وتشمل هذه الخيارات تعزيز التحفيز الداخلي، سواء عبر زيادة الاستثمارات الحكومية أو من خلال تسريع تحديث الصناعات المحلية.
كما إن التوجه نحو تحسين العلاقات مع أسواق جديدة قد يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي في الصين في السنوات القادمة.
ومع ذلك، يبقى تحدي الرسوم الجمركية الأميركية والعوامل الجيوسياسية من أبرز العقبات أمام تحقيق الصين لأهدافها الاقتصادية في 2025.
سيعتمد نجاح هذه السياسات على مدى قدرة الحكومة الصينية على التكيف مع هذه التحديات وتوجيه الاقتصاد المحلي نحو مسار نمو أكثر استدامة.
ختامًا: تتطلع الصين إلى تحقيق نمو اقتصادي ثابت في عام 2025 رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، بما في ذلك تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة والتباطؤ في بعض القطاعات الاقتصادية.
كما تهدف السياسات الحكومية التي تم الإعلان عنها إلى زيادة الاستثمارات الحكومية، تعزيز الاستهلاك المحلي، وتخفيف تأثيرات الحرب التجارية على الاقتصاد.
ولذلك، فإن تحقيق هدف النمو البالغ 5% في 2025 يتطلب التوازن بين النمو الداخلي والتحولات الخارجية في بيئة التجارة العالمية.
Short Url
«نيوزيلندا تُحرج أمريكا» سفير يُشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية باستقالته
06 مارس 2025 02:01 م
عمالقة التريليونات يقودون الاقتصاد العالمي في 2025
05 مارس 2025 05:34 م
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص


أكثر الكلمات انتشاراً