دراسة لـ "إيجي إن": ضجة من لا شيء.. استراتيجية التريند المزيف بمصر
الإثنين، 27 يناير 2025 04:20 م
التواصل الاجتماعي - Social Media
كتب/ عبد الرحمن عيسى
ظاهرة "التريند المزيف" أصبحت واحدة من أبرز القضايا المثيرة للجدل في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشير مصطلح "التريند المزيف" إلى استخدام تقنيات وأساليب من أجل التلاعب بمؤشرات الاهتمام على منصات مثل "فيسبوك"، "تويتر"، و"إنستجرام"، بهدف نشر معلومات مغلوطة أو توجيه الرأي العام حول موضوع معين، كما تتعدد الأطراف التي تستخدم هذه الظاهرة، من الشركات التجارية إلى السياسيين والمشاهير، وقد يتسبب هذا التلاعب في نتائج سلبية على المجتمع من الناحية الاجتماعية والنفسية، بالإضافة إلى التأثيرات على مصداقية وسائل الإعلام. في هذه الدراسة، سنناقش الأسباب والجهات المستفيدة من التريند المزيف، التحديات المترتبة عليه، والحلول الممكنة للحد من تأثيره.
ما هو التريند المزيف؟
التريند المزيف هو التلاعب بقوائم التريندات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم تسليط الضوء على موضوع معين بشكل غير طبيعي عن طريق زيادة تفاعل المستخدمين بشكل مصطنع، يمكن أن يشمل هذا:
- استخدام الحسابات الوهمية: يتم إنشاء حسابات غير حقيقية لزيادة التفاعل على المنشورات أو الأخبار.
- نشر الأخبار الزائفة: نشر معلومات مغلوطة بغرض التأثير على الرأي العام.
- التعليقات المدفوعة: استخدام خدمات مدفوعة لتوجيه النقاشات عبر التعليقات.
الهدف من هذه الأساليب هو خلق انطباع بأن موضوعًا معينًا يحظى باهتمام كبير من الجمهور، بينما في الواقع يتم التلاعب بالبيانات لجعل الموضوع يظهر كأهم قضية حالية في تلك اللحظة.
من يستخدم التريند المزيف؟
التريند المزيف لا يقتصر على فئة أو جهة واحدة، بل هناك مجموعة من الأطراف التي تستخدمه لتحقيق أهدافهم الخاصة، ويمكن تقسيم هؤلاء الأطراف إلى ثلاث فئات رئيسية:
- المؤسسات التجارية: تلجأ الشركات التجارية إلى التريند المزيف للترويج لمنتجاتها أو خدماتها، من خلال التلاعب بالمؤشرات، يمكن لهذه الشركات تعزيز الوعي بالعلامة التجارية ودفع مبيعاتها، وتُستخدم هذه التقنية بشكل خاص في الحملات التسويقية التي تهدف إلى الوصول لأكبر شريحة من الجمهور بأقل تكلفة، كما أشارت دراسة نُشرت في مجلة البحوث والدراسات الإعلامية إلى أن الجمهور المصري يتابع أخبار التريند على الصفحات الإخبارية بموقع "فيسبوك" بدرجة متوسطة، ويعتمد عليها كمصدر للمعلومات، مع وجود درجة متوسطة من الثقة في هذه الأخبار، كما أظهرت الدراسة أن من أبرز دوافع الاعتماد على أخبار التريند هي المساعدة في فهم أبعاد القضايا ومتابعة آراء الآخرين من خلال التعليقات، من جانب آخر، حذرت دراسة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية من التأثيرات النفسية والاجتماعية لظاهرة التريند، مشيرةً إلى أن زيادة معدل انتشار الإنترنت في مصر، حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت 71.9% من إجمالي السكان في بداية عام 2022، ساهم في سرعة انتشار هذه الظاهرة، بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة أجراها الصحفي أحمد السيد يوسف الحنفي أن الجماهير تشعر بالقلق من تدني مستوى الوعي المجتمعي بسبب متابعة التريند في شبكات التواصل الاجتماعي، وترى أن التريند يسهم في إبراز موضوعات غير أخلاقية بنسبة مرتفعة.
- الشخصيات العامة والمشاهير: يستخدم المشاهير التريند المزيف لأغراض شخصية، مثل زيادة شهرتهم أو تسويق أعمالهم الفنية، من خلال التفاعل مع القضايا الرائجة أو حتى صناعتها، يمكن للمشاهير أن يظهروا في قلب الأحداث الساخنة على منصات التواصل الاجتماعي، وبعضهم يستغل نشر الأخبار الزائفة أو إثارة الجدل لتحقيق هذا الهدف، فهذا النوع من السلوك يهدف إلى جذب الانتباه الإعلامي ورفع مستوى تفاعل الجمهور مع المحتوى.
- الجهات السياسية: تستخدم بعض الجهات السياسية التريند المزيف للتأثير على الرأي العام، وقد يكون ذلك بهدف دعم أجندة سياسية أو تشويه سمعة خصوم سياسيين، على سبيل المثال، قد تقوم جهة معينة بنشر أخبار كاذبة أو مبالغ فيها حول موقف سياسي معين ليبدو كما لو أن القضية تحظى بتأييد شعبي واسع. هذه الأفعال يمكن أن تؤثر بشكل كبير في نتائج الانتخابات أو في الرأي العام تجاه قضية معينة.
الآثار السلبية للتريند المزيف
- تأثيرات على الوعي الاجتماعي: التريند المزيف يساهم بشكل مباشر في تدني مستوى الوعي المجتمعي كما أظهرت دراسة من المركز المصري للبحوث الاجتماعية، فإن متابعة التريندات بشكل عشوائي قد يؤدي إلى نشر معلومات غير صحيحة تؤثر على الفهم العام للقضايا الاجتماعية والسياسية، فمن خلال التغاضي عن مصداقية المعلومات والتركيز فقط على تصدر القضايا الساخنة، يعاني المجتمع من تشتت في فهمه للقضايا المهمة.
- تأثيرات نفسية: وفقًا لدراسة نشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي، فإن متابعة التريند المزيف قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، بحيث عندما يتعرض الجمهور لمعلومات مغلوطة أو موجهة بهدف إثارة العواطف، فإنهم قد يشعرون بالتوتر والقلق نتيجة لتأثير هذه الأخبار على حالتهم النفسية، على سبيل المثال، قد يؤدي انتشار شائعة حول حادثة غير صحيحة إلى إحداث موجة من القلق الجماعي.
- إضعاف مصداقية الإعلام: من السلبيات الرئيسية للتريند المزيف هو أنه يُساهم في إضعاف مصداقية وسائل الإعلام، فعندما يعتمد الجمهور على أخبار مأخوذة من التريندات التي يتم تلاعبها، فإنهم يصبحون أكثر عرضة لتصديق المعلومات المغلوطة، مما يؤدي إلى تآكل الثقة في الإعلام كمصدر موثوق للأخبار.
- تدمير القيم الاجتماعية: قد يساهم التريند المزيف في نشر قضايا غير أخلاقية أو مدمرة، خاصة عندما يتم استخدامه لتسليط الضوء على موضوعات مثيرة للجدل أو مسيئة، فهذه المواضيع قد تؤدي إلى تشويه القيم الاجتماعية ونشر الفوضى، كما أظهرت دراسة من اليونسكو حول تأثير وسائل الإعلام الرقمية على المجتمعات، حيث تطرقت تقارير اليونسكو إلى ذلك، موضحةً أنها ساهمت في تغيير القيم الاجتماعية والثقافية، وزيّنت دورها في نشر المعلومات بسرعة لكنها أثارت أيضًا تحديات مثل انتشار الأخبار المزيفة وتقليص التفاعل الاجتماعي الحقيقي، كما ناقشت تقارير اليونسكو المخاطر المرتبطة بالتلاعب بالرأي العام واستخدام الوسائل الرقمية للتأثير على الانتخابات، وأوصت بضرورة تعزيز الوعي الإعلامي، وتنظيم استخدام وسائل الإعلام الرقمية، وتشجيع المحتوى الهادف، وذلك لضمان تحقيق الفوائد الاجتماعية والتثقيفية دون التأثيرات السلبية.
تبعًا لما هو مُقدم من إحصائيات DataReportal المختصة بالتقارير الرقمية العالمية، فإنه من تقرير أكتوبر (Digital 2024: Egypt)، أمسى الوقت اليومي المُستخدم في استخدام الإنترنت بمصر من سن السادسة عشر فيما هو أعلى: حوالي (سبع ساعات، وسبع وأربعين دقيقة)، مما يجعلها بالمرتبة الحادية عشر عالميًا في ذلك.
وفي نفس التقرير، يتضح أن مصر هي المرتبة الأولى عالميًا في أكتوبر 2024 في استخدام فيسبوك شهريًا، حيث ذُكر في التقرير أن الوقت المُنفَق شهريًا على استخدام تطبيق فيسبوك بمصر: حوالي (اثنان وثلاثون ساعة، واثنان وعشرون دقيقة)، ويمكن استنتاج أن زيادة الوقت الذي ينفقه المستخدمون على المنصة يجعلهم أكثر عرضة للتأثيرات السلبية للتريندات المزيفة، فعندما يقضي الأشخاص وقتًا طويلًا على منصات التواصل الاجتماعي، فإنهم يستهلكون محتوى قد يكون مُضللًا أو مُفبركًا، مما يساهم في تشكيل آراء واهتمامات غير دقيقة، ومع زيادة الاستهلاك الرقمي، هناك احتمال أكبر أن يتعرض المستخدمون لمحتوى غير موثوق أو مغلوط، ويزداد تأثير التريند المزيف في توجيه الرأي العام أو نشر معلومات خاطئة، كما أن كثرة التفاعل مع هذه التريندات قد يساهم في نشرها بشكل أسرع بين المستخدمين، مما يضاعف من آثارها السلبية على المجتمع.
كيف يمكن الحد من تأثير التريند المزيف؟
- تعزيز الوعي الإعلامي: من الضروري توعية الجمهور بكيفية التحقق من صحة المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يجب أن يكون لدى الأفراد أدوات للتفريق بين الأخبار الحقيقية والمزيفة، مثل الاعتماد على المصادر الرسمية أو المواقع الإخبارية الموثوقة.
- وضع سياسات تنظيمية: من المهم أن تتبنى السلطات سياسات تنظيمية لتنظيم استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي، بما في ذلك فرض قوانين لمكافحة نشر الأخبار المزيفة، كما يجب على المنصات الرقمية أن تتحمل مسؤوليتها في مراقبة المحتوى الذي يتم نشره، مع فرض عقوبات على من يثبت تورطهم في التلاعب بالتريندات.
- تشجيع المحتوى الهادف: يجب أن يكون هناك دعم أكبر للمحتوى الإعلامي الهادف والموثوق الذي يعزز من مستوى الوعي الاجتماعي والثقافة العامة، كما أنه على وسائل الإعلام والمحتوى الرقمي أن يركزوا على تقديم معلومات دقيقة وموثوقة تساهم في تنمية المجتمعات بدلًا من نشر الفوضى والمحتويات المبتذلة.
نتائج الدراسة
1- التريند المزيف في مصر: يتم التلاعب بمؤشرات الاهتمام على وسائل التواصل الاجتماعي عبر الحسابات الوهمية والأخبار الزائفة لتوجيه الرأي العام لصالح بعض الأطراف مثل الشركات، المشاهير، أو الجهات السياسية.
2- استخدام فيسبوك: مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا في الوقت الذي يقضيه المستخدمون على فيسبوك، حيث يصل المتوسط إلى 32 ساعة و22 دقيقة شهريًا، مما يزيد من تعرضهم للتريندات المزيفة.
3- الآثار السلبية: التريند المزيف يساهم في تدني الوعي الاجتماعي، الإضرار بالصحة النفسية، وإضعاف مصداقية الإعلام، مما يؤثر سلبًا على القيم الاجتماعية.
4- الاستغلال التجاري: تستخدم بعض المؤسسات التجارية التريند المزيف لزيادة المبيعات أو تحسين صورتها الذهنية. المشاهير أيضًا يعتمدون على هذه الظاهرة للترويج لأنفسهم أو لأعمالهم الفنية، مما يضاعف من انتشار التريندات المزيفة.
5- زيادة الاستقطاب الاجتماعي: التريند المزيف قد يعمق الانقسامات في المجتمع، حيث يروج لمواضيع مثيرة للجدل تثير الانقسام بين الناس. يمكن أن يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات الاجتماعية وتعزيز الأيديولوجيات المتطرفة.
6- استجابة سلبية من الجماهير: نتيجة لهذه التأثيرات السلبية، أظهرت الدراسات أن العديد من الجماهير يشعرون بالقلق تجاه مستوى الوعي المجتمعي، ويعتبرون أن التريندات المزيفة تسهم في إبراز موضوعات غير أخلاقية وغير مفيدة للمجتمع.
Short Url
الريال السعودي يستقر مسجلا 13.33 جنيه خلال تعاملات اليوم
31 يناير 2025 12:49 م
بـ 13.64 جنيه، الدرهم الإماراتي يستقر بالبنوك المصرية اليوم الجمعة
31 يناير 2025 12:46 م
الدينار الكويتي يستقر مسجلا 162.02 جنيه، اعرف آخر تحديثات البنوك
31 يناير 2025 12:44 م
أكثر الكلمات انتشاراً