من قرى الصين للريف المصرى، دراسة لـ "إيجي إن" تبرز كيف يمكن لمصر تتبنى نموذج القرى المنتجة لتحقيق التنمية المستدامة
الأربعاء، 19 فبراير 2025 09:44 م

القرى المنتجة في الصين.. خطوة للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة
أحمد عزيز
تُبنى فكرة القرية المنتجة على أساس أجندات، وبرامج مدروسة من الممكن أن تٌؤتي ثمارها إذا تم تنفيذها بطريقة سليمة، خاصة أن مقومات القرية المنتجة متوفرة بكثرة في القُرى المصرية، وتحتاج لمن يستكشفها، ويحسن إدارتها.
يُعد التخلص من الفقر هدفًا مشتركًا في التجربة التنموية لكل من مصر، والصين، حيث تتشابه رؤى الدولتين في معالجة هذه المشكلة. رؤية "مصر 2030" ، التي أُطلقت في فبراير 2016، وتم تحديثها في بداية عام 2018، تركز على تحسين مستوى معيشة المواطن في مختلف جوانب الحياة. تهدف الرؤية إلى الحد من الفقر بجميع أشكاله، والقضاء على الجوع، وتوفير منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، وتحسين جودة الخدمات الأساسية، وإثراء الحياة الثقافية، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وكلها تصب في خدمة هدف مكافحة الفقر في مصر.
في إطار هذه الرؤية، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي العديد من المبادرات للحد من الفقر، مثل برنامج "تكافل وكرامة" للتحويلات النقدية المشروطة للأسر الفقيرة، والأكثر احتياجًا، والذي قدم الدعم المالي لنحو 3.6 مليون أسرة بواقع 14.3 مليون فرد. كما أطلق مبادرة "حياة كريمة" لتحسين مستوى المعيشة، وتوفير فرص عمل في المشروعات الصغيرة، والمتوسطة في المناطق الأكثر احتياجًا. بالإضافة إلى ذلك، بذلت مصر جهودًا كبيرة للقضاء على العشوائيات كإحدى آليات الحد من الفقرمتعدد الأبعاد، من خلال مشاريع مثل مدينة الأسمرات بالقاهرة ومشروع بشاير الخير بالإسكندرية.

على الجانب الآخر، حققت الصين نجاحًا كبيرًا في الحد من الفقر بفضل الخطط الدقيقة، والقرارات المدروسة. الخطة الخمسية الـ13 للصين، والتي شغلت الفترة من 2015 إلى 2020 ، ركزت على القضاء التام على الفقر المدقع. عملت الحكومة الصينية على تطبيق خطط لإنشاء أراضٍ زراعية عالية الجودة، ورصدت مبالغ ضخمة لتحسين حياة السكان. كما تابعت الحكومة الصينية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المناطق الريفية ودعمتها، وقدمت العديد من الحوافز للفلاحين لتشجيعهم على الاستغلال الجيد لأراضيهم.
والجدير بالذكر أن الصين قد تخلصت من الفقر بشكل كامل تقريبًا مع نهاية عام 2020 وبذلك تكون قد حققت الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة، وهو "القضاء على الفقر"، كما حققت الصين ابتكارات عديدة في سياسات القروض للأُسر الفقيرة، فوفقًا لإحصائية عام 2019 بلغت قيمة القروض الصغيرة ما يقرب من 91 مليار دولار ، استفاد منها حوالي 15 مليون أسرة فقيرة، وهناك قُرى تخلصت من الفقر المدقع في السنوات الأخيرة بسبب الإهتمام المتزايد بالقرى المُنتجة ومن أبرز نمازجها:

- قرية “ليانتشانغ”
قرية ليانتشانغ في الصين تُعد مثالاً رائعاً على كيفية التخلص من الفقر من خلال التحول إلى قرية منتجة. تقع هذه القرية في مقاطعة قوانغدونغ، وقد شهدت تحولاً كبيراً بفضل جهود الحكومة الصينية تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ .
وهناك بعض الخطوات التي اتبعتها هذه القرية كقرية منتجة للتخلص من الفقر، ومنها :
تطوير البنية التحتية: تم تحسين البنية التحتية في القرية بشكل كبير، بما في ذلك بناء المنازل، وتوفير الكهرباء والمياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى تحسين الاتصالات والإنترنت.
إنشاء مشاريع اقتصادية: تم إنشاء مصنع للعب الأطفال في القرية، مما وفر فرص عمل للسكان المحليين وزاد من دخلهم.
دعم الزراعة المحلية: تم تعزيز الزراعة المحلية من خلال إنشاء سوق لبيع المنتجات الزراعية، حيث يقوم المزارعون ببيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين، مما يزيد من أرباحهم.
التعليم والتدريب: تم تقديم برامج تدريبية للسكان لتحسين مهاراتهم، وزيادة فرصهم في الحصول على وظائف أفضل.
السياحة الريفية: زيارة الرئيس شي جين بينغ للقرية في عام 2018 ساعدت في جذب الزوار، والسياح، مما أدى إلى زيادة الدخل من السياحة .
هذه الخطوات مجتمعة ساعدت قرية ليانتشانغ على التخلص من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.
- ولاية "ليانغشان "
ولاية ليانغشان الذاتية الحكم بالصين تُعد مثالاً بارزاً على كيفية التخلص من الفقر من خلال التحول إلى منطقة منتجة. فهذه الولاية اتبعت العديد من الخطوات للتخلص من الفقر، ومنها ما يلي:
إعادة التوطين: تم نقل حوالي 9.2 مليون شخص من المناطق الفقيرة إلى مناطق جديدة توفر فرص عمل وخدمات أفضل.
تطوير البنية التحتية: تم تحسين البنية التحتية بشكل كبير، بما في ذلك بناء الطرق والجسور، وتوفير الكهرباء والمياه النظيفة، مما ساعد على تحسين جودة الحياة للسكان.
تعزيز الزراعة والصناعات المحلية: تم دعم الزراعة المحلية، وإنشاء صناعات جديدة مثل زراعة التوت الأزرق، مما وفر فرص عمل وزاد من دخل السكان.
التعليم والتدريب: تم تقديم برامج تعليمية وتدريبية للسكان لتحسين مهاراتهم، وزيادة فرصهم في الحصول على وظائف أفضل.
السياحة الريفية: تم تطوير السياحة في المنطقة، مما جذب الزوار، وزاد من الدخل المحلي.
هذه الجهود المتكاملة ساعدت ولاية ليانغشان على التخلص من الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة.
فهذه النجاحات للصين ما كانت لتحقق هذه الخطوة إلا بالإعتماد على سياسات، وخطط مدروسة مسبقًا حتى سعت لتحقيق أهم أهداف التنمية المستدامة بالنسبة لها، وهو القضاء التام على الفقر.
وبالنسبة لـمصر، فنظرًا لكون التخلص من مشكلة الفقر أحد أهم الأهداف التنموية المشتركة بين مصر والصين، فقد تشابهت إلى حدٍ كبير رؤى كلتا الدولتين لحل هذه المشكلة .
فنجد ان رؤية "مصر2030" تركز في المقام الأول على الإرتقاء بـجودة حياة المواطن، وتحسين مستوى معيشته في مختلف نواحي الحياة.
ونرصد فيما يلي بعض القرى المصرية التي سارت على نهج القرى الصينية في التحول من الفقر المدقع إلى قُرى منتجة تخرج من دائرة الفقر.
- قرية "فانوس"
قرية فانوس في محافظة الفيوم تُعد مثالاً رائعاً على كيفية التخلص من الفقر من خلال التحول إلى قرية منتجة. فقد اتبعت هذه القرية العديد من الخطوات للخروج من دائرة الفقر ومنها ما يلي:
صناعة الفخار: تُعتبر صناعة الفخار من الحرف التراثية الأساسية في قرية فانوس ، فهذه الصناعة وفرت فرص عمل للعديد من السكان، وزادت من دخلهم من خلال بيع المنتجات الفخارية في الأسواق المحلية والدولية.
التدريب والتعليم: تم تقديم برامج تدريبية للسكان لتحسين مهاراتهم في صناعة الفخار، والحرف اليدوية الأخرى. هذا ساعد في تحسين جودة المنتجات، وزيادة الطلب عليها.
دعم حكومي: حصلت القرية على دعم من الحكومة المحلية، بما في ذلك توفير المعدات، والموارد اللازمة لتطوير صناعة الفخار، والحرف اليدوية الأخرى. هذا الدعم كان حاسماً في تعزيز التنمية الاقتصادية في القرية.
التسويق والترويج: تم تنظيم معارض محلية، ودولية لعرض منتجات القرية، مما ساعد في جذب المزيد من العملاء وزيادة المبيعات.
- قرية "نجع عون"
قرية نجع عون في محافظة البحيرة تُعد نموذجًا ملهمًا لكيفية التخلص من الفقر من خلال التحول إلى قرية منتجة، حيث اتبعت هذه القرية بعض الخطوات للخروج من دائرة الفقر، ونرصد فيما يلي بعض هذه الخطوات:
زراعة الأسطح: بدأت القرية بمشروعات زراعة الأسطح باستخدام تقنيات حديثة توفر المياه، وتزيد من الإنتاجية، هذه الزراعة ساعدت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضروات، والفواكه للسكان.
المشروعات الحرفية: تم إنشاء مشروعات حرفية صغيرة مثل صناعة السجاد، والملابس، وإنتاج الحرير الطبيعي من دودة القز، وهذه المشروعات وفرت فرص عمل، وزادت من دخل الأسر.
تربية الدواجن والمواشي: تم دعم مشروعات تربية الدواجن، والمواشي، مما ساعد في توفير مصادر غذائية محلية، وزيادة الدخل للسكان.
التدريب والتعليم: تم تقديم برامج تدريبية للسكان لتحسين مهاراتهم، وزيادة فرصهم في الحصول على وظائف أفضل، كما تم تدريب السيدات والشباب على زراعة الأسطح، والمشروعات الحرفية.
دعم حكومي: حصلت القرية على دعم من الحكومة المحلية، بما في ذلك توفير المعدات، والموارد اللازمة للمشروعات الصغيرة، مما ساعد في تعزيز التنمية الاقتصادية، والاجتماعية في القرية.
وبتصدير مثل هذه النماذج للقرى المجاورة، يمكن القضاء على الفقر في مصر حال اقتداء المناطق الفقيرة بـتلك التجارب الناجحة، ففي حالة قيام كل قرية بنقل تجاربها للقُرى الفقيرة المجاورة، أوالإستفادة من التجارب الناجحة للدول الأُخرى، فإننا نكون في الطريق الصحيح لتحقيق أُولى أهداف التنمية المستدامة في مصر بـحلول عام 2030 .
Short Url
عجيبة للبترول تستهدف إنتاج 24 ألف برميل زيت يوميًا بـ641.3 مليون دولار
24 فبراير 2025 09:40 م
زراعة النواب تناقش تأثير فرض الحظر المائي على الأراضي الزراعية بالوادي الجديد
24 فبراير 2025 09:35 م
رئيس الوزراءة يتابع جهود إتاحة مخزون آمن من السلع والمنتجات الاستراتيجية
24 فبراير 2025 07:14 م


أكثر الكلمات انتشاراً