الأربعاء، 30 أبريل 2025

03:29 م

نهاية عصر الورق، الكفاءة العملية تتصدر مشهد التوظيف

الأربعاء، 30 أبريل 2025 11:11 ص

الكفاءة العملية

الكفاءة العملية

تحليل/ ميرنا البكري

في عالم يتسارع فيه التغيير بوتيرة غير مسبوقة، فقديمًا كان طريق النجاح يبدأ من الجامعة وينتهي بشهادة أكاديمية، لكن الآن لم تعد هذه الشهادة كافية، فقد تبدلت معايير التوظيف والتفوق المهني، ولم يعد الامتياز يُقدر بمن حصل على أعلى الدرجات أو تخرّج من أعرق الجامعات، بل بمن يمتلك القدرة على التعلّم المستمر، واكتساب المهارات العملية، والتكيّف مع تحولات السوق المتلاحقة. 

Picture background

 السوق العالمي يغير قواعد اللعبة

وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2024، 69% من الشركات العالمية تبحث عن المهارات العملية قبل الشهادات، أي من يمتلك القدرة على تحليل البيانات ويفكر بشكل نقدي، فرصته تكون أكبر بكثير من الذي يمتلك مجرد ورق (شهادة)، ببساطة، أصبح يركز سوق العمل على مهاراتك وقدراتك، وليس تعليمك الجامعي، وهو تغيير جذري في مفهوم النجاح المهني، وهو يجعل المهارة هي البطل الحقيقي.

التعليم التقليدي لا يلحق سرعة التغيير

أوضحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن المهارات خاصة الرقمية، يبلغ عمرها الافتراضي من 3 لـ 5 سنوات فقط، أي الذي تعلمته اليوم قد يصبح قديم بعد  سنوات قليلة، وهذا يعني إن التعليم ليس مرحلة وتمر بل أسلوب حياة.

 التعلم المستمر هو سلاح الموظف العصري

وفقًا لما نُشر في تقرير Mckinsey، اتضح أن 87% من مديري الشركات يعتقدوا إن أهم ما يميز  الموظف هي “المرونة في التعلم”، اي تكون دائمًا  جاهز للتعلم.

ومنصات مثل Coursera، وجدت زيادة 35% في عدد الناس الذينبيدرسوا مهارات رقمية وقيادية، خصوصًا الأكبر من 35 عام، وهو دليل على إدراك الناس إن التعلم ليس له وقت أو سن معين.

 الشركات الذكية تستثمر في العاملين وليس الورق 

أثبتت دراسة من Gartner،  إن الشركات التي توفر برامج تدريب داخلي تزيد إنتاجيتها بنسبة 20% مقارنة بالشركات التي تعمل في نفس مجالها. وهو معناه إن الاستثمار في الموظفين ليس رفاهية، بل رهان رابح.

فبدلًا من البحث عن موظفين جدد كل فترة، فاتجهت بعض الشركات إلى بناء قدرات فريقها الحالي، وهو أسلوب يجعل الشركة والموظف يربحوا معًا.

 العالم العربي يبدأ في التحرك

وفقًا لـ CNN الاقتصادية، في المملكة العربية  السعودية، برنامج “مهارات المستقبل” يعمل منذ 2020، وهدفه هو تدريب 100 ألف شاب وشابة على المهارات الرقمية، وفي الإمارات العربية المتحدة، يستهدف البرنامج الوطني للمبرمجين 100 ألف مبرمج و1000 شركة رقمية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل إطلاق هذا النوع من المبادرات كافي؟ الإجابة لا، التحدي الحقيقي هو تغيير "الثقافة" نفسها، فلابد توعية الناس بإن المهارة ليست إضافة، بل الأساس. وإننا نحتاج كل يوم إننا نتعلم شيء جديد.

 الاستثمار في المهارات، نمو اقتصادي حقيقي

البنك الدولي يؤكد إن الدول التي تركز على المهارات التطبيقية تحقق معدل نمو اقتصادي أعلى بنسبة 1.5 نقطة مئوية من غيرها، أي من يستثمر في الناس، يكسب على كل المستويات، إنتاج، دخل، تنافسية.

ختامًَا، لم يعد امتلاك الشهادات كافيًا للنجاح، بل من يتعلم أسرع، ويتغير بذكاء، سيجد مكان في السباق العالمي، 
فقد أصبح الاستثمار في الذات من خلال التعلم المستمر واكتساب الكفاءات العملية هو الطريق الحقيقي للتميّز، ولم تعد الوظائف تُمنح بناءً على ما تعلّمناه في الماضي، بل على ما يمكننا إنجازه اليوم.

Short Url

search