الجمعة، 31 يناير 2025

02:16 ص

أسسها

حازم الجندي

رئيس مجلس الإدارة

أكرم القصاص

إشراف عام

علا الشافعي

دراسة لـ "إيجي إن".. من ريادة النفط إلى طموح أخضر باستثمارات 700 مليار ريال بالسعودية

الإثنين، 27 يناير 2025 02:04 م

علم المملكة العربية السعودية

علم المملكة العربية السعودية

كتبت/ ميرنا البكري

تتضافر جهود المملكة العربية السعودية بين المحافظة على الوقود الأحفوري والحد من الانبعاثات، وتحقيق توازن مستدام بين مكانتها الرائدة في إنتاج النفط ومساعيها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، ومع استثمارات ضخمة تبلغ 700 مليار ريال في مشاريع الطاقة المتجددة، تهدف المملكة إلى تعزيز مشاريع الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الكربونية، في إطار رؤية السعودية 2030 التي تسعى لبناء اقتصاد متنوع ومستدام يلبي متطلبات الحاضر ويحافظ على موارد الأجيال القادمة، ووفقًا لمبادرة المنظمات المشتركة “جودي”، ارتفعت صادرات السعودية من النفط الخام بنحو 174 ألف برميل يوميًا في اكتوبر 2024، لتصل 5.925 مليون برميل، كما بلغت حصة الطاقة المتجددة في مزيج المملكة 1.36% في عام 2023، وتتوقع المملكة أن تساهم مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح بحوالي 50% من إجمالي قدرتها على توليد الكهرباء بحلول 2030.

مشاريع طاقة الرياح في السعودية

هدف الدراسة

تهدف هذه الدراسة إلى توضيح جهود المملكة العربية السعودية للموازنة بين النفط والاقتصاد الأخضر في السعودية، واستكشاف كيفية موازنة الاعتماد المستمر على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات والطاقة، مع تعزيز النمو الاقتصادي المستدام من خلال تطوير القطاعات البيئية والمشاريع التي تعتمد على الطاقة المتجددة، كما تركز الدراسة على تحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية عبر التنويع الاقتصادي والتحول نحو الاقتصاد الأخضر بما يتوافق مع رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. 

جهود السعودية في التحول نحو الاقتصاد الأخضر

في عام 2021، أطلقت المملكة العربية السعودية "مبادرة السعودية الخضراء" كجزء من سعيها للتحول إلى الاقتصاد الأخضر ومكافحة التغير المناخي. تهدف المبادرة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول 2030، وزراعة 10 مليارات شجرة، وإعادة تأهيل 74 مليون  هكتار من الأراضي المتدهورة، بالإضافة إلى إنشاء المزيد من المحميات الطبيعية.

في عام 2022، استمرت المملكة العربية السعودية في تعزيز مبادراتها للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، في إطار "مبادرة السعودية الخضراء" التي أطلقت في 2021. حيث تم ربط 700 ميجاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشبكة الكهرباء الوطنية، مما وفر الطاقة لـ 100,000 منزل. وتم توسيع المحميات الطبيعية في المملكة بأربعة أضعاف مقارنة بعام 2016، بالإضافة إلى إعادة توطين أكثر من 1,200 حيوان مهدد بالانقراض في 15 موقعًا مختلفًا. وبدأ العمل على تطوير أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم بمدينة نيوم، مع توقعات أن يصل إنتاجه إلى 600 طن يوميًا بحلول 2026. وتم زراعة 18 مليون شجرة واستصلاح 60,000 هكتار من الأراضي.

وفي عام 2024، تم تحقيق إنجازات ملحوظة في زراعة أكثر من 95 مليون شجرة واستصلاح أكثر من 118 ألف هكتار من الأراضي، مما يُتوقع أن يؤدي إلى انخفاض قدره 2.2 درجة مئوية في درجات الحرارة في مراكز المدن بفضل تحسين الغطاء النباتي. كما تم تنفيذ 1,150 مسحًا ميدانيًا في جميع أنحاء المملكة.

وتعتبر محطة تحلية المياة في الخُبر بالمملكة العربية السعودية أول محطة تحلية مياه صديقة للبيئة على مستوى العالم، مما يدعم أهداف "مبادرة المملكة الخضراء" ويتماشى مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تقليص الانبعاثات الكربونية، وبالتالي يعزز من الاقتصاد الأخضر باستخدام تقنيات صديقة للبيئة مثل الطاقة المتجددة في عمليات التحلية، وأيضًا تسهم في خلق فرص عمل في مجالات الهندسة، التشغيل والصيانة، مما يساعد على تنمية المهارات المحلية وتوفير وظائف جديدة، كما يعزز الاستقرار المجتمعي والاقتصادي من خلال ضمان توافر المياه بشكل دائم.

بالمجمل، تساهم محطات تحلية المياه في دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستدامة البيئية، مما ينعكس إيجابًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.

إحصائيات سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة في السعودية 

 وفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء: "النشرة السنوية لإحصاءات الطاقة المتجددة". 

 استنادًا للرسم البياني السابق، نلاحظ زيادة ملحوظة في القدرة الإنتاجية، ففي عام 2020 كانت سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة 0.443 جيجاوات، وظلت على هذا المستوى في عام 2021. لكن في عام 2022، شهدت المملكة تحسنًا ملحوظًا حيث ارتفعت السعة إلى 0.843 جيجاوات.

في عام 2023، سجلت المملكة قفزة كبيرة في سعة الطاقة المتجددة التي وصلت إلى 2.689 جيجاوات، مما يعكس التقدم المستمر في مجال استثمارات الطاقة المتجددة.

وتعكس هذه الزيادة المستمرة التزام المملكة بتحقيق أهدافها الاستراتيجية في تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، حيث تسعى المملكة للوصول إلى سعة توليد كهرباء من الطاقة المتجددة تبلغ 58.7 جيجاوات بحلول عام 2030، مما يعكس التزامها الراسخ بتوسيع نطاق استخدام الطاقة النظيفة.

إحصائيات إنتاج النفط الخام في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 2020 إلى 2023

وفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء: "النشرة السنوية لإحصاءات إنتاج النفط الخام ". 

استنادًا إلى الصورة السابقة، بين عامي 2020 و2023، شهدت المملكة العربية السعودية استقرارًا نسبيًا في إنتاج النفط الخام، حيث بلغ الإنتاج 3,506 مليون برميل في عامي 2020 و2021، ويعكس هذا الاستقرار التأثيرات الناتجة عن جائحة كوفيد-19، التي أدت إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط بسبب الإغلاقات الاقتصادية، مما أثر بدوره على أسعار النفط ودفعت المملكة لتقليص الإنتاج تماشيًا مع اتفاقيات أوبك+، وفي عام 2022 ارتفع الإنتاج إلى 3,866 مليون برميل، وهو ما يدل على تعافي الاقتصاد العالمي من آثار الجائحة وزيادة الطلب على النفط نتيجة للنمو الاقتصادي، كما أن هذا الارتفاع يعكس تعديل المملكة لاستراتيجياتها الإنتاجية بما يتماشى مع أهداف أوبك+، التي سعت لتعزيز الإنتاج بعد الركود الذي شهدته الأسواق في عام 2020. ومع ذلك، في عام 2023، عاد الإنتاج إلى مستوياته السابقة التي كانت عليه في 2020 و2021، حيث بلغ 3,506 مليون برميل. هذا التراجع في الإنتاج قد يكون نتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية متعددة، مثل تقلبات أسعار النفط العالمية أو تعديل سياسات الإنتاج السعودية ضمن إطار اتفاقيات أوبك+.

كيف يؤثر تغيير إنتاج النفط في السعودية على مصر؟

يمكن أن يؤثر تغير إنتاج النفط في السعودية على مصر بعدة طرق نظرًا للعلاقات الاقتصادية القوية بين البلدين، حيث تعد السعودية من أكبر موردي النفط في المنطقة. بما أن السعودية من أكبر منتجي النفط عالميًا، فإن أي تغيير في إنتاجها يؤثر بشكل كبير على أسعار النفط العالمية. فإذا قامت السعودية بزيادة إنتاجها، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الأسعار عالميًا، مما سيكون مفيدًا لمصر التي تعتمد على استيراد النفط. على العكس، إذا قررت السعودية تقليص الإنتاج، قد يتسبب ذلك في زيادة الأسعار، مما سيرفع تكلفة استيراد مصر للنفط والمنتجات البترولية. علاوة على ذلك، تستورد مصر جزءًا كبيرًا من احتياجاتها النفطية من دول الخليج، بما في ذلك السعودية، لذا فإن أي تغييرات في سياسة الإنتاج السعودي قد تؤثر على إمدادات الطاقة لمصر. كما تقدم السعودية مساعدات نفطية لمصر في بعض الأحيان، وقد يتأثر هذا الدعم بتغيرات الإنتاج. تأثير أسعار النفط يمتد أيضًا إلى الاقتصاد المصري، حيث أن أي زيادة في الأسعار نتيجة لتقليص الإنتاج السعودي ستؤدي إلى زيادة تكاليف الواردات، مما قد يضغط على الميزانية العامة. في المقابل، إذا كانت السعودية تعمل على زيادة الإنتاج لدعم الاقتصاد العالمي، فقد يسهم ذلك في استقرار السوق ويدعم النمو الاقتصادي لمصر. بالنظر إلى الدور الكبير للسعودية في المنطقة، فإن أي تغييرات في سياستها النفطية قد تؤثر على التوازن الاقتصادي والسياسي في المنطقة، مما قد يؤثر أيضًا على مصر عبر اتفاقيات ومشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والاستثمار.

التحديات التي تواجه الموازنة بين ريادة النفط  والاقتصاد الأخضر في السعودية

1-الاعتماد الكبير على النفط: استمرار الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات يعيق تقليصه بسرعة.

2-التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية: صعوبة تحويل القوى العاملة من قطاع النفط إلى القطاعات الخضراء، مما يستدعي برامج تدريب وتوظيف جديدة.

3-التحديات البيئية والتمويل: صعوبة تنفيذ مشاريع الاقتصاد الأخضر بسبب التكاليف العالية والتحديات البيئية المحلية والدولية.

4-التقلبات في أسعار النفط: التقلبات في أسعار النفط تؤثر على التمويل المخصص للمشروعات الخضراء، وتزيد من صعوبة التخطيط الاقتصادي على المدى الطويل.

5-البنية التحتية: الحاجة لتطوير بنية تحتية قوية متكاملة تدعم الطاقة المتجددة، مثل شبكات الكهرباء الذكية ومحطات الشحن للمركبات الكهربائية.

6-إدارة الموارد المائية: الحاجة لإيجاد حلول لتوفير المياه في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث أن بعض هذه المشاريع قد يتطلب استخدامًا كثيفًا للمياه.

بعض التوصيات لتعزيز التوازن بين النفط والاقتصاد الأخضر في السعودية

1-تنويع مصادر الدخل من خلال تعزيز الاستثمارات في قطاعات غير نفطية مثل الطاقة المتجددة والسياحة والتكنولوجيا.

2-الاستثمار في البحث والتطوير لتوطين تقنيات الطاقة المتجددة ودعم الابتكار في مجالات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

3-تدريب القوى العاملة من خلال توفير برامج تدريب وتأهيل لتحويل القوى العاملة من قطاع النفط إلى قطاعات الطاقة المتجددة.

4-تحفيز الاستثمارات الخضراء من خلال تقديم حوافز مالية وتشريعية لجذب الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة والمشاريع البيئية.

5-إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام من خلال تطبيق تقنيات مبتكرة لإدارة الموارد الطبيعية مثل المياة والطاقة وضمان استدامتهما.

6-التعاون الدولي من خلال توسيع التعاون مع الدول والمنظمات العالمية في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا البيئية.

خاتمة

تتجلى أهمية تحقيق التوازن بين استمرارية إنتاج النفط والتحول نحو الاقتصاد الأخضر في السعودية كأولوية استراتيجية للمستقبل، فبينما يظل النفط مصدراً حيوياً لدعم النمو الاقتصادي، فإن التحول نحو الطاقة المتجددة يعد خطوة ضرورية لضمان استدامة الموارد وتقليل التأثيرات البيئية، وتتطلب هذه المرحلة موازنة دقيقة بين استثمار النفط كمصدر طاقة في الوقت الحالي، وبين التحول التدريجي إلى مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة على المدى الطويل، بما يسهم في تحقيق رؤية السعودية 2030 وتحقيق التنمية المستدامة.

Short Url

search