«صراع العمالقة» الأسواق العالمية ترتجف بين حرب الرسوم الأمريكية والصينية
الثلاثاء، 04 مارس 2025 12:23 م

ترامب - شي جين بينج
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تتزايد المخاوف العالمية من التصعيد المستمر في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، كما تزداد حدة النزاع بين البلدين بشكل متسارع، وتستمر الإجراءات الاقتصادية والتجارية في فرض ضغوط كبيرة على الأسواق العالمية.
يتسم هذا الصراع بالحروب الجمركية المتبادلة بين أقوى اقتصادين في العالم، حيث تتخذ كل دولة خطوات هجومية في محاولة لتعزيز مصالحها الاقتصادية في مواجهة الأخرى.

تصعيد الحرب التجارية
أكدت الصين اليوم - الرابع من مارس 2025 - عن فرض رسومًا جمركية إضافية على مجموعة من السلع الأميركية ردًا على قرار واشنطن برفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية.
تعد هذه الخطوة جزءًا من سلسلة من الإجراءات المتبادلة التي يعكف كلا البلدين على اتخاذها في إطار حرب تجارية قائمة منذ سنوات.
كما وجهت وزارة الخارجية الصينية تحذيرًا واضحًا إلى الولايات المتحدة، أكدت فيه استعداد الصين للرد على أي تحركات تجارية من واشنطن حتى النهاية.
تصف الصين هذا التصعيد الأميركي بأنه محاولة لإضعاف النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف والانتقاص من حقوقها التجارية.
الرسوم الجمركية الأمريكية والصينية
فرضت الصين رسومًا جمركية إضافية على مجموعة من المنتجات الأميركية، مثل الدجاج والقمح والذرة والصويا، حيث تتراوح الرسوم بين 10 و15% على السلع الأميركية الواردة إلى الصين.
يعكس هذا التحرك ردًا مباشرًا على مرسوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية، مما أدى إلى حالة من التوتر المتصاعد في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
تسعى الولايات المتحدة من خلال رفع الرسوم الجمركية إلى تقليص العجز التجاري الكبير الذي تعاني منه مع الصين، بينما تنظر الصين إلى هذه الخطوات على أنها غير عادلة ومخالفة لمبادئ التجارة الحرة.

أهداف وأسباب التصعيد التجاري
تسعى الصين إلى الحفاظ على استقرار اقتصادها وتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية، بينما تهدف الولايات المتحدة إلى تقليل تأثير الصين المتزايد في الاقتصاد العالمي.
كما تعكس هذه الحرب التجارية رغبة واشنطن في تقليص النفوذ الصيني في أسواق عالمية استراتيجية مثل التكنولوجيا والطاقة.
تهدف الصين، من جانبها، إلى التأكيد على استقلالها الاقتصادي وحماية مصالحها الداخلية من التأثيرات السلبية المترتبة على التصعيد التجاري.
تتمثل أسباب التصعيد في عدة عوامل رئيسية تشمل السياسة الاقتصادية الأمريكية التي تسعى إلى تقليص العجز التجاري مع الصين وتحقيق أكبر قدر من التوازن التجاري.
وفي المقابل، ترى الصين أن هذه السياسات تمثل تهديدًا لمكانتها كقوة اقتصادية كبرى، وهو ما يدفعها إلى اتخاذ تدابير مضادة لحماية مصالحها التجارية.
التداعيات الاقتصادية والسياسية
يتوقع أن يكون لهذا التصعيد التجاري تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي، بحيث تتأثر الأسواق المالية بشدة من التحركات السياسية والاقتصادية لكل من الصين والولايات المتحدة، ويعاني العديد من القطاعات الصناعية في كلا البلدين من هذه الحرب التجارية.
تبدأ هذه التأثيرات بتقليص حجم التجارة بين البلدين، مما يؤدي إلى نقص في العرض وارتفاع الأسعار، كما يمكن أن تضر هذه الحرب التجارية بسمعة النظام التجاري الدولي، الذي يعتمد على التفاهم والتعاون بين الدول الكبرى.
أما على الصعيد السياسي، فإن التصعيد التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم يهدد بتأجيج التوترات بين الولايات المتحدة والصين، وقد ينعكس ذلك سلبًا على التعاون السياسي بين البلدين.
ويعتبر هذا التوتر اختبارًا لقدرة المجتمع الدولي على التعامل مع صراعات تجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى دون إحداث خلل في النظام العالمي.
ردود الفعل العالمية والتأثيرات على الدول الأخرى
تتأثر العديد من الدول الأخرى بتصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، حيث تسعى كل دولة إلى حماية مصالحها الاقتصادية في ظل التوترات التجارية.
فعلى سبيل المثال، قد تشهد بعض الاقتصادات النامية زيادة في تكاليف الواردات الأمريكية والصينية، مما يؤدي إلى صعوبات اقتصادية إضافية.
بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم الزيادة في الرسوم الجمركية في التأثير سلبًا على سلاسل التوريد العالمية، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار وارتفاع التكاليف بالنسبة للمستهلكين في مختلف أنحاء العالم.
المواقف المتباينة للصين والولايات المتحدة
تواصل الصين التأكيد على موقفها الثابت بأن الحرب التجارية ليست في صالح أي من الأطراف، معبرة عن استعدادها لمواصلة الدفاع عن مصالحها الاقتصادية بكل قوة.
إذ ترى أن الولايات المتحدة تتبع سياسة أحادية الجانب، والتي تضر بالاستقرار الاقتصادي العالمي، كما يؤكد المسؤولون الصينيون أن هذه السياسات الأمريكية تهدد النظام التجاري العالمي المعتمد على قواعد متعددة الأطراف.
من جهة أخرى، تصر الولايات المتحدة على أن الصين هي المسبب الرئيسي للخلل في التجارة العالمية، مشيرة إلى الممارسات التجارية غير العادلة التي تقوم بها الصين، مثل الدعم الحكومي المفرط للصناعات المحلية والتحايل على قوانين التجارة الدولية.
وتعتبر واشنطن أن هذه الحرب التجارية هي بمثابة إجراء ضروري لحماية مصالحها الاقتصادية، وضمان فرص عادلة لمنتجاتها في الأسواق العالمية.
حلول محتملة وآفاق المستقبل
تتعدد الحلول الممكنة لإنهاء التصعيد في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أولًا، يمكن أن تتفاوض الحكومتان على اتفاقية تجارية جديدة تراعي مصالح كلا الطرفين، وتعيد التوازن إلى النظام التجاري العالمي.
ثانيًا، يمكن للمجتمع الدولي الضغط على البلدين لتخفيف الرسوم الجمركية وبدء مسار جديد من التعاون التجاري.
ثالثًا، يمكن للأطراف المعنية اللجوء إلى منظمات التجارة العالمية مثل منظمة التجارة العالمية لحل النزاعات وفقًا للقوانين الدولية.
من المرجح أن يستمر التصعيد التجاري بين الصين والولايات المتحدة في المستقبل القريب، ولكن الحلول السياسية والتجارية قد تظهر في حال تزايد الضغوط الاقتصادية.
كما تعتمد قدرة كلا البلدين على تجاوز هذه الأزمة على مدى مرونتهما في التعامل مع التحديات الاقتصادية الدولية.

ختامًا: تشير التوترات المستمرة بين الصين والولايات المتحدة إلى أن الحرب التجارية بين البلدين ستظل حاضرة في المستقبل، وتبقى الصين مستعدة للرد على أي تصعيد من جانب الولايات المتحدة، في وقت تتزايد فيه تداعيات هذا النزاع على الاقتصاد العالمي.
سواء انتهت هذه الحرب التجارية قريبًا أو استمرت لفترة أطول، فإن التأثيرات ستكون واسعة النطاق، وستعتمد على قدرة كلا البلدين على التفاوض والتوصل إلى حلول دبلوماسية تجنب مزيدًا من التصعيد.
Short Url
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص
"المركزي للإحصاء" يكشف كيف تم توظيف 511483 شخص فى 2023
25 فبراير 2025 09:08 م


أكثر الكلمات انتشاراً