التحول الرقمي.. نظرة شاملة على التطور التكنولوجي وكيفية تطبيقه
الأربعاء، 29 يناير 2025 04:55 م
التحول الرقمي
كتبت/ ميرنا البكري
التحول الرقمي، ليس مجرد فكرة جديدة، لكنه أصبح ضرورة حتمية في عصرنا الحالي، فمن خلاله، تتغير طريقة عمل المؤسسات، وتُفتح أبوابًا من الفرص الجديدة للأفراد والشركات على حد سواء، ففي عالم يتطور بسرعة، أصبح التحول الرقمي هو المحرك الأساسي للتقدم والنمو، حيث يُسهم في تحسين الكفاءة، ويعزز الابتكار، ويوفر حلولًا أسرع وأذكى.
وسواءًا كنت رائد أعمال أو موظف في مؤسسة كبيرة أو صغيرة، ففهمك للتحول الرقمي وتطبيقه بشكل سليم، هو الطريق نحو المستقبل، وبالغوص في هذا العالم المثير، من الممكن معرفة كيف يمكن للتحول الرقمي، أن يعيد تشكيل كل جوانب حياتنا المهنية والشخصية، وكيف يمكن تطبيقه لتحقيق الهدف الأساسي منه.
ما هو الهدف من التحول الرقمي؟
الهدف الأساسي من التحول الرقمي، هو تسهيل حياة المستخدمين، حيث أن التركيز ليس فقط على تبني التكنولوجيا، بل على تقديم تجربة سلسة ومريحة للمستخدم، بمعنى آخر، دمج التكنولوجيا في العديد من الأعمال بما يتطلب معه السهولة والوضوح وليس التعقيد.
والهدف من ذلك، هو تسريع المعاملات وزيادة دقتها، ما يسهم في إنجاز الأعمال في وقت أقل وبكفاءة أعلى، فعلى سبيل المثال في القطاع البنكي، أصبح بإمكان العملاء إجراء المعاملات المالية والتحويلات بسهولة عبر الإنترنت، أو تطبيقات الهاتف المحمول، ما يوفر الوقت والجهد مقارنة بالطرق التقليدية، وفي قطاع التجارة الإلكترونية، أصبح بإمكان العملاء التسوق والدفع إلكترونيًا في دقائق معدودة، بدلًا من الوقوف في طوابير، أو الانتظار لفترات طويلة، ما يوفر لهم الوقت والجهد، ويسهم في تحسين تجربتهم بشكل ملحوظ.
الفرق الجوهري بين الرقمنة، التحول الرقمي، والأتمتة.. دعونا نفهم معًا
التحول الرقمي، هو مصطلح يثير الكثير من النقاش والجدل، حيث يختلف فهمه بين المتخصصين وغير المتخصصين، ومع تزايد استخدام التكنولوجيا في مختلف المجالات، أصبح من الصعب أن نجد مؤسسة أو قطاعًا لا يعتمد على الأدوات الرقمية في عملياتها اليومية، ومع ذلك، يظهر الجدل حينما نناقش كلمة "رقمي"، لذا من المفترض طرح سؤال مهم وهو، إذا كان العالم بالفعل أصبح رقميًا، فما الحاجة إلى "التحول الرقمي؟.
الإجابة على هذا التساؤل تبدأ بتوضيح معنى كلمة "رقمي"، فببساطة، كلمة "رقمي"، تشير إلى الطريقة التي يعبر بها الكمبيوتر عن البيانات، باستخدام النظام الثنائي (Binary System)، أي الأرقام 0 و 1، لكنّ المشكلة تكمن في التباس المفاهيم بين مصطلحات مثل "الأتمتة" و "الرقمنة" و "التحول الرقمي"، فما الفرق بينها؟.
الرقمنة:- يمكن تعريفها بأنها عملية تحويل الأشياء المادية أو التقليدية، إلى شكل رقمي، بمعنى آخر، إذا كان لديك ورقة مكتوبة بخط اليد وتريد أن تحتفظ بها بشكل رقمي على جهاز الكمبيوتر، فهذا يُعتبر "رقمنة". وعلى سبيل المثال، إذا قمت بتحويل مستند ورقي إلى ملف PDF باستخدام ماسحٍ ضوئيٍ، فأنت قمت بعملية “رقمنة”.
التحول الرقمي:- وهو مصطلح أوسع وأعمق، فلا يقتصر فقط على تحويل الأشياء إلى شكل رقمي، لكنه عملية تغيير في طريقة عمل المؤسسات أو الأفراد، باستخدام التكنولوجيا لتحقيق نتائج أفضل، بمعنى آخر، بدلًا من استخدام طرق تقليدية كالورق أو الإجراءات اليدوية، من الممكن الاعتماد على التكنولوجيا، لزيادة الكفاءة وتسريع العمليات، فعلى سبيل المثال، تطبيقات مثل “Uber”، والتي غيرت طريقة التنقل من خلال استخدام التكنولوجيا بدلًا من الطرق التقليدية مثل التاكسي التقليدي.
أما الأتمتة، فهي استخدام التكنولوجيا، لتنفيذ المهام بشكل تلقائي بدون تدخل بشري، بمعنى، بدلًا من إعادة نفس العملية يدويًا كل مرة، يقوم النظام أو التطبيق بالأمر تلقائيًا، فمثلًا، برامج المحاسبة تقوم بحساب الفواتير والإيرادات تلقائيًا، دون الحاجة إلى إدخال البيانات يدويًا من قبل الموظف.
أبرز المفاهيم التقنية المعقدة التي تندرج تحت مفهوم التحول الرقمي
- إنترنت الأشياء(IOT):- وهو شبكة من الأجهزة المترابطة التي تتبادل البيانات والمعلومات عبر الإنترنت، الهدف هو تحويل الأشياء المعتادة لأدوات ذكية، تتفاعل بشكل مستقل بدون الحاجة لتدخل بشري مستمر من الأمثلة الواقعية على إنترنت الأشياء هو "المنزل الذكي".
وفي المنزل الذكي، تجد أجهزة كالثلاجة الذكية التي تتابع كمية الأطعمة الموجودة بداخلها وتنبهك قبل انتهاء الأشياء، أو إذا كان هناك شيء سيفسد، وهناك أيضًا المصابيح الذكية التي يمكن أن تتحكم فيها من خلال الهاتف، أو يمكنها التكيف مع الوقت أو الظروف كالضوء الطبيعي، وتطفئ تلقائيًا إذا لم يوجد أحد بالغرفة، إضافة للأجهزة الأمنية مثل الكاميرات التي تتصل بالإنترنت، والتي تعمل على إرسال إشعارات في حالة حدوث حركة غير معتادة.
- البلوكشين (Blockchain):- هي تقنية رقمية لتخزين البيانات بشكل آمن وشفاف، عن طريق سلسلة من الكتل (Blocks) المرتبطة ببعضها في سجل غير قابل للتغيير، كل كتلة تحتوي على بيانات معينة، كالمعاملات المالية أو العقود الذكية، وهي مربوطة بالكتلة التي قبلها من خلال رمز تشفير، مما يجعل من المستحيل التلاعب بها.
فعلى سبيل المثال، العملات الرقمية مثل البيتكوين تستخدم البلوكتشين، لتسجيل كل معاملة تتم بين المستخدمين، وفي حالة إذا قام شخص بإرسال بيتكوين لشخص آخر، فإن هذه المعاملة، يتم تسجيلها في كتلة جديدة تضاف للسلسلة، ويتم التحقق منها بواسطة شبكة من الأجهزة، ما يضمن الشفافية والأمان، لأن محاولة التلاعب بالبيانات ستتطلب تغيير كل الكتل المرتبطة، وهذا أمر معقد للغاية.
- الـ NFTs (الرموز غير القابلة للاستبدال):- وهي أصول رقمية فريدة يتم تخزينها على تقنية البلوكتشين، ويتم استخدامها لإثبات ملكية شيء معين، سواءًا كان صورة، مقطع فيديو، موسيقى، أو حتى قطعة أرض رقمية في الميتافيرس (العالم الافتراضي).
فعلى سبيل المثال، فنان رقمي رسم لوحة رقمية، وقرر أن يبيعها كـNFTs، فسيكون لها شهادة ملكية مسجلة على البلوكjشين، وأي شخص يستطيع أن يتأكد من المالك الأصلي للوحة، ومن قام بشرائها، مثال:- بيع صورة “Everydays: The First 5000 Days”، للفنان Beeple بسعر حوالي 69 مليون دولار كمزاد على الإنترنت.
- الحوسبة السحابية:- هي تقنية تسمح لك بتخزين البيانات وتشغيل التطبيقات على الإنترنت، بدلًا من أن تكون محجوزة على جهازك الشخصي، بمعنى آخر بدلًا من استخدام جهازك لتخزين الملفات أو تشغيل برامج كبيرة، تستطيع أن تخزن كل البيانات على "السحابة"، أو الخوادم المتاحة على الإنترنت، ويتم الدخول إليها من أي مكان أو جهاز.
مثال واقعي على الحوسبة السحابية هو "خدمة Google Drive" أو "Dropbox"، حيث يمكن أن تقوم برفع ملفاتك على السحابة وتستطيع الوصول إليها من خلال أي جهاز متصل بالإنترنت، سواء كان الهاتف الخاص بك أو الكمبيوتر أو التابلت، ما يوفر لك مساحة على جهازك الشخصي، ويسهل عملية الوصول للملفات في أي وقت ومن أي مكان.
استراتيجيات يجب أن تتبناها المؤسسات لضمان نجاح التحول الرقمي وتحقيق أهدافه
ولضمان نجاح التحول الرقمي، وتحقيق أهدافه، يجب على المؤسسات اتباع مجموعة من الاستراتيجيات الأساسية، ومنها:-
تحديد رؤية واضحة:- يجب أن يكون لدى المؤسسة، هدف محدد من التحول الرقمي، مثل تحسين الخدمات، وزيادة الإنتاجية، أو خفض التكاليف، مع وضع خطة واضحة لتنفيذ ذلك.
تحسين تجربة العملاء:- فلا يقتصر التحول الرقمي على استخدام التكنولوجيا فقط، بل يجب أن يكون الهدف الأساسي، هو تسهيل حياة العملاء، وتقديم خدمات أسرع وأكثر كفاءة.
تطوير البنية التحتية التكنولوجية:- لا يمكن تحقيق التحول الرقمي بدون أنظمة قوية، لذلك يجب الاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات.
تدريب الموظفين وتأهيلهم:- نجاح التحول الرقمي يعتمد على الموظفين، لذا يجب تزويدهم بالمهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها بشكل فعال.
تشجيع ثقافة الابتكار والتجربة:- يجب أن تكون المؤسسة مستعدة لتجربة أفكار جديدة، واعتماد التقنيات الحديثة، والتكيف مع التغيرات بسرعة لتحقيق أفضل النتائج.
تعزيز الأمن السيبراني وحماية البيانات:- مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، يصبح تأمين البيانات والمعلومات أمرًا ضروريًا لمنع الاختراقات وضمان استمرارية العمل بأمان.
استخدام البيانات في اتخاذ القرارات:- جمع البيانات وتحليلها يساعد في اتخاذ قرارات أكثر دقة، ما يؤدي إلى تحسين الأداء وتطوير الخدمات بشكل مستمر.
التحول الرقمي، لم يعد خيارًا بل ضرورة لأي مؤسسة تسعى للنجاح في العصر الحديث، من خلال تبني استراتيجيات واضحة، مثل تحسين البنية التحتية، وتدريب الموظفين، وتعزيز الأمن السيبراني، ويمكن للمؤسسات، تحقيق أقصى استفادة من التكنولوجيا، وتقديم خدمات أكثر كفاءة وابتكارًا، وفي النهاية، النجاح في التحول الرقمي، يعتمد على التخطيط الجيد، والاستعداد المستمر لمواكبة التغيرات والتطورات السريعة في عالم التكنولوجيا.
Short Url
قبل إنتهاء المزاد، لوحة السيارة «أ 5555» تكسر حاجز المليون ونصف
30 يناير 2025 02:58 م
خبير : مصر لديها اكتفاء ذاتي من البيض والدواجن وتصدر للخارج
30 يناير 2025 02:38 م
«أسعاره في البنوك»، اليورو ينخفض ويسجل 52,25 جنيه خلال تعاملات اليوم
30 يناير 2025 10:03 ص
أكثر الكلمات انتشاراً