السبت، 22 فبراير 2025

07:34 م

ترامب يواجه الصين بقانون منسي منذ 100 عام

الأربعاء، 12 فبراير 2025 04:25 م

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

سارة عصام

يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفعيل قانون تجاري يعود إلى عام 1930، وهو قانون تم نسيانه إلى حد كبير لعقود، وذلك لدعم التعريفات الجمركية المتبادلة الجديدة التي ستفرض ضرائب أعلى على الواردات القادمة من دول أخرى.

وأكد ترامب أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة ستدخل حيز التنفيذ "على الفور تقريبًا"، مشيرًا إلى أن المادة 338 من قانون التجارة لعام 1930 تمنحه صلاحيات واسعة لفرض هذه الرسوم بسرعة.

يتيح هذا القانون للرئيس فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على الواردات القادمة من الدول التي يثبت أنها تمارس التمييز ضد التجارة الأمريكية. 

ويشمل ذلك فرض "رسوم أو ابتزاز أو لوائح أو قيود غير معقولة" ضد الصادرات الأمريكية، وفقا لرويترز.

مواجهة التعريفات الجمركية الأوروبية

ودائما ما اشتكى ترامب من أن التعريفات الجمركية الأمريكية أقل من تلك التي تفرضها الدول الأخرى، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يفرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على السيارات المستوردة، وهي نسبة تعادل 4 أضعاف التعريفة الجمركية الأمريكية على السيارات والتي تبلغ 2.5%.

وفي هذا السياق، قال دان كانيسترا، الشريك في شركة "كروويل آند مورينج" للمحاماة: "أعتقد أن الإدارة الأمريكية ستسير في هذا الاتجاه، وسيقولون للاتحاد الأوروبي: أنتم تمنحون كوريا 0% على السيارات، بينما تفرضون 10% على السيارات الأمريكية، وهذا تمييز ضدنا."

أداة قانونية سريعة التنفيذ

على عكس الأدوات القانونية الأخرى التي استخدمها ترامب في ولايته الأولى، والتي تستغرق وقتًا طويلاً لتطبيق الرسوم الجمركية، توفر المادة 338 مسارًا أسرع، فالقوانين الأخرى، مثل المادة 232 المتعلقة بالأمن القومي أو المادة 301 الخاصة بالممارسات التجارية غير العادلة للصين، تتطلب تحقيقات وتعليقات عامة قد تستغرق شهورًا، لكن ترامب يفضل الآن الأدوات القانونية التي تمنحه القدرة على فرض تعريفات جمركية فورًا، مثل قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، الذي استُخدم لفرض رسوم بنسبة 10% على البضائع الصينية، ورفع الرسوم الجمركية على الألومنيوم إلى 25% بدءًا من 12 مارس.


العلاجات السحري في المادة 338

ويؤكد نازك نيكختار، المسؤول السابق في وزارة التجارة خلال ولاية ترامب الأولى، أن المادة 338 تنتمي إلى "فئة العلاجات السريعة"، حيث تسمح للرئيس باتخاذ قرارات أحادية وفرض الرسوم الجمركية خلال 30 يومًا.

هل يمكن للكونغرس إلغاء القانون؟

تم بحث سيناريوهات استخدام المادة 338 خلال ولاية ترامب الأولى، لكن الفريق القانوني لجأ حينها إلى أدوات أكثر شيوعًا. ومع ذلك، يرى نيكختار أن القانون لا يزال ساريًا، حيث لم يقم الكونغرس بإلغائه، مما يمنح ترامب فرصة لاستخدامه بسهولة.

"الميزة في هذا القانون أنه أكثر إلحاحًا، فهو يسمح بتنفيذ القرارات بسرعة دون الحاجة إلى موافقة طويلة من الكونغرس"، يضيف نيكختار.

تاريخ من السياسات الحمائية

يعود قانون التجارة لعام 1930، الذي يضم المادة 338، إلى فترة السياسات التجارية الحمائية التي تسببت في تفاقم الكساد العظيم، حيث فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية عالية، مما دفع الدول الأخرى إلى الرد بالمثل.

وبعد الحرب العالمية الثانية، حاولت الدول توحيد التعريفات الجمركية عالميًا لتجنب السياسات الاقتصادية التي أدت إلى تدهور التجارة العالمية. وأسست هذه الجهود الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (GATT) في عام 1947، والتي تطورت لاحقًا إلى منظمة التجارة العالمية عام 1995.

لكن إذا مضى ترامب في استخدام المادة 338، فسيكون ذلك بمثابة ضربة كبيرة لمبدأ الدولة الأكثر رعاية، وهو المبدأ الذي يحكم منظمة التجارة العالمية ويقضي بفرض تعريفات جمركية متساوية على جميع الدول الأعضاء.

زلزال في منظمة التجارة العالمية 

جون فيرونو، نائب الممثل التجاري الأمريكي السابق، يرى أن خطوة ترامب قد تؤدي إلى زلزال في منظمة التجارة العالمية، حيث ستعتبر تخليًا عن مبدأ الدولة الأكثر رعاية والتوجه نحو مفاوضات تعريفات جمركية ثنائية، مما قد يهدد النظام التجاري العالمي.

كما يشير فيرونو إلى أن إدارة فرانكلين روزفلت هددت باستخدام المادة 338 ضد دول مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا واليابان في الثلاثينيات، لكنها لم تفعل ذلك مطلقًا. وفي عام 1949، تم اقتراح استخدامها ضد الصين عندما فرضت الحكومة الشيوعية قيودًا على التجارة الأمريكية.

تفاوت التعريفات الجمركية بين الدول

لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب ستطبق المادة 338 على نطاق واسع أم ستستهدف دولًا أو قطاعات محددة. لكن جوهر هذه الخطوة يكمن في جعل التعريفات الأمريكية متوافقة مع التعريفات الأعلى التي تفرضها الدول الأخرى.

على سبيل المثال، يبلغ متوسط التعريفة الجمركية في الولايات المتحدة 2.2%، بينما تصل إلى 12% في الهند، و6.7% في البرازيل، و5.1% في فيتنام، و2.7% في الاتحاد الأوروبي.

يقول كيفين هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، إن الرسوم الجمركية المرتفعة في بعض الدول مثل الهند تعيق دخول المنتجات الأمريكية إلى أسواقها، مما يبرر خطوة ترامب في فرض رسوم انتقامية.

هل يصمد القانون أمام التحديات القانونية؟

على الرغم من أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة وقّعت على اتفاقيات تجارية تحدد معدلات التعريفات الجمركية، فإن المحامي دان كانيسترا يعتقد أن استخدام ترامب للمادة 338 سيصمد أمام أي طعن قانوني، لأن التعريفات الحالية مليئة بالتناقضات التي تم التفاوض عليها عبر السنوات لحماية المصالح الاقتصادية للدول.

وقال كانيسترا، "التمييز في التعريفات الجمركية موجود بالفعل، ويمكنك اكتشافه بسهولة بمجرد إلقاء نظرة على الجداول التجارية".

كما يشير نيكختار إلى أن ترامب قد يستخدم المادة 338 ليس فقط لاستهداف التعريفات الجمركية، بل أيضًا لمواجهة اللوائح التي تضعها بعض الدول لحماية صناعاتها المحلية، مثل القيود الأوروبية على المحاصيل المعدلة وراثيًا أو معايير انبعاثات السيارات في اليابان والاتحاد الأوروبي.

Short Url

showcase
showcase
search