السبت، 15 مارس 2025

11:43 م

«أوكرانيا في مفترق الطرق» هل تنجح الهدنة الأمريكية في تحقيق السلام؟

السبت، 15 مارس 2025 02:10 م

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

ظهر حديث رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في اجتماع قادة الدول الداعمة لأوكرانيا، ليضيف بُعدًا جديدًا إلى جهد المجتمع الدولي لحل الأزمة الأوكرانية في ظل التصعيد العسكري المستمر في أوكرانيا والأزمات السياسية المتلاحقة على الساحة الدولية.

تعكس تصريحات ستارمر التي ألقاها في 15 مارس 2025 توجهًا استراتيجيًا قويًا، من خلال السعي لضمان سلام دائم في أوكرانيا، والضغط على روسيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

التركيز على السلام وحماية اتفاقات وقف إطلاق النار

أشار ستارمر من خلال تصريحاته، إلى أهمية استمرار الضغط على روسيا للوصول إلى سلام دائم في أوكرانيا، كما جاء حديثه واضحًا حول موقف بلاده في دعم أوكرانيا واستعدادها لضمان أي اتفاق للسلام، مؤكدًا أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيضطر إلى الجلوس على طاولة المفاوضات عاجلًا أم آجلًا. 

وبهذا التصريح، يعكس ستارمر موقفًا قويًا في التأكيد على أنه لا مجال للسلام إلا من خلال الضغط المستمر على موسكو، مما يبعث برسالة مفادها أن لا شيء يمكن أن يثني بريطانيا أو حلفاءها عن هذا الهدف.

أهمية التنسيق الدولي في هذا السياق

أحد المحاور الأساسية التي أبرزها ستارمر في خطابه هو ضرورة التنسيق بين الدول الداعمة لأوكرانيا، ووفقًا لذلك، تم الدعوة إلى إنشاء تحالف من الدول لضمان استمرار الضغط على روسيا ومواصلة تعزيز الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا. 

هذه النقطة تسلط الضوء على أهمية وحدة الصف الدولي في مواجهة التحديات التي تطرحها روسيا في المنطقة، ومن هنا، يصبح التنسيق بين الدول الغربية والشرق أوسطية والأطلسية أكثر من ضروري، خاصة في هذه المرحلة الحساسة من الصراع.

الضغط المستمر على روسيا ودور العقوبات الاقتصادية

تبرز فكرة الضغط على روسيا عبر العقوبات الاقتصادية في قلب الإستراتيجية البريطانية، فهذه العقوبات كانت تمثل أداة قوية استخدمها الغرب منذ بداية النزاع الأوكراني. 

وعلى الرغم من ذلك، يواصل كير ستارمر التأكيد على ضرورة زيادتها لتوسيع العزلة الدبلوماسية لموسكو، مما يساهم في تقليص قدرتها على المناورة في الساحة الدولية. 

وفي ضوء التصريحات الأمريكية الأخيرة حول الحاجة إلى هدنة قصيرة، قد يبدو أن الغرب بدأ يحشد مزيدًا من الضغط على روسيا لتقديم تنازلات، سواء على الصعيد العسكري أو الدبلوماسي.

الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن

مقترحات أمريكا بشأن الهدنة

أشار ستارمر أيضًا إلى المقترحات الأمريكية بشأن وقف إطلاق النار في سياق حديثه عن استراتيجيات الضغط على روسيا.

منذ تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، لم تكن المواقف الأمريكية ثابتة بشأن النزاع في أوكرانيا، ولكن في الآونة الأخيرة، ومع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الساحة السياسية، بدأ الموقف الأمريكي يتسم بمزيد من المرونة في الدعوة إلى هدنة عاجلة. 

هذا التغيير في النهج يعكس الانقسام في سياسات الغرب حيال الأزمة، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي، وعلى الرغم من أن كييف وافقت على مقترح الهدنة الأمريكية التي ستستمر لمدة 30 يومًا، فإن موسكو لم تقدم جوابًا قاطعًا بشأن هذه الهدنة، مما يطرح تساؤلات حول قدرة الغرب على فرض شروطه على الأطراف المتورطة.

دور أوكرانيا في مسار السلام

أظهر ستارمر تقديرًا واضحًا لجهود أوكرانيا في السعي وراء السلام، رغم استمرار المعارك العسكرية، وفي الوقت الذي يتعرض فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لضغوط هائلة من حلفائه ومن روسيا، فإن الموقف الأوكراني ظل ثابتًا في مسألة السيادة والأراضي. 

فمن خلال التأكيد على "الاستعداد لحماية أي اتفاق للسلام في أوكرانيا"، يرسل ستارمر رسالة مفادها أن المملكة المتحدة وحلفاءها لا يزالون على استعداد لضمان حماية مصالح أوكرانيا المستقبلية، بغض النظر عن أي تسوية قد تتم مع روسيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

التحالف الدولي واستراتيجية طويلة الأمد

أحد المواضيع التي تم التأكيد عليها في خطاب ستارمر هو ضرورة تأسيس تحالف دولي قوي لحماية أي اتفاق سلام محتمل في المستقبل. 

وكان قد أعلن أن قادة 25 دولة ستجتمع في لندن ضمن هذا الإطار، وهو ما يدل على أن لندن تسعى لتوحيد المواقف على المستوى الدولي. 

كما إن الدول الأوروبية إلى جانب كندا وأستراليا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ستعمل على صياغة استراتيجية موحدة لدعم أوكرانيا، وتوسيع نطاق الضغط على روسيا لإجبارها على العودة إلى المفاوضات.

مستقبل الحرب في أوكرانيا

إلى جانب التصريحات البريطانية، يظهر أن المستقبل القريب قد يشهد تطورات هامة على صعيد النزاع الأوكراني، كما يسعى الغرب إلى تفعيل آليات ضغط قوية على روسيا لتحقيق تسوية، لكن من ناحية أخرى، لا يزال بوتين في موقفه الذي يتسم بالتحفظ تجاه تقديم تنازلات كبيرة. 

وفي الوقت نفسه، يبدو أن روسيا تسعى لإطالة أمد الحرب إلى أن تتحقق أهدافها الاستراتيجية، بينما تبقى أوكرانيا تحت ضغط دبلوماسي وعسكري مستمر.

ختامًا: يمكن القول إن تصريحات كير ستارمر تأتي في وقت حاسم، حيث يسعى الغرب لفرض المزيد من الضغوط على روسيا لدفعها نحو مفاوضات سلمية. 

وعلى الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجها أوكرانيا، إلا أن هناك فرصًا كبيرة لاستمرار الضغط الدولي على موسكو لتحقيق السلام العادل. 

التحالفات الجديدة، ودعم أوكرانيا المستمر، والضغط الاقتصادي على روسيا، كلها أدوات قد تساهم في تشكيل ملامح مستقبل النزاع، ولكن يبقى السؤال: هل ستنجح هذه الاستراتيجيات في دفع الأطراف المعنية نحو تسوية دائمة؟

Short Url

search