الأحد، 23 فبراير 2025

01:07 ص

«نجيب ساويرس»، رجل أعمال صعيدي من غسيل الأطباق إلى قمة الأثرياء

الأربعاء، 19 فبراير 2025 06:21 م

رجل الأعمال نجيب ساويرس

رجل الأعمال نجيب ساويرس

كتب/كريم قنديل

في عالم المال والأعمال، يبرز نجيب ساويرس كأحد أكثر رجال الأعمال نجاحًا وإلهامًا في مصر والعالم العربي. لم يكن نجاحه مجرد ضربة حظ، بل نتاج رؤية طموحة، عمل دؤوب، وقدرة على تحويل التحديات إلى فرص، من نشأته في عائلة لها جذور قوية في عالم الأعمال إلى تأسيسه إمبراطورية اقتصادية ضخمة، تظل قصة نجيب ساويرس نموذجًا يُحتذى به في الريادة والتخطيط الاستراتيجي.

المهندس نجيب ساويرس

البدايات والتكوين

وُلد نجيب ساويرس في القاهرة في 17 يونيو 1954، في عائلة ذات خلفية اقتصادية قوية، حيث كان والده، أنسي ساويرس، مؤسسًا لشركة أوراسكوم، التي بدأت في مجال المقاولات قبل أن تتوسع في قطاعات متعددة، وتلقى نجيب تعليمه في مصر، ثم انتقل إلى سويسرا لدراسة الهندسة الميكانيكية والإدارة في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، ما منحه منظورًا عالميًا ساعده لاحقًا في إدارة أعماله.

الانطلاقة المهنية

عاد نجيب ساويرس إلى مصر وانضم إلى شركة والده أوراسكوم، حيث بدأ من موقع متواضع ليكتسب الخبرة في مختلف أقسام الشركة، وبفضل اجتهاده ورؤيته المبتكرة، تمكن من التدرج في المناصب حتى أصبح أحد القادة الرئيسيين في الشركة.

إلى جانب ذلك، لم يكتفِ نجيب ساويرس بالعمل في قطاع المقاولات فحسب، بل رأى فرصًا كبيرة في قطاعات أخرى، مثل السياحة والتكنولوجيا والإعلام، حيث بدأ في الاستثمار في هذه المجالات، مما عزز من مكانته كرائد أعمال متعدد المجالات.

نقلة نوعية في عالم الاتصالات

في عام 1988، قرر نجيب ساويرس أن يضع بصمته الخاصة عبر تأسيس شركة "أوراسكوم تليكوم"، التي ركزت على قطاع الاتصالات، في وقت لم يكن هذا المجال قد شهد انتشاره الواسع في مصر. 

ورغم التحديات، تمكن من تحقيق نجاح هائل، ووسّع نطاق عمله ليشمل الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.

حقق نجاحًا كبيرًا عندما أطلق شركة "موبينيل"، التي كانت أول مشغل اتصالات محمول خاص في مصر، وقد أدى نجاح هذه الشركة إلى تغييرات جذرية في سوق الاتصالات المصري، ما ساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحسين خدمات الاتصالات للمواطنين.

رجل الأعمال نجيب ساويرس

التحديات والتحولات

واجه نجيب ساويرس العديد من الصعوبات، من ضعف البنية التحتية إلى المنافسة الشديدة من الشركات العالمية، لكنه استطاع تحويل العقبات إلى فرص، واستحوذ على شركات صغيرة ومتوسطة، ونجح في توفير خدمات الاتصالات بأسعار مناسبة، ما عزز من مكانة شركته في السوق.

كما دخل في مفاوضات وتحديات قانونية في بعض الأسواق التي استثمر فيها، لكنه استطاع التعامل معها بذكاء واستراتيجية ناجحة، مما ساهم في تعزيز سمعته كرجل أعمال عالمي لديه القدرة على مواجهة الأزمات.

البدايات الصعبة والتربية الصارمة

لم يكن طريق ساويرس إلى الثراء مفروشًا بالورود، بل بدأ من نقطة صعبة، رغم أن والده، المهندس أنسي ساويرس، كان قد أسس شركة مقاولات كبيرة، ولكن في ستينيات القرن الماضي، تعرضت الشركة للتأميم، ما شكل تحديًا كبيرًا للعائلة.

لم يكن الاعتماد على الإرث خيارًا متاحًا، فوالده فرض عليه وعلى أشقائه تربية صارمة تعتمد على العمل الجاد والاعتماد على النفس. 

وذكر ساويرس خلال أحد اللقاءات التلفزيونية كيف أرسله والده إلى ألمانيا خلال فترة شبابه، ليعمل في مهن بسيطة، قائلًا:


"كان بيبعتني ألمانيا أغسل أطباق، وكان بيديني 50 مارك فقط، ولو خلصوا قبل الأسبوع، يقولي: لو ملقتش شغل ارجع".

وأضاف أنه بدأ بغسيل الأطباق، لكنه لم يستمر في هذه الوظيفة سوى ثلاثة أيام فقط قبل أن يحصل على ترقية ويصبح جرسونًا، موضحًا:


"كنت بقبل أي شغلانة في الأول، وبعدين أترقى، والدي كان شديد بحب وطيبة، وكان عايز يفهمنا إن القرش صعب، وإن الواحد لازم يتعب عشان يعمله".

رجل الأعمال أنسي ساويرس

رحلة الصعود إلى القمة

بفضل هذه القيم التي غرسها والده فيه، استطاع نجيب ساويرس أن يشق طريقه في عالم الأعمال، ليصبح اليوم أحد أبرز رجال الأعمال في مصر والعالم العربي. 

أسس العديد من الشركات، من أبرزها "أوراسكوم تليكوم"، التي أحدثت ثورة في قطاع الاتصالات في مصر وأفريقيا. 

كما توسعت استثماراته في قطاعات مثل الإعلام، السياحة، والتعدين، مما عزز من مكانته الاقتصادية.

التوسع والنجاح العالمي

لم يقتصر نجاح نجيب ساويرس على السوق المحلي، بل توسع إلى عدة دول في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، ساهمت استراتيجياته الجريئة في تعزيز وجود "أوراسكوم تليكوم" عالميًا، حيث أصبحت من كبرى الشركات الرائدة في قطاع الاتصالات.

بعد النجاح في قطاع الاتصالات، بدأ في الاستثمار في قطاعات أخرى، مثل الإعلام، حيث استحوذ على عدة قنوات تلفزيونية وصحف، وكان له تأثير كبير في المشهد الإعلامي العربي، كما دخل في قطاع التعدين، حيث استثمر في مشاريع استخراج الذهب في إفريقيا.

الأثر الاجتماعي

إلى جانب أعماله التجارية، لعب نجيب ساويرس دورًا بارزًا في المسؤولية الاجتماعية، من خلال "مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية" التي ساهمت في دعم المشاريع التنموية والتعليمية، وتحسين مستوى المعيشة للعديد من العائلات المصرية.

لم يقتصر دعمه على التنمية الاجتماعية فحسب، بل كان له دور في دعم الفنون والثقافة، حيث ساهم في إنشاء مهرجانات سينمائية ودعم المواهب الشابة في مختلف المجالات الفنية.

نجيب ساويرس

الثروة والإنجازات

قٌدرت ثروة نجيب ساويرس متخطية حاجز 6 مليار دولار، ما يجعله أحد أغنى رجال الأعمال في العالم العربي، وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات، منها "وسام جوقة الشرف الفرنسية" و"وسام نجمة التضامن الإيطالي"، تقديرًا لمساهماته الاقتصادية والاجتماعية.

كما صنفته مجلة "فوربس" ضمن قائمة أغنى الشخصيات في العالم العربي لعدة سنوات متتالية، مما يعكس نجاحه الكبير وتأثيره في عالم الأعمال.

قصة نجاح نجيب ساويرس تعكس مزيجًا من الطموح، الإبداع، والقدرة على تخطي التحديات، وبرؤيته الثاقبة وإصراره على النجاح، تمكن من بناء إمبراطورية اقتصادية ذات تأثير محلي وعالمي، تظل مسيرته مصدر إلهام لرواد الأعمال الطموحين في مصر والعالم.

إن قصة نجيب ساويرس ليست مجرد قصة رجل أعمال ناجح، بل هي دليل على أن التحديات يمكن أن تتحول إلى فرص، وأن الإصرار والعمل الجاد هما مفتاح النجاح الحقيقي.

Short Url

showcase
showcase
search