من أزمة إلى نجاح، كيف حول أحمد السويدي الصعوبات إلى فرص
الخميس، 20 فبراير 2025 12:54 م

المهندس أحمد السويدي
كتب/كريم قنديل
في إحدى قرى محافظة الشرقية، وتحديدًا في قرية طحا المرج التابعة لمركز ديرب نجم، وُلد طفل قدّر له أن يصبح واحدًا من أهم رجال الصناعة في مصر والعالم العربي، لم يكن يعلم أحمد السويدي حينها أن اسمه سيصبح يومًا ما مرادفًا للنجاح والريادة في مجال الكهرباء والطاقة، وأن شركته ستنتشر في أكثر من 110 دولة حول العالم، لكنها كانت مسيرة بدأت من الصفر، وبإصرار لا يعرف المستحيل.

البداية.. من هنا انطلق كل شيء
وُلد أحمد السويدي عام 1964 وسط عائلة عريقة تمتد جذورها إلى الجزيرة العربية، وهي عائلة جمعت بين العمل السياسي والصناعي، فكان أجداده من رواد التجارة في مصر، وامتلكوا نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا كبيرًا في محافظة الشرقية. لكن أحمد لم يكن معنيًا بالسياسة بقدر شغفه بالصناعة، فبعد تخرجه في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1986، قرر أن يشق طريقه في عالم الأعمال، واضعًا نصب عينيه هدفًا واضحًا: أن تكون عائلة السويدي اسمًا عالميًا في مجال الكهرباء والطاقة.
بدأت الرحلة من مصنع صغير لصناعة الكابلات، في وقت كانت فيه السوق المصرية تحت سيطرة شركات القطاع العام. لم يكن الأمر سهلًا، بل بدا أقرب إلى مغامرة غير محسوبة، لكن السويدي، الشاب الطموح، قرر أن يثبت للجميع أن بإمكانه منافسة الكبار.
النجاح الأول.. كابلات السويدي تفرض نفسها
في عام 1986، أخذ زمام المبادرة لتنمية الأعمال الخاصة بأسرة السويدي ، وإدارة أول مصنع خاص للكابلات في مصر (الشركة العربية للكابلات) ويحولها إلى مجموعة من أكبر المصانع في جميع أنحاء العالم التي تقدم الحلول المتكاملة في مجال الطاقة بأكثر من ثلاثين من مرافق الإنتاج في ستة عشر دولة والتي توظف أكثر من 14000 عامل وفنى ومهندس، إلى جانب تصدير مجموعة كبيرة من المنتجات العالية الجودة والآمنة إلى أكثر من 110 بلدًا في جميع أنحاء العالم (أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا والشرق الأقصى)، وخلال السنوات التي قضاها يشغل هذا المنصب قام أحمد السويدى بزيادة قيمة الأعمال ما يقرب من مائة مرة.
لم تمضِ سنوات قليلة حتى بدأت بصمات أحمد السويدي تظهر على أعمال العائلة. كانت خطته واضحة: الجودة العالية، الأسعار التنافسية، والبحث الدائم عن أسواق جديدة.
,في عام 1988، أنشأ أول مصنع كبير لإنتاج الكابلات، ونجح في كسر احتكار السوق المحلي، حيث أصبحت كابلات "السويدي إليكتريك" الخيار الأول للعديد من الشركات في مصر وخارجها.
في الوقت نفسه، كان السويدي يدرك أن الاعتماد على السوق المحلي وحده لن يحقق له الطموح الذي يسعى إليه، فبدأ التفكير في التصدير إلى الخارج.
وبالفعل، تمكن خلال سنوات قليلة من دخول أسواق جديدة في إفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما جعل شركته تنمو بسرعة غير مسبوقة.

الأزمات والتحديات.. السقوط قبل النهوض
لم تكن رحلة أحمد السويدي مفروشة بالورود، بل واجهت شركته العديد من الأزمات التي كادت أن تعصف بها، لولا أنه كان مستعدًا دائمًا لمواجهة التحديات.
وفي عام 2000، تعرض الاقتصاد المصري لأزمة مالية أثرت على حجم الطلب المحلي، وكان أمام السويدي خياران: إما تقليص العمالة وتقليل الإنتاج، أو البحث عن أسواق خارجية تعوضه عن الركود في الداخل.
وكعادته، اختار الخيار الأصعب لكنه الأكثر ذكاءً، فبدأ في تعزيز وجوده في الخارج، مما مكنه من تجاوز الأزمة بنجاح.
لكن التحدي الأكبر جاء مع الأزمة المالية العالمية عام 2008، التي أدت إلى انخفاض الطلب العالمي على المنتجات الكهربائية بنسبة 20%، وتسببت في تراجع أرباح الشركة بنسبة 50%.
بل وصل الأمر إلى خسارة بعض استثماراته الضخمة، مثل مصنع التوربينات في إسبانيا، الذي اضطر إلى بيعه بيورو واحد فقط بعد أن اشتراه بـ 80 مليون يورو. ومع ذلك، لم يفقد السويدي ثقته، بل اعتبرها درسًا ثمينًا في إدارة الأزمات.
ثم جاءت ثورات الربيع العربي في 2011 لتضيف تحديًا جديدًا، حيث توقفت مصانع الشركة في سوريا، وتعرض أحد مصانعها في اليمن للتفجير، فيما انخفضت مبيعاتها في ليبيا إلى الصفر بعد أن كانت تشكل 15% من حجم أعمالها. كان الوضع كارثيًا، لكن السويدي لم يكن رجلًا يستسلم بسهولة.
2014.. العودة إلى القمة
بعد سنوات من الأزمات، جاءت اللحظة التي انتظرها السويدي طويلًا. في عام 2014، بدأت الحكومة المصرية تنفيذ خطة كبرى لتطوير قطاع الكهرباء، وهنا كان أحمد السويدي حاضرًا بقوة. لعبت "السويدي إليكتريك" دورًا محوريًا في إنشاء محطات الكهرباء الجديدة، وتوسيع شبكة الكهرباء، مما أعاد للشركة مكانتها القوية في السوق.
وفي الوقت نفسه، استمر السويدي في خططه التوسعية، حيث افتتح مصانع جديدة في إفريقيا وأوروبا، وبدأ الاستثمار في مجالات أخرى، مثل العقارات وإدارة المشروعات، إلى جانب أكاديمية السويدي التعليمية. وبفضل هذه الاستراتيجية، أصبحت "السويدي إليكتريك" واحدة من أكبر شركات الكهرباء في العالم، بإجمالي 28 مصنعًا، وأكثر من 17,000 موظف، وصادرات تصل إلى 128 دولة.

السويدي.. اسم لا يُنسى في عالم الصناعة
اليوم، بعد أكثر من 35 عامًا من العمل المتواصل، أصبح أحمد السويدي واحدًا من أهم رجال الأعمال في مصر والعالم العربي، بثروة تتجاوز 50 مليون دولار، لكنه لا يزال يؤمن بأن النجاح الحقيقي لا يقاس بالمال، بل بمدى التأثير الذي يتركه في حياة الآخرين. لهذا السبب، يحرص دائمًا على دعم المشروعات الصغيرة، وتوفير فرص العمل للشباب، وتقديم حلول مبتكرة لتحديات الطاقة في العالم.
رحلة أحمد السويدي ليست مجرد قصة نجاح، بل هي درس في الإصرار، والمثابرة، والقدرة على تحويل الأزمات إلى فرص. من قرية صغيرة في الشرقية، إلى قائمة أكبر رجال الصناعة في العالم، أثبت السويدي أن النجاح لا يأتي صدفة، بل هو ثمرة جهد لا يعرف الكلل، وعزيمة لا تهزمها الأزمات.
Short Url
تعرف على أرخص سيارة جيتور في السوق المحلي 2025
03 مارس 2025 07:05 م
ما الموقف الضريبي لصناع المحتوى في مصلحة الضرائب المصرية؟
03 مارس 2025 07:00 م
"مصر الأولى في إفريقيا"، التمر في رمضان من مائدة الإفطار إلى خطوط الإنتاج
03 مارس 2025 06:50 م


أكثر الكلمات انتشاراً