المنجم الأمريكي الوحيد في خطر، الصين تستحوذ على سوق المعادن الأرضية النادرة

تعاني الولايات المتحدة الأمريكية من قلق مستمر إثر تلقى إدارة منجم العناصر الأرضية النادرة الوحيد في أمريكا اتصالات من شركات قلقة، وذلك بعد وقت قصير من رد الصين على رسوم الرئيس دونالد ترامب الجمركية هذا الشهر، وذلك بتقييد صادرات تلك المعادن المستخدمة في التطبيقات العسكرية وفي العديد من الأجهزة عالية التقنية.

هل تتسبب الحرب التجارية بين أمريكا والصين إلى نقصٍ حادٍّ في العناصر الأرضية النادرة؟

وقال مات سلوتشر، المتحدث باسم شركة إم بي ماتيريالز، الشركة التي تدير منجم ماونتن باس في صحراء موهافي بكاليفورنيا: "بناءً على عدد المكالمات الهاتفية التي نتلقاها، كانت الآثار فورية".

قد تؤدي الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم إلى نقصٍ حادٍّ في العناصر الأرضية النادرة إذا أبقت الصين على ضوابط التصدير على المدى الطويل، أو وسّعتها سعياً وراء ميزةٍ في أي مفاوضات تجارية، لا يستطيع منجم كاليفورنيا تلبية جميع الطلب الأمريكي على العناصر الأرضية النادرة، ولهذا السبب يحاول ترامب تمهيد الطريق لمناجم جديدة.

العناصر الأرضية النادرة مكونات مهمة في المركبات الكهربائية، والمغناطيسات القوية، والطائرات المقاتلة المتطورة، والغواصات، والهواتف الذكية، وشاشات التلفزيون، والعديد من المنتجات الأخرى. 

على الرغم من اسمها، فإن هذه العناصر السبعة عشر ليست نادرة في الواقع، ولكن من الصعب العثور عليها بتركيز عالٍ بما يكفي لجعل منجم يستحق الاستثمار.

ستؤثر الرسوم الجمركية على إمدادات الخام وتكاليفه

صرحت شركة إم بي ماتيريالز، التي استحوذت على موقع ماونتن باس الخامل عام 2017، يوم الخميس أنها ستتوقف عن إرسال خامها إلى الصين للمعالجة بسبب قيود التصدير ورسوم جمركية بنسبة 125٪ على الواردات الأمريكية التي فرضتها الصين. وقالت الشركة إنها ستواصل معالجة ما يقرب من نصف ما تستخرجه في الموقع، وستخزن الباقي بينما تعمل على توسيع قدرتها على المعالجة.

وقالت إم بي ماتيريالز في بيان: "إن بيع معادننا الثمينة والحيوية تحت رسوم جمركية بنسبة 125٪ ليس منطقيًا تجاريًا ولا يتماشى مع المصالح الوطنية الأمريكية".

يقول الخبراء إن الشركات المصنعة التي تعتمد على العناصر الأرضية النادرة والمعادن الأساسية الأخرى ستشهد ارتفاعًا في الأسعار، ولكن من المرجح أن يكون هناك ما يكفي من المعروض العالمي لتشغيل المصانع في الوقت الحالي.

يُنتج منجم كاليفورنيا النيوديميوم والبراسيوديميوم، وهما عنصران نادران خفيفان يُشكلان المكونات الرئيسية لمغناطيسات العناصر الأرضية النادرة الدائمة في السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح. لكن الكميات الصغيرة من بعض العناصر الأرضية النادرة الثقيلة التي قيدتها الصين، مثل التربيوم والديسبروسيوم، تُعدّ أساسية لمساعدة المغناطيسات على تحمل درجات الحرارة العالية.

بالفعل، قفز سعر التربيوم بنسبة 24% منذ نهاية مارس ليصل إلى 933 دولارًا للكيلوغرام.

صرحت نيها موخيرجي، محللة العناصر الأرضية النادرة في شركة بينشمارك مينيرال إنتليجنس، قائلةً: "تشير تقديراتنا إلى وجود مخزون كافٍ في السوق لتلبية الطلب في الوقت الحالي"، مضيفةً أن النقص قد يظهر في وقت لاحق من هذا العام.

الصين تسيطر على السوق

تتمتع الصين بنفوذ هائل على سوق العناصر الأرضية النادرة. تمتلك البلاد أكبر المناجم، حيث أنتجت 297,624 طنًا من المعادن العام الماضي، مقارنةً بـ 45 ألف طن المستخرجة في الولايات المتحدة. تُزوّد ​​الصين ما يقرب من 90% من المعادن الأرضية النادرة في العالم، لأنها أيضًا موطن لمعظم طاقة المعالجة.

تبسيط إجراءات الحصول على التصاريح للمناجم الجديدة

تشترط القيود التي فرضتها بكين في 4 أبريل على المصدرين الصينيين لسبعة معادن أرضية نادرة ثقيلة وبعض المغناطيسات الحصول على تراخيص خاصة، وقد عززت هذه الضوابط الانتقامية ما تراه إدارة ترامب والمصنعون حاجةً ماسةً لبناء مناجم أمريكية إضافية وتقليل اعتماد البلاد على الصين.

حاول ترامب، دون جدوى حتى الآن، الضغط على غرينلاند وأوكرانيا لتزويد الولايات المتحدة بمزيد من معادنهما الأرضية النادرة وغيرها من المواد الحيوية. وفي الشهر الماضي، وقّع أمرًا تنفيذيًا يدعو الحكومة الفيدرالية إلى تبسيط إجراءات الحصول على التصاريح للمناجم الجديدة وتشجيع الاستثمارات في المشاريع.

تسعى شركتان لتطوير مناجم في نبراسكا ومونتانا، وأعرب مسؤولون في شركتي نيوكورب ويو إس كريتيكال ماتيريالز عن أملهم في أن يساعدهم الضغط من البيت الأبيض في جمع الأموال والحصول على الموافقات اللازمة لبدء الحفر. وقد عملت نيوكورب لسنوات لجمع 1.1 مليار دولار لبناء منجم في جنوب شرق نبراسكا.

شركات صناعة السيارات الأمريكية الكبرى تمتنع عن التعليق

قال مارك سميث، الرئيس التنفيذي لشركة نيوكورب: "بينما أجلس وأفكر في كيفية التعامل مع هذا النفوذ الهائل الذي تتمتع به الصين على هذه المعادن التي لا يعرف أحد حتى كيفية نطقها في معظم الأحيان، علينا التعامل مع هذا النفوذ". وأضاف: "وأعتقد أن أفضل طريقة هي أن نصنع معادننا الأرضية النادرة الثقيلة بأنفسنا هنا في الولايات المتحدة. ونحن قادرون على ذلك".

تعمل شركة إم بي ماتيريالز على توسيع قدرتها على المعالجة بسرعة، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى حوالي 45 مليون دولار حصلت عليها الشركة من إدارة ترامب الأولى. لكن بعد استثمار ما يقرب من مليار دولار منذ عام 2020، لا تملك الشركة حاليًا القدرة على معالجة المعادن الأرضية النادرة الثقيلة التي تفرض الصين قيودًا عليها. وصرحت شركة إم بي ماتيريالز بأنها تعمل جاهدةً على تغيير ذلك.

امتنعت شركات صناعة السيارات الأمريكية الكبرى عن التعليق على مدى اعتمادها على المعادن الأرضية النادرة وتأثير قيود التصدير الصينية. شركات مقاولات دفاعية كبرى مثل بوينغ ولوك