زلزال الرسوم الجمركية، أزمة تهدد قطاع الشحن والتجارة العالمية

أحدث قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين تحولًا جذريًا في المشهد الاقتصادي العالمي، فقد فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى 10% على الصين، مما أدى إلى اضطرابات واسعة في الأسواق، وأثارت هذه الخطوة مخاوف من ركود اقتصادي وارتفاع في الأسعار، إلى جانب فوضى لوجستية تهدد استقرار التجارة الدولية، وبينما كانت سياسات ترامب التجارية تميل إلى التصعيد، فإن شدة هذه الإجراءات جاءت مفاجئة حتى لكبار المسؤولين في قطاع الشحن والتجارة، وفقًا لما نشرته الشرق بلومبرج.

صدمة في مؤتمر الشحن العالمي

اجتمع كبار التنفيذيين في قطاع الشحن خلال مؤتمر "TPM25" السنوي في لونغ بيتش، كاليفورنيا، لمناقشة تحديات سلاسل التوريد واتجاهات السوق، إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام أزمة غير متوقعة، حيث تسببت الرسوم الجمركية الجديدة في حالة من الذعر والارتباك، ووصفت سيندي ألين، الرئيسة التنفيذية لشركة "Trade Force Multiplier"، هذه التطورات بأنها "زلزال" يفوق كل التوقعات.

تغييرات في الرسوم وإجراءات جديدة

أضاف وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، المزيد من الغموض عندما صرح بأن ترامب يستعد للإعلان عن تعديلات على الرسوم الجمركية المفروضة على المكسيك وكندا، مع احتمال منح إعفاءات لبعض القطاعات، كما أشار إلى إمكانية فرض جولة جديدة من الرسوم في أبريل، ما زاد من مخاوف المستثمرين والشركات المستوردة.

تأثير الرسوم على الموانئ وحركة الشحن

شهدت موانئ لوس أنجلوس ولونغ بيتش، وهى البوابة الرئيسية للواردات الصينية إلى الولايات المتحدة، زيادة كبيرة في حركة الشحن في الأشهر الأخيرة، حيث سارعت الشركات لاستيراد البضائع قبل تطبيق التعريفات الجمركية الجديدة، كما ارتفعت أسعار الشحن بين الولايات المتحدة وكندا منذ فوز ترامب في الانتخابات، ما يعكس التوترات المتزايدة في السوق.

ارتباك الشركات ومحاولات التكيف

وجدت الشركات نفسها في سباق محموم للتعامل مع التغييرات المفاجئة، فعلى سبيل المثال، واجهت شركات الاستيراد في المكسيك وكندا تحديات كبيرة في تدبير الأموال لدفع الرسوم الجديدة، كما بدأت الشركات في البحث عن بدائل مثل فتح مصانع داخل الولايات المتحدة لتجنب التعريفات، في حين اضطر بعضها إلى تحميل جزء من التكلفة على العملاء، مما يهدد بارتفاع الأسعار على المستهلك النهائي.

ضغوط على شركات النقل والتوزيع

شركات النقل، مثل "Grupo Fleets Mexico"، بدأت تشعر بتأثير الأزمة، حيث يطالب العملاء بخصومات لتعويض ارتفاع التكاليف، ومع ذلك، تواجه هذه الشركات هامش ربح محدود، مما قد يدفعها إلى تسريح العمال إذا استمرت الأزمة، وفي كندا، تفكر بعض الشركات، مثل "UgoWork"، في فتح مصانع داخل الولايات المتحدة كحل بديل.

انعكاسات على قطاع الطيران الخاص

لم تقتصر الأزمة على تجارة السلع، بل امتدت إلى قطاع الطيران الخاص، حيث بدأ بعض المشترين الأمريكيين في التريث بسبب ارتفاع تكاليف استيراد قطع الغيار، وأشار غريغ رايف، الرئيس التنفيذي لمجموعة "Elevate Aviation Group"، إلى أن الرسوم الجمركية على الطائرات المصنعة في كندا قد تؤدي إلى إعادة النظر في عمليات الشراء، مما يؤثر على سوق الطيران الخاص بشكل كبير.

دعوات للهدوء وسط حالة الذعر

وسط هذه الفوضى، دعا خبراء التجارة الشركات إلى التحلي بالهدوء وتجنب اتخاذ قرارات متسرعة قد تزيد من الخسائر، ووجه بيت منتو، خبير التجارة والجمارك، نصيحة واضحة للمشاركين في مؤتمر "TPM25"، قائلاً: "الذعر مكلف للغاية، ربما أكثر تكلفة من التحلي بالصبر".

وأخيرا ،تسلط هذه الأزمة الضوء على هشاشة التجارة العالمية أمام السياسات الحمائية، حيث تواجه الشركات والمستهلكون على حد سواء تداعيات قرارات سياسية قد تعيد تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي، وبينما تحاول الأسواق التكيف، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى استمرارية هذه الإجراءات وتأثيرها على مستقبل التجارة الدولية.