الحكومة تنحاز للتنمية البشرية بالموازنة الجديدة فى ظل التحديات الاقتصادية (تحليل)
الأربعاء، 05 فبراير 2025 02:53 م

اجتماع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي
كريم قنديل
في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد المصري، يأتي اجتماع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لمشروع موازنة العام المالي 2025/2026 بمثابة خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي وتحقيق التنمية المستدامة. تم الإعلان عن هذه الموازنة خلال اجتماع عُقد في العاصمة الإدارية الجديدة، ما يبرز التوجه الحكومي نحو تحقيق التنمية على مستوى جميع القطاعات.
في وقت تشهد فيه مصر تصاعدًا في معدلات التضخم وزيادة في حجم الديون العامة، تصبح الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الإنفاق الاجتماعي والانضباط المالي أكثر إلحاحًا. فالاقتصاد المصري اليوم في مفترق طرق، حيث يتطلب الوضع الراهن اهتمامًا خاصًا بترشيد النفقات الحكومية وتعزيز الإيرادات، وهو ما يتطلب موازنة شديدة الدقة بين دعم القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، وبين اتخاذ خطوات ملموسة لتقليص العجز في الموازنة العامة وتحقيق الاستقرار المالي على المدى البعيد.

أهداف الموازنة: التوازن بين الإنفاق الاجتماعي والانضباط المالي
تُعطي الموازنة الجديدة أولوية كبيرة للإنفاق على قطاعات التعليم والرعاية الصحية، إلى جانب تعزيز برامج الحماية الاجتماعية، هذا التحرك يعكس التزام الحكومة بتطوير العنصر البشري كأحد المحاور الأساسية في استراتيجية التنمية المستدامة. فمع تنامي الحاجة إلى تحسين الخدمات العامة، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، يبرز التعليم والصحة كعناصر حيوية لتمكين الأجيال القادمة والمساهمة في خلق بيئة عمل مناسبة.
الإنفاق على التعليم يتضمن تحسين البنية التحتية للمدارس والجامعات، بالإضافة إلى رفع مستوى الكوادر التعليمية وتوسيع نطاق التعليم الفني، بينما تركز الموازنة أيضًا على تعزيز مستوى الرعاية الصحية وتوسيع نطاق الخدمات الصحية الأساسية للمواطنين.
زيادة مخصصات الحماية الاجتماعية: دعم الفئات الأكثر احتياجًا
وفي خطوة تؤكد الحكومة المصرية التزامها بتخفيف أعباء المواطنين الأكثر احتياجًا، تشمل الموازنة زيادة في تمويل برامج الحماية الاجتماعية مثل "تكافل" و"كرامة"، هذه البرامج تهدف إلى دعم الأسر الفقيرة والمحتاجة وتوفير شبكة أمان اجتماعي تساهم في تقليل معدلات الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، تخصص الموازنة أيضًا موارد للمرحلة الثانية من مبادرة "حياة كريمة"، التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي المبادرة التي تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة في القرى والمناطق الأكثر فقرًا في مصر. هذه المبادرة تشمل مشروعات تطوير البنية التحتية، تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتوفير فرص العمل.
التركيز على الانضباط المالي والديون العامة
على الرغم من التوسع الكبير في الإنفاق الاجتماعي، إلا أن الموازنة الجديدة تظل ملتزمة بالانضباط المالي، وهو ما يتضح من استمرار الحكومة في تنفيذ السياسات الرامية إلى تقليل عجز الموازنة. أحد الأهداف الأساسية لهذه الموازنة هو زيادة الفائض الأولي، وهو ما يعني أن الحكومة تسعى إلى أن تكون الإيرادات الحكومية أكبر من المصروفات غير المرتبطة بالفوائد على الديون.
تستهدف الحكومة أيضًا الحفاظ على المسار التنازلي للديون العامة، وهو ما يعد أولوية في ظل الضغوط المالية التي يواجهها الاقتصاد المصري بسبب حجم الديون الخارجية والمحلية. هذا الهدف يتطلب زيادة كفاءة تحصيل الإيرادات، بالإضافة إلى تعزيز بيئة الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدعم النمو الاقتصادي.

التأكيد على التنمية البشرية: استمرار التركيز على الإنسان
أحد الملامح الأساسية في مشروع الموازنة هو التركيز المستمر على التنمية البشرية، وهو ما يتماشى مع رؤية الحكومة لعام 2030. فالتطوير المستمر للبنية التحتية في قطاعات التعليم والصحة، بالإضافة إلى برامج الحماية الاجتماعية، يهدف إلى تحقيق تحسينات ملموسة في حياة المواطنين المصريين، خاصة الفئات الأكثر احتياجًا.
موازنة تحاكي التحديات المستقبلية
على الرغم من التحديات الاقتصادية الحالية، بما في ذلك التضخم والديون المرتفعة، يظهر مشروع الموازنة للعام المالي 2025/26 قدرة الحكومة على الموازنة بين الحاجة إلى الإنفاق على التنمية البشرية وبين الالتزام بتحقيق الانضباط المالي، وتُعد هذه الموازنة بمثابة استجابة للتحديات الاقتصادية وتكريس للسياسات الحكومية التي تستهدف تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، مع التأكيد على الاستدامة المالية على المدى البعيد.
النتيجة المتوقعة: استقرار اقتصادي وتنمية شاملة
من المتوقع أن تساهم هذه الموازنة في تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأجل، خاصة مع التوجه نحو تقليص الدين العام وزيادة الفائض الأولي، ما يوفر أداة قوية لمواجهة الأزمات المستقبلية، كما أن زيادة الإنفاق على التنمية البشرية وبرامج الحماية الاجتماعية ستساعد على تحسين مستويات المعيشة، وتقليل الفوارق الاجتماعية، وهو ما سينعكس إيجابًا على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في مصر.
تعتبر الموازنة الجديدة للعام المالي 2025/26 بمثابة نقطة تحول نحو تحقيق أهداف الحكومة في التنمية المستدامة، حيث تسعى الحكومة إلى تحقيق التوازن بين إنفاق يستهدف تحسين جودة الحياة للمواطنين، وبين الحفاظ على الانضباط المالي لمواجهة التحديات الاقتصادية في المستقبل.
Short Url
مصر ضمن أفضل 10 دول إفريقية بسرعة اتصال الإنترنت خلال 2024
21 فبراير 2025 10:00 م
وزارة البيئة: استثمارات ضخمة بقيمة 200 مليار دولار لتحسين جودة الهواء بالقاهرة الكبرى
21 فبراير 2025 05:38 م
279.3 مليار جنيه إجمالي التداولات في البورصة المصرية في أسبوع
21 فبراير 2025 11:11 ص


أكثر الكلمات انتشاراً