انخفاض أسعار النفط يزيد الضغط على الأسواق الناشئة.. هل تنجو دول الخليج؟

الثلاثاء، 15 أبريل 2025 11:33 ص

انخفاض أسعار النفط

يشهد العالم حاليًا واحدة من أكثر فترات عدم الاستقرار في أسعار النفط منذ سنوات، مع تراجع أسعار الخام بشكل حاد، وهو ما يمثل تهديدًا كبيرًا لاقتصادات الأسواق الناشئة المعتمدة على تصدير النفط كمصدر رئيسي للدخل.

في المقابل، قد توفر هذه الانخفاضات بعض المكاسب للدول المستوردة، ولكن ضمن نطاق ضيق، بسبب الضبابية الاقتصادية العالمية الناتجة عن النزاعات التجارية والركود المحتمل.

الرسوم الأمريكية تقود الانخفاض

جاء الانخفاض الأخير في أسعار النفط الخام مدفوعًا إلى حد كبير بالإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها فرض رسوم جمركية شاملة أعلنها الرئيس دونالد ترامب في الثاني من أبريل.

هذا القرار أدى إلى مخاوف من تراجع النمو العالمي وبالتالي انخفاض الطلب على النفط، ما دفع خام برنت للهبوط بأكثر من 20% في أسبوع واحد، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات.
انخفاض أسعار النفط

رغم تعافي الأسعار لاحقًا إلى نحو 66 دولارًا للبرميل بعد أن كانت قد هبطت إلى أقل من 60 دولارًا، إلا أن التقلبات الحادة ما تزال تثير القلق في الأسواق.

الدول المستوردة.. استفادة مشروطة

من الناحية النظرية، يُفترض أن تستفيد دول مثل تركيا والهند وباكستان والمغرب، إلى جانب العديد من الدول الأوروبية الناشئة، من انخفاض أسعار النفط، لما له من أثر في خفض فواتير الاستيراد وتخفيف ضغوط ميزان المدفوعات والتضخم.

لكن هذه الاستفادة تأتي وسط أجواء اقتصادية مشوشة بفعل الحرب التجارية ومخاطر التباطؤ العالمي، ما يحد من قدرة هذه الدول على الاستفادة الكاملة.

المصدرون يتلقون الضربة الأقوى

في المقابل، تتحمل الدول المصدرة للنفط العبء الأكبر من آثار انخفاض أسعار النفط، خصوصًا نيجيريا وأنجولا وفنزويلا وبعض دول أمريكا اللاتينية مثل كولومبيا والبرازيل والمكسيك.

ويقول توماس هاوجارد، مدير محفظة ديون الأسواق الناشئة لدى شركة "جانوس هندرسون"، إن الخسائر المتوقعة لهذه الدول ستكون "أكبر نسبيًا من المكاسب التي تحققها الدول المستوردة"، مشيرًا إلى أن مساهمة صادرات النفط في المالية العامة ستؤدي إلى ارتفاع علاوات مخاطر الائتمان.

أزمة في أنجولا

تُعد أنجولا من أكثر الدول تضررًا، حيث اضطرت وزارة المالية لسداد 200 مليون دولار خلال أسبوع، بعد أن فعّل بنك "جيه.بي مورجان" بند "نداء الهامش" ضمن اتفاقية لمبادلة عائدات ائتمانية بقيمة مليار دولار.

وأشارت الوزارة إلى أن تراجع أسعار النفط أثر مباشرة على تداول سندات أنجولا، ما أدى إلى هذا الالتزام المفاجئ. تأتي هذه التطورات وسط صعوبات تواجهها أنجولا في الوصول إلى سوق السندات الدولية بسبب ارتفاع مديونيتها الخارجية لصالح الصين ودائنين تجاريين آخرين.

تراجع الجاذبية في الأسواق النيجيرية

في نيجيريا، تأثرت جاذبية أدوات الدين المحلية، خاصة صفقات فروق أسعار الفائدة، والتي كانت تعتمد على استقرار العملة النيجيرية مقابل الدولار، مدعومة بارتفاع عائدات النفط.

الآن، ومع انخفاض الأسعار، يخشى المستثمرون من تراجع قيمة "النيرة"، ما قد يسبب خسائر كبيرة. وحذر "جيه.بي مورجان" من أن البنك المركزي النيجيري قد يُضطر إلى زيادة تدخلاته في سوق الصرف للحد من الاضطرابات.

صندوق النقد: ديون أنجولا في خطر

صنف صندوق النقد الدولي ديون أنجولا كـ"مرتفعة المخاطر" بالنسبة لاحتمال التعثر، لكن الحكومة الأنجولية أكدت أنها لا تزال في مسار مستقر ماليًا رغم التحديات.

هل تنجو دول الخليج؟

بالنسبة لدول الخليج العربي، ورغم اعتمادها الكبير على النفط، إلا أن قدرتها على مواجهة الأزمة تبدو أقوى، بفضل الاحتياطيات الأجنبية الضخمة، وانخفاض مستويات الدين العام، وخطط التنويع الاقتصادي التي بدأت بالفعل.

مع ذلك، فإن استمرار انخفاض أسعار النفط قد يؤثر على قدرتها على تمويل مشاريع تنموية جديدة، خصوصًا في السعودية التي تتبنى برنامجًا واسعًا للإصلاح الاقتصادي ضمن رؤية 2030.

المستقبل غير مضمون للمصدرين والمستوردين

رغم أن بعض الأسواق الناشئة المستوردة للنفط قد تستفيد من التراجع الحالي، إلا أن المحللين يؤكدون أن هذه المكاسب قد تتلاشى إذا استمر التباطؤ العالمي.

وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، إن الأثر الإيجابي لانخفاض أسعار النفط لن يكون كافيًا لتعويض الآثار السلبية الناتجة عن الحرب التجارية ومخاطر الانكماش.

Short Url

أخبار متعلقة