سليمان الراجحي.. من عامل بسيط إلى إمبراطورية مصرفية وأعمال خيرية

الثلاثاء، 28 يناير 2025 03:17 م

سليمان الراجحي

كتبت/ ميرنا البكري

سليمان الراجحي هو واحد من أبرز رجال الأعمال في السعودية والعالم العربي، الذي بدأ حياته في بيئة متواضعة في محافظة القصيم عام 1929، فقد بدأ رحلة كفاحه من الصفر من خلال عدة أعمال استهلها بالعمل حمَّال للرماد، ثم طباخ، ثم قهوجي، ومنها إلى القمة عندما أنشأ مصرف الراجحي عام 1957، الذي تحول إلى أحد أكبر البنوك الإسلامية في العالم. لم يتوقف طموحه عند البنوك، بل توسع في العديد من المجالات مثل الزراعة والعقارات، ولإيمانٍ عميقٍ بالمسؤولية الاجتماعية خصص جزءًا كبيرًا من ثروته للأعمال الخيرية التي ساهمت في تحسين حياة العديد من الأفراد في المجتمع السعودي. قصة نجاحه تمثل نموذجًا ملهمًا من العمل الجاد والإصرار.

من حمَّال بسيط إلى مؤسس أكبر مصرف إسلامي عالمي

سليمان الراجحي يُعد من أبرز رجال الأعمال الذين تركوا بصمة مميزة في المجال الاقتصادي، سواء داخل المملكة العربية السعودية أو على المستوى العالمي. أسهم بشكل كبير في تطوير الاقتصاد الإسلامي، وتنويع الاستثمارات، وتعزيز الاقتصاد الوطني. وفيما يلي أبرز إنجازاته:

تأسيس مصرف الراجحي

أسس مع إخوته مصرف الراجحي، الذي يُعد اليوم أكبر بنك إسلامي عالميًا من حيث الأصول والخدمات. وسعت أعمال المصرف لتشمل أسواقًا دولية، مثل ماليزيا، والكويت، والأردن، مما عزز دور الاقتصاد السعودي في الخارج.

الاستثمار الصناعي

شهدت استثمارات سليمان الراجحي توسعًا في القطاع الصناعي من خلال تأسيس شركات تهدف إلى دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، منها:

الوطنية للصناعة: متخصصة في صناعة البلاستيك وتغليف المواد الغذائية والأغطية، إضافة إلى المنتجات الورقية ومواد البناء. تُسهم في دعم سلسلة الإمداد المحلية والإقليمية.

أسمنت عطبرة: تُعد من أبرز شركات إنتاج الأسمنت في السودان، وتلعب دورًا هامًا في دعم قطاع البناء والتشييد.

الاستثمار الزراعي

ركز سليمان الراجحي على الاستثمار الزراعي كأحد المحاور الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة. تأسست عدة شركات تُعد من الأبرز في هذا المجال بالمملكة العربية السعودية والمنطقة، منها:

الوطنية للزراعة: تُعتبر من أكبر الشركات الزراعية في المملكة، وتتميز بتطبيق تقنيات الزراعة العضوية والري الحديث لزيادة الإنتاجية وتقليل استهلاك المياه.

سليمان الراجحي الدولية للاستثمار الزراعي: تسعى إلى الاستثمار في الأراضي الزراعية الدولية لتعزيز الإنتاج الزراعي وتنويع مصادر الغذاء، مع التركيز على تطبيق أفضل الممارسات المستدامة.

الاستثمار الغذائي

تمثل صناعة الأغذية أحد المحاور الرئيسية لاستثمارات الراجحي، حيث تُدير شركاته مشروعات ضخمة لإنتاج الغذاء على المستويين المحلي والإقليمي، مثل:

دواجن الوطنية – السعودية: تُعد من أكبر مشاريع إنتاج الدواجن في الشرق الأوسط، وتتميز بتقديم منتجات ذات جودة عالية مع الالتزام بالمعايير الصحية والبيئية.

دواجن الوطنية – مصر: امتداد لمشروع دواجن الوطنية في المملكة، وتُسهم في دعم الأمن الغذائي الإقليمي من خلال توفير منتجات الدواجن الطازجة والمجمدة.

الأعمال الخيرية

بدأ الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي عمله الخيري بمساعدة المحتاجين بشكل مباشر. ومع توسع أعماله واستشارة أهل العلم والخبرة، قرر تأسيس جهة متخصصة لتنظيم وتنفيذ الأعمال الخيرية والدعوية. كانت البداية في عام 1403هـ بتأسيس لجنة خيرية، تطورت لاحقًا في عام 1415هـ إلى مكتب للعمل الخيري، إلى أن حصل المكتب على تصريح رسمي من وزارة الشؤون الاجتماعية ليصبح "مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية".

جهود المؤسسة:

تُقدم المؤسسة سنويًا دعمًا لما يقارب 1200 مشروع خيري، موزعة على أكثر من 130 مدينة وقرية في المملكة. تعمل عبر شبكة من الفروع تغطي كافة مناطق السعودية، مستندة إلى استراتيجية واضحة تهدف إلى تلبية احتياجات المجتمع بفعالية واستدامة.

في خطوة رائدة لاستدامة أعمال الخير، قرر الشيخ سليمان وقف جزء كبير من ثروته، تشمل أصول شركات كبرى وعقارات. يُعد هذا الوقف واحدًا من أكبر الأوقاف في التاريخ الإسلامي، ويوفر مصدر دخل مستدام لدعم مشاريع خيرية تعود بالنفع على آلاف العاملين والمستفيدين.

دروس مُلهمة من قصة كفاح سليمان الراجحي

تُعلمنا قصة كفاح سليمان الراجحي أن النجاح ليس مجرد حظ أو صدفة، بل هو نتاج العمل الجاد، والإصرار، والرؤية الواضحة. بدأ من الصفر وواجه تحديات لا تُحصى، لكنه استطاع تحقيق إنجازات استثنائية بفضل إيمانه بالله، والتزامه بالقيم الإسلامية، وقدرته على المزج بين النجاح المادي وخدمة المجتمع.

يمكننا الاستفادة من هذه القصة من خلال:

العمل الجاد والصبر: بداية صغيرة وجهد متواصل يمكن أن تؤدي إلى نجاح كبير.
التخطيط والاستثمار: تنويع الاستثمارات وتوجيهها نحو المجالات التي تعود بالنفع على الاقتصاد والمجتمع.
المسؤولية الاجتماعية: تحقيق التوازن بين النجاح الشخصي والعطاء، فالمجتمع جزء من رحلة أي إنسان ناجح.
الاستدامة في العطاء: التفكير في الوقف والعمل الخيري كوسيلة لضمان استمرارية الخير.

خاتمة

تُعلمنا قصة كفاح سليمان الراجحي أن النجاح ليس مجرد حظ أو صدفة، بل هو نتاج العمل الجاد، الإصرار، والرؤية الواضحة. بدأ من الصفر وواجه تحديات لا تُحصى، لكنه استطاع تحقيق إنجازات استثنائية بفضل إيمانه بالله، والتزامه بالقيم الإسلامية، وقدرته على المزج بين النجاح المادي وخدمة المجتمع.

Short Url

أخبار متعلقة