صناعة الدواء على خط النار، رسوم جمركية مرتقبة تهدد أكبر سوق دوائي عالمي

تعتمد العديد من شركات الأدوية الكبرى على مرونة تصنيعها لمواجهة الاضطرابات المحتملة الناجمة عن الرسوم الجمركية التي هدد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرضها على القطاع الدوائي، وفق ما أوردته وكالة رويترز للأنباء. 

وقد استثنيت واردات الأدوية في البداية من المجموعة الأولى من الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب، على الرغم من أنه أشار لاحقًا إلى فرض رسوم، مجادلًا بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى مزيد من تصنيع الأدوية حتى لا تضطر إلى الاعتماد على دول أخرى لتوفير الأدوية.

لا يوجد وضوح بشأن معدلات وتوقيتات الرسوم الجمركية، لكن قطاع الأدوية يتوقع ضربة قوية إذا نفذ ترامب خططه، نظرًا لأن الولايات المتحدة تُمثل أكبر سوق للأدوية في العالم، حيث تتجاوز قيمة وارداتها 200 مليار دولار.

الصراع الرئاسي مع واردات الأدوية 

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت إدارة ترامب عن تحقيقات في واردات الأدوية، مما مهد الطريق لفرض رسوم على القطاع، ودفع العديد من شركات الأدوية الكبرى إلى النظر في نقل الإنتاج إلى مواقع بيع الأدوية.

وأعلنت شركة روش، التي أعلنت في وقت سابق من هذا الأسبوع عن عزمها استثمار 50 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى خمس سنوات، أنها بدأت بالفعل في نقل إنتاجها.

وقال توماس شينيكر، الرئيس التنفيذي لشركة روش، في مؤتمر صحفي: "اتخذنا إجراءات لتخفيف الآثار، مثل زيادة المخزون في الولايات المتحدة والصين، ونقل تصنيع الأدوية الرئيسية خلال الأسابيع الماضية في شبكة التصنيع الحالية لدينا".

ومع ذلك، أضاف شينيكر أن سعي الولايات المتحدة لإنتاج جميع السلع المستخدمة في البلاد سيزيد من تكاليف التصنيع.

ووضعت شركة بريستول مايرز خططًا مماثلة لتجنب الاضطرابات الكبيرة الناجمة عن رسوم ترامب الجمركية.

وقال ديفيد إلكينز، المدير المالي لشركة بريستول مايرز: "بصفتنا شركة عالمية، لدينا مواقع تصنيع مهمة هنا في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التصنيع خارجها، وهذا يمنحنا مرونة كبيرة لنقل عمليات التصنيع لدينا بشكل مناسب بما يخدم مصلحة المرضى والشركة".

وأعلنت شركة سانوفي أنها ستدرس المزيد من الاستثمارات في الولايات المتحدة، قال فرانسوا كزافييه روجر، المدير المالي لشركة سانوفي: "نواصل تقييم احتياجاتنا المستقبلية من الطاقة الإنتاجية، وندرس اتخاذ تدابير إضافية، قد تشمل استثمارات في الولايات المتحدة".

في حين تلح الشركات على إعفاءات من الرسوم الجمركية، يعد نقل الإنتاج عملية طويلة وتستغرق وقتًا طويلاً، وقد أعرب المسؤولون التنفيذيون عن قلقهم بشأن تأثير ذلك على القطاع في هذه الأثناء.

وقال إلكينز، الرئيس التنفيذي لشركة بريستول مايرز: "ما يقلقنا هو أي شيء من شأنه أن يؤثر على الابتكار... أو يحدّ من وصول المرضى إلى الأدوية".

وأعلنت شركات الأدوية الأمريكية بريستول مايرز وميرك وشركاؤهما، ونظيرتاهما الأوروبيتان سانوفي وروش، عن أرباح في الربع الأول فاقت التقديرات، ومع ذلك، قال معظمهم إن توقعاتهم للعام بأكمله لم تشمل أي تأثير من الرسوم الجمركية على الأدوية، حيث لم تُعلن التفاصيل بعد.

اضطرابات السوق ما بعد الرسوم الجمركية

وبدأت الشركات بالفعل تتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض الدول، وخاصة الصين، والرسوم الجمركية التي فرضتها دول أخرى على الولايات المتحدة، وصرحت شركة ميرك أن توقعاتها تشمل تأثير هذه الرسوم الجمركية البالغ 200 مليون دولار.

وانخفض مؤشر نيويورك أركا للأدوية، وهو سلة من أسهم شركات الأدوية، بنحو 2% هذا العام، لكن هذا الانخفاض يبقى أقل من انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقًا بنسبة 8.6%.

وأشارت الشركات المصنعة إلى أن أي رسوم جمركية على مستوى القطاع على واردات الأدوية قد تُسبب اضطرابات في سلسلة التوريد، وقد تلحق الضرر بالمرضى في نهاية المطاف. وأكدت أنها واصلت التواصل مع البيت الأبيض لتسليط الضوء على هذا التأثير.

وقال إلكينز، من شركة بريستول مايرز: "نعمل على ضمان فهم الإدارة وصانعي السياسات لتأثير الرسوم الجمركية، وأي إجراءات مستقبلية محتملة على المرضى والقطاع".

وأعلنت شركة روش أنها تجري محادثات مباشرة بشأن إعفاءات من الرسوم الجمركية على الواردات، مُجادلةً بأن المنتجات التي تُشحنها إلى الولايات المتحدة تُعوّضها صادراتها من الأدوية والتشخيصات الأمريكية الصنع.