السبت، 22 فبراير 2025

06:46 م

اقتصادك في إيدك، من يحرك سعر الدولار؟

الأربعاء، 19 فبراير 2025 01:52 م

الدولار الأمريكي

الدولار الأمريكي

كتبت/ ميرنا البكري

يتبادر حتمًا في ذهنك الآن سؤالًا متكررًا باستمرار، ولا ينفك عقلك أن يعرف إجابته، وهو: لماذا الدولار هو العملة التي ترتفع قيمتها وتنخفض، ولماذا الدول تتأثر به رغم أن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي تستخدمه؟، سنوضح في هذا التقرير رحلة الدولار تاريخيًا، مع التركيز على الأسباب التي دفعته للسيطرة على التجارة العالمية والتسويات المالية، وسنعرض أهم العوامل السياسية والاقتصادية المؤثرة على سعر الدولار عالميًا.

 

سر هيمنة الدولار الأمريكي، الأسباب الاقتصادية والسياسية وراء تفوقه العالمي

أصبح الدولار الأمريكي العملة الرئيسية في العالم، وهذا يرجع إلى مجموعة من العوامل التاريخية والاقتصادية، ونوضح في هذه الفقرة الأسباب الرئيسية التي جعلت الدولار الأمريكي العملة الأساسية في التعاملات الدولية:

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان الاقتصاد الأمريكي هو الأقوى عالميًا، وكانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي لم تشهد تدمير في بنيتها التحتية، في عام 1944، تم الاتفاق في مؤتمر" بريتون وودز" على ربط العملات الدولية بالدولار الأمريكي، وفي هذه الفترة، كان الدولار الأمريكي مرتبط بالذهب، وكانت الولايات المحدة تمتلك احتياطات ضخمة من الذهب. هذا السبب التاريخي الذي جعل الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية في التعاملات الدولية.

تُعد الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم على مدار فترات كبيرة، مما جعل الدولار رمزًا للاستقرار المالي والاقتصادي، وهذا منطقي، فامتلاك الدولة أكبر اقتصاد في العالم، يجعل عملتها تكون الأكثر استخدامًا في المعاملات الدولية.

دور الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية

تحتفظ الدول التي لديها اقتصاد قوي باحتياطات كبيرة من الدولار الأمريكي كجزء من احتياطياتها النقدية، هذا يجعل الدولار العملة الرئيسية للتداول في الأسواق العالمية، سواء كان للنفط أو السلع أو حتى في البنوك، وتتم معظم تداولات النفط والسلع العالمية بالدولار الأمريكي، ويُعرف هذا النظام بـ "النفط بالدولار"، وباعتبار الدولار هو العملة المستخدمة في التعاملات الدولية، بالتالي يزداد الطلب عليه.

 

كيف يعزز الاستثمار والنفوذ السياسي قوة الدولار الأمريكي في العالم؟

تصدر الحكومة الأمريكية سندات حكومية، وتعتبر هذه السندات أكثر استثمارات في العالم أمانًا، فتقوم البنوك المركزية والدول بشراء هذه السندات بكميات ضخمة، مما يدعم مكانة الدولار في النظام المالي العالمي، وأخذت أمريكا تمارس نفوذًا سياسيًا كبيرًا في العالم من خلال (صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي) أو عبر قوى اقتصادية أخرى، وبالتالي يعزز من مكانة الدولار، كما أن الدولار صعد لهذه المكانة بسبب القوة الاقتصادية والسياسية لأمريكا، والاعتماد العالمي عليه في التجارة الدولية، بالإضافة إلى تاريخه العريق وتربعه على عرش العملات من بعد الحرب العالمية الثانية.

كيف يتم تحديد سعر الدولار؟

هل لاحظت أن سعر الدولار يرتفع وينخفض باستمرار؟، سعر الدولار يتحدد بناءً على العرض والطب في سوق الصرف الأجنبي، ففي حالة زيادة الطلب على الدولار، مع قلة المعروض منه، يرتفع سعره والعكس صحيح.

 العوامل المؤثرة على سعر الدولار

  • العرض والطلب العامل الأساسي: الدولار مثل السلع يتأثر بالعرض والطلب عليه، فالدول التي تحتاج إلى استيراد العديد من السلع تحتاج إلى المزيد من الدولارات (باعتباره العملة الرئيسية في التعاملات المالية)، وبالتالي يزيد الطلب عليه ويرتفع سعره، أما الدول التي تصدر منتجات وخدمات بكثرة تكسب المزيد من الدولارات، وبالتالي يزيد المعروض ويؤدي إلى استقرار أو انخفاض السعر.
  • العوامل المحلية الاقتصادية الخاصة بكل دولة: إذا كانت بلدة ما صادراتها أكثر من وارداتها، فهذا يشير إلى تحسن في الميزان التجاري، وبالتالي يعزز قيمة عملة الدولة مقابل الدولار، وكثرة الاستثمارات الأجنبية في دولة ما، وضخ الكثير من الدولارات فيها، قد يؤدي إلى انخفاض سعر الدولار، أما بالنسبة للدول التي تعاني من التضخم، عادة ما تفقد قيمة عملتها أمام الدولار؛ بسبب انخفاض القوة الشرائية للعملة مقابل الدولار.
  • سياسات البنوك المركزية: تؤثر هذه السياسات على قيمة الدولار، فعندما يرفع البنك المركزي الفائدة، يصبح الاستثمار في الدولة أكثر جاذبية، وبالتالي يزداد تدفق الأموال الأجنبية، مما يؤثر بالإيجاب على سعر الصرف، وتقوم بعض الدول بالتدخل في السوق، عن طريق شراء أو بيع الدولار لتثبيت سعر الصرف أو التحكم فيه.
  • تأثير العوامل العالمية على الدولار: تؤثر الحروب، والأزمات الاقتصادية، أو الأوبئة على سعر الدولار عالميًا، وفي هذه الأوقات، يلجأ المستثمرون إلى الأصول التي يعتبرونها آمنة كالدولار الأمريكي، بسبب استقراره النسبي مقارنةً بالعملات الأخرى، وبالتالي يزيد سعر الدولار، وفي حالات أخرى من الممكن أن تؤثر هذه الأزمات بالسلب على الدولار، فقد تتخذ الحكومة الأمريكية إجراءات اقتصادية مثل تعديل سعر الفائدة أو طبع المزيد من الدولارات.
  • السياسة النقدية الأمريكية: باعتبار الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية، فإن قرارات الفيدرالي الأمريكي (رفع الفائدة، التيسير الكمي، إلخ) تؤثر على قيمته عالميًا.
  • أسعار السلع الأساسية: مثل النفط والذهب، حيث تؤثر تحركاتها على قيمة الدولار؛ لأن معظم هذه السلع يتم تسعيرها بالدولار عالميًا. 
  • تأثير السوق السوداء على قيمة الدولار: فعندما يكون هناك نقص في العملة الأجنبية في دولةٍ ما، تظهر السوق السوداء، حيث يتم تداول الدولار بأسعار مختلفة عن السعر الحقيقي في السوق الرسمية.

ختامًا: يتأثر سعر الدولار بعوامل متعددة كالعرض والطلب، والسياسات النقدية، والتطورات الاقتصادية العالمية، وهذا يجعله دائم التقلب، ورغم محاولات تحقيق الاستقرار، يظل الدولار مؤشرًا حساسًا لحالة الاقتصاد العالمي؛ لذلك، فإن مراقبته وفهم أسبابه أمر واجب لاتخاذ قرارات مالية واستثمارية أكثر وعيًا.

Short Url

showcase
showcase
search