"ثورة طاقية قادمة" الطلب العالمي على الكهرباء بحلول 2027

السبت، 15 فبراير 2025 01:15 م

ثورة طاقية - Energy Revolution

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

أعلنت وكالة الطاقة الدولية عن توقعات نمو الطلب العالمي على الكهرباء بنسبة 4% بحلول عام 2027، وهو ما يعكس التوجهات الطاقية العالمية في الأعوام المقبلة، ولعل ما يميز هذا التقرير هو تضمينه لمجموعة من النقاط التي تبرز التحولات الكبرى في المشهد الطاقي العالمي، بما في ذلك تأثيرات مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات، وتغير أنماط الاستهلاك، وتوسع الاقتصادات الناشئة. هذا التحليل يسلط الضوء على معطيات تقرير وكالة الطاقة الدولية وتحلل أبعاده الاقتصادية والبيئية، وما قد يترتب على العالم في سياق الثورة الطاقية القادمة.

نمو الطلب العالمي على الكهرباء

بحلول عام 2027، من المتوقع أن يشهد الطلب العالمي على الكهرباء زيادة بنسبة 4%، وهو نمو يعتبر كبيرًا بالنظر إلى المتغيرات العالمية في مجال الطاقة. هذا الرقم لا يقتصر على زيادة استهلاك الكهرباء لأغراض اقتصادية فقط، بل يعكس أيضًا التوسع الكبير في استخدام الأجهزة الإلكترونية الحديثة، ومعدات الاتصالات، وتكنولوجيات الجيل الخامس، إلى جانب أنماط الحياة الحديثة التي تتطلب مزيدًا من الطاقة.

تأثير الاقتصادات الناشئة

أحد أبرز النقاط التي أشار إليها التقرير هو أن اقتصادات الدول النامية ستسهم بنسبة ضخمة في نمو الطلب على الكهرباء، حيث يُتوقع أن تشكل هذه الدول نحو 85% من الزيادة في الاستهلاك، وهذا يمثل تحولًا جذريًا في مشهد الطلب، حيث بدأت اقتصادات مثل الصين والهند في لعب دور محوري في استهلاك الكهرباء، وبحسب التوقعات، فإن الصين ستكون المحرك الرئيسي لنمو الطلب على الكهرباء، حيث ستساهم بما يزيد على نصف الزيادة العالمية بزيادة سنوية تبلغ حوالي 6%.

**نسبة التغير السنوي في الطلب على الكهرباء 2020-2027 - وكالة الطاقة الدولية**

تفسر هذه الزيادة في الطلب من خلال عدة عوامل، منها نمو القطاع الصناعي في الصين الذي يعتمد بشكل أساسي على الكهرباء في عمليات التصنيع، خاصة في القطاعات المتطورة مثل الألواح الشمسية، البطاريات، والمركبات الكهربائية، كما أن تطور القطاع التكنولوجي، وزيادة استخدام مكيفات الهواء، وانتشار مراكز البيانات، تعد من العوامل المهمة التي تدفع هذا النمو.

الهند مساهم رئيسي في الطلب العالمي

الاقتصاد الهندي هو الآخر يسهم بشكل كبير في نمو الطلب على الكهرباء، إذ من المتوقع أن تشكل الهند حوالي 10% من الزيادة العالمية في الطلب على الكهرباء بحلول عام 2027، ويعود ذلك إلى النمو الاقتصادي القوي في الهند، بالإضافة إلى التوسع في استخدام مكيفات الهواء، الذي يعد من أبرز العوامل الدافعة لهذه الزيادة، ومن المثير أيضًا أن الهند تشهد تزايدًا كبيرًا في استخدام الأجهزة الكهربائية في المنازل، مما يزيد من حجم استهلاك الكهرباء بشكل متسارع.

التأثيرات في الاقتصادات المتقدمة

على النقيض من النمو السريع في الاقتصادات الناشئة، شهدت الاقتصادات المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، ركودًا في الطلب على الكهرباء في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، تلوح بوادر تحوّل في هذا الاتجاه، حيث يُتوقع أن يتزايد الطلب على الكهرباء في هذه البلدان نتيجة للتوسع في قطاعات مثل النقل الكهربائي، التدفئة، ومراكز البيانات، مما يشير إلى تحول في أنماط استهلاك الطاقة في هذه الدول.

الطاقة منخفضة الانبعاثات

واحدة من النقاط الأكثر أهمية في التقرير هي التأثير الكبير للطاقة منخفضة الانبعاثات على الطلب العالمي، إذ من المتوقع أن تتواصل هذه المصادر، مثل الطاقة المتجددة والطاقة النووية، في قيادة النمو الطاقي، وتجاوز حصة الفحم في مزيج الطاقة العالمي، وهذا التحول نحو الطاقة النظيفة ليس مجرد استجابة لزيادة الطلب، بل هو أيضًا استجابة للضغوط البيئية التي تفرضها أزمة التغير المناخي.

بحلول عام 2027، يُتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الانبعاثات، بعد الطاقة الكهرومائية، وهذا يدل على تحول جاد في مجال الطاقة المتجددة، حيث من المتوقع أن تتفوق مصادر الطاقة المتجددة في مجملها على الفحم في توليد الكهرباء بحلول عام 2025، مما سيقلل حصة المصادر الملوثة إلى أقل من 33% لأول مرة منذ 100 عام.

العوامل المؤثرة في مستقبل الطاقة

إلى جانب التطور التكنولوجي واهتمام الاقتصادات الكبرى بالتحول إلى الطاقة النظيفة، هناك مجموعة من العوامل التي من شأنها أن تؤثر على مستقبل الطاقة والطلب على الكهرباء، ويشمل ذلك الاستثمارات في البحث والتطوير لتحسين كفاءة الطاقة المتجددة، والسياسات الحكومية التي تدفع نحو التحول الأخضر، والابتكارات التكنولوجية في مجالات مثل تخزين الطاقة، كما أن تزايد الطلب على السيارات الكهربائية، وتوسع استخدام الطاقة في قطاع النقل، من العوامل التي ستساهم في زيادة استهلاك الكهرباء بشكل كبير.

ختامًا: تُظهر توقعات وكالة الطاقة الدولية أن العالم في طريقه إلى تحول طاقي غير مسبوق، حيث يتسارع الطلب على الكهرباء في الاقتصادات الناشئة بشكل يفوق المتوقع، وفي الوقت نفسه، سيكون التحول نحو الطاقة منخفضة الانبعاثات العامل الأساسي في تلبية هذا الطلب المتزايد بشكل مستدام، مما يساهم في الحفاظ على البيئة والحد من التلوث، كما أن الاقتصادات المتقدمة ستشهد تحولًا في أنماط استهلاك الكهرباء، مما سيخلق فرصًا وتحديات جديدة في مجالات الطاقة والابتكار، كما يشير التقرير إلى ضرورة استعداد الدول والشركات لمواكبة هذا النمو في الطلب، وتبني استراتيجيات طاقية أكثر استدامة لضمان توفير الكهرباء في المستقبل مع تقليل التأثيرات البيئية.

Short Url

أخبار متعلقة