«السعودية 2030» هل تنجح المملكة في تحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة؟
الثلاثاء، 04 مارس 2025 07:00 م

الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تعد المملكة العربية السعودية واحدة من الدول التي تبذل جهودًا متواصلة في تحقيق التنمية المستدامة وتوجيه اقتصادها نحو تحقيق أهداف رؤية 2030.
تركز المملكة على تبني الاقتصاد الدائري وتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات الحيوية، مثل الطاقة، المياه، الزراعة، النقل، الرعاية الصحية، والبنية التحتية.
تعكس هذه المبادرات التزام المملكة بتحقيق تحول بيئي واقتصادي شامل يدفع نحو التنمية المستدامة، وتستهدف المملكة من خلال هذه السياسات توفير حلول بيئية مبتكرة تساهم في تقليل البصمة البيئية وتوفير الطاقة، وهو ما ينعكس على القطاع الخاص، خصوصًا المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تُعد من القوى المحركة للاقتصاد الوطني.

القطاعات الرئيسية الداعمة للممارسات المستدامة
تحرص المملكة على تطوير القطاعات التي تُسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف الاستدامة، ويشمل ذلك عدة مجالات رئيسية يتوقع أن تلعب دورًا بارزًا في تحويل الاقتصاد السعودي نحو نموذج أكثر استدامة، ونبرز بعض هذه القطاعات الأساسية التي تشكل عصب التحول الاستدامي:
1- مصادر الطاقة المتجددة: تدفع المملكة عجلة الاستدامة من خلال الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر.
وتُسهم هذه الاستثمارات في تحقيق هدف رؤية السعودية 2030 المتمثل في زيادة نسبة الطاقة المتجددة إلى 50% من مزيج الطاقة بحلول نهاية العقد الحالي.
2- الزراعة: تسعى المملكة لتطوير تقنيات ري موفرة للمياه وتطبيق ممارسات الزراعة العضوية، ويشمل ذلك استخدام سلاسل الإمداد المستدامة التي تساعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تقليل الأثر البيئي، كما تقدم هذه التقنيات حلولًا مبتكرة لمواجهة التحديات البيئية المرتبطة بالموارد المائية.
3- السياحة: يوفر قطاع السياحة فرصًا كبيرة للتحول نحو الاستدامة، من خلال الترويج للسفر والتنقل الصديقين للبيئة، وتُعتبر السياحة من أهم القطاعات التي يمكن أن تساهم في استدامة الاقتصاد السعودي، حيث يعتمد السياح بشكل متزايد على الخيارات المستدامة في زياراتهم.
4- النقل: تستثمر المملكة في السيارات الكهربائية ووسائل النقل العام المستدامة. يعد تطوير وسائل النقل مثل قطار الرياض والنقل اللوجستي المستدام من أبرز السياسات التي تهدف إلى تقليل الآثار السلبية للنقل على البيئة والمناخ.
5- الرعاية الصحية: تركز المملكة على الرعاية الصحية الإلكترونية والحلول الوقائية التي تعزز استدامة القطاع. تهدف إلى تحسين جودة الهواء والمياه وزيادة المساحات الخضراء في المناطق الحضرية.
6- البناء: يشمل هذا القطاع اعتماد معايير البناء الأخضر، واستخدام المواد المستدامة، والتصاميم الموفرة للطاقة. يساهم هذا في تقليل التأثير البيئي للبناء ويعزز من الكفاءة الطاقوية في المنشآت.

تحديات ومزايا تبنّي المنشآت الصغيرة والمتوسطة للممارسات المستدامة
على الرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في التحول نحو اقتصاد مستدام، فإن هذه المنشآت تواجه العديد من التحديات التي تعوق تطبيق الممارسات المستدامة بشكل فعال.
كما تتعرض هذه المنشآت لضغوطات مختلفة تتراوح بين القيود المالية إلى نقص المعرفة والخبرات في مجالات الاستدامة.
التحديات:
1- القيود المالية: تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة تحديات كبيرة في الالتزام بالممارسات المستدامة بسبب التكلفة العالية للتقنيات الحديثة، وندرة التمويل اللازم لتبني هذه التقنيات.
2- قيود سلاسل الإمداد: تؤثر القيود المتعلقة بسلاسل الإمداد في قدرة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على تنفيذ السياسات المستدامة، حيث إن الأسواق المحلية قد لا توفر كافة الموارد أو المواد التي تحتاجها هذه المنشآت لتبني ممارسات خضراء.
3- نقص المعرفة والخبرات: تعاني العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة من نقص في المعرفة والخبرات المتعلقة بالاستدامة، ويشمل ذلك التحديات المتعلقة بكيفية تطبيق معايير الاستدامة في العمليات اليومية.
4- إحجام الاستثمار في الاستدامة: تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة صعوبة في جذب الاستثمارات المستدامة بسبب عدم القدرة على البقاء على المدى الطويل، مما يؤثر على قدرتها على تطوير حلول مبتكرة وصديقة للبيئة.
5- التحديات التنظيمية والقانونية: تضع التشريعات الحالية العديد من القيود التي قد تحد من قدرة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على تطبيق سياسات الاستدامة.
6- محدودية الوصول للتمويل الأخضر: تواجه المنشآت صعوبة في الوصول إلى التمويل الأخضر بسبب نقص البيانات والتقارير المالية المتعلقة بتطبيق ممارسات الاستدامة.
7- مقاومة التغيير: غالبًا ما تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة مقاومة من الفرق الصغيرة الأكثر ترابطًا في تطبيق التغييرات اللازمة لتبني ممارسات الاستدامة.
المزايا:
1- بناء الثقة وتعزيز السمعة: يساعد تبني الممارسات المستدامة في بناء الثقة بين المنشآت وعملائها، مما يعزز سمعتها ويجذب المزيد من العملاء.
2- تحسين الأداء المالي: يمكن للممارسات المستدامة أن تساهم في تقليل التكاليف التشغيلية وتحسين الأداء المالي على المدى الطويل.
3- الامتثال التنظيمي والميزة التنافسية: تتيح الممارسات المستدامة للمنشآت التميز عن منافسيها وتلبية متطلبات الامتثال التنظيمي.
4- اجتذاب المواهب والاحتفاظ بها: تفضل المواهب الشابة العمل في بيئات مستدامة، مما يعزز من قدرة المنشآت على جذب الكفاءات الاحترافية والاحتفاظ بها.
5- تحديد المخاطر والتخفيف من أثرها: تسهم الممارسات المستدامة في تحسين قدرة المنشآت على تحديد المخاطر المحتملة والتخفيف من آثارها المستقبلية.
6- تعزيز الوصول للتمويل المستدام: يسمح التزام المنشآت بالممارسات المستدامة بالحصول على التمويل الأخضر من المستثمرين الذين يهتمون بالاستدامة.
7- تعزيز العلاقات مع أصحاب المصلحة: يساعد تبني ممارسات الاستدامة في تعزيز العلاقات مع أصحاب المصلحة من خلال تلبية احتياجاتهم البيئية والاجتماعية.
8- تحسين الكفاءة التشغيلية وتوفير التكاليف: تحسن الممارسات المستدامة الكفاءة التشغيلية من خلال تقليل الهدر وتحسين استخدام الموارد.
9- تحسين خلق القيمة على المدى الطويل: تساهم الممارسات المستدامة في تحسين القدرة على خلق القيمة على المدى الطويل من خلال الابتكار والإنتاجية العالية.
10- الابتكار وتحسين المرونة: يعزز تبني الممارسات المستدامة من قدرة المنشآت على الابتكار وزيادة مرونتها في التعامل مع التغيرات الاقتصادية والبيئية.

التقنيات الخضراء وحلول الطاقة المتجددة
يمكن للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية الاستفادة من مجموعة واسعة من التقنيات الخضراء وحلول الطاقة المتجددة التي تساهم في تقليل البصمة الكربونية وتقليل تكاليف الطاقة، ومن أبرز هذه التقنيات:
1- الطاقة الشمسية: تسهم الأنظمة الكهروضوئية للطاقة الشمسية في توليد الطاقة في المواقع، مما يوفر حلولًا للطاقة الشمسية للعملاء من خلال التركيبات على الأسطح والمزارع الشمسية.
2- أنظمة إدارة الطاقة الذكية: تمكن أنظمة إدارة الطاقة والتطبيقات الذكية من تحسين استهلاك الطاقة من خلال المراقبة المستمرة.
3- تقنيات إدارة الموارد المائية: تساعد أنظمة الري بالتنقيط، وعدادات المياه الذكية، في تحسين كفاءة المياه في الممارسات الزراعية والصناعية.
4- الأجهزة والمعدات الموفرة للطاقة: تساهم الآلات والأجهزة التي تلبي معايير كفاءة الطاقة العالية في تقليل التكاليف التشغيلية.
5- تقنيات البناء الأخضر: تشمل تقنيات البناء الأخضر استخدام المواد المستدامة والتصاميم الموفرة للطاقة.
6- الاقتصاد الدائري وإدارة النفايات: يساعد الاقتصاد الدائري في تحسين إدارة النفايات من خلال إعادة التدوير.
7- إنتاج الغاز الحيوي: يمكن للمنشآت الزراعية تحويل النفايات العضوية إلى غاز حيوي كمصدر للطاقة المتجددة.
ختامًا: تمثل الاستدامة أولوية استراتيجية في المملكة العربية السعودية، وتُسهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
فمن خلال التغلب على التحديات المالية والفنية، يمكن لهذه المنشآت الاستفادة من المزايا طويلة الأجل التي توفرها ممارسات الاستدامة.
Short Url
«نيوزيلندا تُحرج أمريكا» سفير يُشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية باستقالته
06 مارس 2025 02:01 م
عمالقة التريليونات يقودون الاقتصاد العالمي في 2025
05 مارس 2025 05:34 م
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص


أكثر الكلمات انتشاراً