«مصر والصومال» قفزات ضخمة ترفع التبادل التجاري إلى 127.7 مليون دولار

الإثنين، 10 فبراير 2025 03:53 م

الرئيس عبد الفتاح السيسي و رئيس الصومال

كريم قنديل

تعد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصومال جزءًا أساسيًا من التعاون الإفريقي الذي يعزز العلاقات الثنائية بين البلدين، بفضل الموقع الجغرافي الاستراتيجي لكل من مصر والصومال، يشكل التعاون الاقتصادي بينهما عنصرًا حيويًا لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي في المنطقة.

وتبرز الإحصائيات الحديثة الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر التطورات الكبيرة التي شهدها التبادل التجاري بين البلدين، ففي عام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري 127.7 مليون دولار، مقارنةً بـ 58.2 مليون دولار في عام 2023، وهو ما يعكس زيادة ملحوظة بلغت 119% خلال عام واحد فقط.

الصادرات والواردات المصرية

شهدت الصادرات المصرية إلى الصومال نموًا كبيرًا حيث ارتفعت من 55.8 مليون دولار في عام 2023 إلى 122.9 مليون دولار في عام 2024.

وتركزت هذه الصادرات في منتجات المطاحن التي بلغت قيمتها 60 مليون دولار، والسكر ومصنوعاته بقيمة 29 مليون دولار، إضافة إلى التبغ، ومنتجات الصيدلة، ومحضرات الخضر والفواكه.

أهم مجموعات سلعية صدرتها مصر إلي الصومال خلال عام 2024

1. منتجات مطاحن بقيمة 60 مليون دولار.

2. سكر ومصنوعات سكرية بقيمة 29 مليون دولار.

3. تبغ بقیمة 6 ملیون دولار.

4. منتجات الصيدلة بقيمة 6 مليون دولار.

5. محضرات خضر وفواكه بقيمة 3 مليون دولار.

من جهة أخرى، شهدت الواردات المصرية من الصومال نموًا من 2.4 مليون دولار في عام 2023 إلى 4.8 مليون دولار في عام 2024، واشتملت هذه الواردات على الحيوانات الحية، والصمغ، والخلاصات النباتية.

أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من الصومال خلال عام 2024

1. حيوانات حية بقيمة 4 مليون دولار.

2. صمغ وخلاصات نباتية بقيمة 800 ألف دولار.

التحويلات المالية

التحويلات المالية بين البلدين تمثل جانبًا آخر من العلاقات الاقتصادية المهمة. بلغت تحويلات المصريين العاملين في الصومال خلال العام المالي 2023/2024 حوالي 884 ألف دولار، مقارنةً بـ 299 ألف دولار في العام المالي 2022/2023.

وفي المقابل، بلغت تحويلات الصوماليين العاملين في مصر 14 ألف دولار في العام المالي 2023/2024 مقارنةً بـ 3 آلاف دولار في العام المالي السابق. يُظهر هذا النمو في التحويلات تحسن العلاقات الاقتصادية بشكل عام وزيادة تفاعل القوى العاملة بين البلدين.

التطورات السياسية والدبلوماسية

إن تعزيز العلاقات بين مصر والصومال لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل يمتد ليشمل التعاون السياسي والدبلوماسي.

وتجلت أهمية هذه العلاقات في زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى مصر في أغسطس 2024، والتي ركزت على تعزيز أطر التعاون في المجالات السياسية والأمنية والثقافية، وتم خلال هذه الزيارة توقيع مذكرة تعاون عسكرية تهدف إلى رفع قدرات الجيش الصومالي في مواجهة التحديات الأمنية الكبرى مثل حركة الشباب الإرهابية.

تاريخ العلاقات بين مصر والصومال يعكس عمق الروابط المشتركة بين البلدين، فمنذ حقبة النضال الوطني ضد الاحتلال، كان لمصر دور بارز في دعم استقلال الصومال. كما حافظت الصومال على علاقاتها القوية مع مصر حتى خلال فترات المقاطعة العربية لمصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد. وفي العصر الحديث، ازدادت العلاقات قوة مع افتتاح السفارة المصرية في مقديشو، واستئناف خطوط الطيران المباشرة بين البلدين، وتنامي التعاون في مجالات التعليم والثقافة.

التعاون الأمني والدفاعي

في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في منطقة القرن الإفريقي، أصبح التعاون الأمني بين مصر والصومال أمرًا حتميًا لضمان الاستقرار الإقليمي. وقعت مصر والصومال عدة اتفاقيات أمنية تهدف إلى تعزيز قدرات الجيش الصومالي من خلال التدريبات العسكرية المشتركة وتوفير الدعم اللوجستي والتقني. يهدف هذا التعاون إلى دحر الجماعات الإرهابية وتحقيق الأمن الداخلي، مما ينعكس إيجابيًا على المناخ الاقتصادي والاستثماري.

التبادل التجاري والاستثماري

رغم التطورات الإيجابية في حجم التبادل التجاري بين مصر والصومال، إلا أن هناك حاجة ملحة لتعزيز هذا التعاون ليصل إلى مستويات أكبر. وتخطط الدولتان لعقد ملتقيات تجارية واستثمارية تجمع بين رجال الأعمال من الجانبين لاستكشاف فرص الاستثمار في مجالات الزراعة، الطاقة، النقل، والبنية التحتية. كما يعد افتتاح فرع لبنك مصر في الصومال خطوة هامة لتسهيل المعاملات التجارية وتعزيز التعاون المالي.

تشير البيانات إلى أن مصر أصبحت من أهم الشركاء التجاريين للصومال في القارة الإفريقية، حيث تقدم منتجات ذات جودة عالية تلبي احتياجات السوق الصومالية. في المقابل، تسعى الصومال إلى زيادة صادراتها من المنتجات الزراعية والحيوانية إلى مصر لتعزيز التوازن التجاري.

التعاون الثقافي والتعليمي

يشكل التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين أحد أبرز مظاهر العلاقات الثنائية. تُعتبر مصر منارة للعلم والمعرفة في العالم العربي والإسلامي، وقد استفاد العديد من الطلاب الصوماليين من المنح الدراسية التي تقدمها الجامعات المصرية. وفي المقابل، تُساهم هذه العلاقات الثقافية في تعزيز التفاهم المتبادل والتعاون بين الشعبين.

وقعت الدولتان مذكرة تفاهم في مجال الثقافة تتضمن تبادل المشاركة في المهرجانات والمعارض الفنية والكتب. كما تُعد مصر من أبرز الدول الداعمة للصومال في مجال التعليم من خلال الأزهر الشريف الذي يوفد بعثات تعليمية إلى الصومال.

التحديات والفرص

على الرغم من التطور الكبير في العلاقات بين مصر والصومال، إلا أن هناك تحديات تواجه هذه الشراكة، أبرزها الوضع الأمني غير المستقر في الصومال والذي يُشكل عائقًا أمام تدفق الاستثمارات. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج البنية التحتية في الصومال إلى تحسين كبير لتسهيل عمليات النقل والتجارة، ومن التحديات الأخرى الإجراءات الجمركية التي تحتاج إلى تسهيلات أكبر لتقليل التكاليف.

مع ذلك، فإن هناك فرصًا واعدة لتعزيز التعاون بين البلدين، منها توسيع نطاق المشروعات المشتركة في مجالات الزراعة والطاقة، وتنظيم دورات تدريبية لتطوير المهارات في الصومال، وتعزيز التبادل الثقافي والعلمي. كما يمكن أن تلعب المؤسسات المالية دورًا هامًا في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التمويل اللازم.

ختامًا، تمثل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصومال نموذجًا ناجحًا للتعاون بين الدول الإفريقية. ومع استمرار الجهود المبذولة لتعزيز البنية التحتية وتحسين مناخ الاستثمار، يمكن لهذه العلاقات أن تحقق المزيد من النمو والازدهار. إن التكامل بين الجوانب الاقتصادية، الثقافية، والسياسية يضع أساسًا قويًا لتحقيق التنمية المستدامة في البلدين. وبينما تستمر التحديات، فإن الإرادة السياسية القوية والروابط التاريخية العميقة توفران أساسًا صلبًا للتغلب على هذه العقبات وبناء مستقبل مشترك أكثر إشراقًا.

Short Url

أخبار متعلقة