دراسة لـ «إيجي إن» تكشف تطلعات المملكة السعودية في قطاع الزراعة وفق رؤية 2030
الإثنين، 27 يناير 2025 01:07 م
كريم قنديل
يشهد قطاع الزراعة في المملكة العربية السعودية نموًا لافتًا في ظل اهتمام كبير من الحكومة لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 والاستراتيجية الوطنية للزراعة لعام 2030، وتسعى المملكة عبر هذه الجهود إلى تعزيز الأمن الغذائي من خلال توفير المحاصيل الزراعية، وتحقيق استقرار في أسعار المنتجات الغذائية، ودعم التنمية الريفية والاقتصادية.
كما تهدف إلى توفير مدخلات الإنتاج والمواد الخام التي تغذي أكثر من 1000 مصنع يعمل في مجالات الأغذية والمشروبات، وهو ما يعادل 14% من عدد المصانع بالمملكة، ويشمل السوق الزراعي السعودي أربعة أقسام رئيسية هي: المحاصيل الغذائية، الحبوب، الفواكه، والخضروات.
الزراعة السعودية
شهد قطاع الزراعة في السعودية العديد من التطورات على مر السنوات، حيث تم التركيز على استصلاح الأراضي الزراعية وزراعة المحاصيل المناسبة لكل موسم، كما تم التوسع في زراعة الأراضي من خلال دعم المزارعين بتقديم القروض الزراعية وتوفير المساعدة التقنية، بالإضافة إلى تنفيذ برامج رؤية السعودية 2030 التي تساهم في تحسين القطاع الزراعي.
كما تم اعتماد استراتيجيات وطنية مثل الاستراتيجية الوطنية للبيئة والمياه وأمن الغذاء، إلى جانب برامج ودراسات هامة مثل برنامج الإعانات الزراعية لإعادة توجيه الدعم لمستحقيه وبرنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة "ريف".
وفيما يخص مواسم الزراعة، تنظم الهيئة العامة للإحصاء التعداد الزراعي، وفقًا لموسمين رئيسيين:
- الموسم الشتوي: يمتد من نوفمبر إلى نهاية ديسمبر، حيث تُزرع المحاصيل الشتوية التي تمتاز بدورة إنتاجية أقل من عام. تُحصد هذه المحاصيل عادةً في مارس وتشمل البصل، الثوم، الجزر، البازلاء، والقرنبيط، سواء في الحقول المكشوفة أو تحت محاصيل دائمة مثل الأشجار المثمرة.
- الموسم الصيفي: يمتد من مارس إلى مايو، حيث تُزرع المحاصيل الصيفية التي أيضًا تنمو في أقل من عام. تُحصد هذه المحاصيل في أشهر أغسطس وسبتمبر، وتشمل البطيخ، الشمام، الطماطم، الخيار، والباذنجان، في الحقول المكشوفة أو تحت الأشجار المثمرة.
وتتميز المملكة العربية السعودية بزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل التي تتأقلم مع المناخ الجاف والتربة المختلفة.
من أبرز هذه المحاصيل:
- القمح: يزرع في المناطق الشمالية مثل حائل والقصيم، حيث توفر درجات الحرارة المعتدلة بيئة ملائمة لنموه.
- الشعير: يُزرع بشكل رئيسي كمحصول علفي للحيوانات في العديد من المناطق.
- الأرز: يُزرع في المناطق التي توفر ظروفًا مناسبة من حيث المياه الكافية.
- الخضروات: تشمل الطماطم، الخيار، الفلفل، الجزر، والبطاطس، التي تُزرع في عدة مناطق لتلبية احتياجات السوق.
- الفواكه: تشمل النخيل (التمر)، البطيخ، الليمون، التفاح، والبرتقال، مع التركيز على التمر الذي يُعد من المحاصيل الأبرز.
- الأعلاف: مثل البرسيم، الذرة، والدخن، والتي تستخدم لتغذية الماشية.
- الزيتون: يزرع في مناطق مثل الطائف ويُعتبر من المحاصيل ذات الأهمية المتزايدة.
أما عن أشهر المنتجات الزراعية في السعودية، فيعتبر التمر من أبرز وأشهر المنتجات الزراعية، ويزرع بكثرة في مناطق مثل الأحساء والقصيم، كما يلعب الشعير دورًا أساسيًا كمحصول علفي في دعم صناعة الألبان واللحوم، إضافة إلى ذلك، توفر الخضروات والفواكه تنوعًا غذائيًا هامًا للسوق المحلي، مع تركيز خاص على الطماطم والبطيخ.
مكانة التمور السعودية عالميًا
تحظى التمور بمكانة متميزة ضمن المحاصيل الزراعية في المملكة، حيث تتميز بجودتها وتفوقها عالميًا، وفي عام 2020، جاءت المملكة في المرتبة الثانية عالميًا بعد مصر من حيث حجم إنتاج التمور، وفي المرتبة الثانية بعد تونس من حيث حجم صادرات التمور، حيث بلغت قيمة الصادرات 246 مليون دولار أمريكي، تم توجيهها إلى 107 دول.
أرقام وإحصائيات حول القطاع الزراعي
تُشير التوقعات إلى تحقيق الزراعة في المملكة معدل نمو سنوي مركب قدره 4.5% خلال الفترة بين 2022 و2027، وفقًا لتقرير صادر عن "موردور إنتليجنس"، وبرزت المملكة بفضل أنظمة المعالجة كثيفة رأس المال التي أسهمت في تجنب نقص العمالة وضمان كفاءة الإنتاج، كما تمتلك المملكة أكبر أنظمة تخزين للقمح والدقيق في المنطقة، بسعة تزيد عن 3.3 مليون طن متري.
تعتبر السعودية أكبر سوق زراعي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يتزايد الطلب المحلي على المحاصيل الزراعية، مدفوعًا بتغير أنماط الاستهلاك، حيث دفع هذا التغير المتاجر الكبرى والهايبر ماركت إلى زيادة المعروض من المنتجات الزراعية ذات الجودة العالية وبأسعار تنافسية.
مساهمة القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني
ووفقًا للتقارير الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية، تشير بيانات الناتج المحلي الإجمالي من الزراعة في السعودية إلى تذبذب ناتج عن العوامل الموسمية وظروف السوق، وهو ما يتماشى مع تأثير المواسم الزراعية على الأداء الاقتصادي لهذا القطاع. في الربع الثالث من عام 2023، بلغ الناتج 22.4 مليون ريال، ثم انخفض إلى 21.2 مليون ريال في الربع الرابع بسبب التراجع الموسمي مع نهاية موسم الحصاد الرئيسي.
ومع بداية الربع الأول من عام 2024، ارتفع الناتج إلى 24.1 مليون ريال، مدفوعًا بنشاط زراعي قوي في فصل الشتاء وتحسن الطلب المحلي والدولي، في الربع الثاني، انخفض الناتج إلى 21.5 مليون ريال نتيجة التأثير السلبي لارتفاع درجات الحرارة على الإنتاج، بحلول الربع الثالث من عام 2024، عاد الناتج إلى الارتفاع مسجلًا 23.2 مليون ريال، مما يعكس تحسنًا نسبيًا على أساس سنوي، مدعومًا بسياسات تعزيز الإنتاج الزراعي التي أطلقتها الحكومة وفقًا لرؤية السعودية 2030.
مقارنة الناتج المحلي الإجمالي من الزراعة لعام 2010 بعام 2024
وفقًا للتقارير الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية، تشير البيانات إلى أداء متذبذب للناتج المحلي الإجمالي من الزراعة في السعودية على مدار الفترة من 2010 إلى 2024، مع تسجيل متوسط يبلغ 18,453 مليون ريال. هذا المتوسط يعكس استقرارًا نسبيًا على المدى الطويل، لكنه يخفي تباينات كبيرة بين أعلى وأدنى مستويات الأداء. أعلى مستوى تم تسجيله كان في الربع الأول من عام 2024، حيث بلغ الناتج 24,116 مليون ريال، وهو ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في الإنتاج الزراعي، مدفوعًا بسياسات دعم القطاع الزراعي ضمن رؤية السعودية 2030، وتحسن الظروف المناخية والتوسع في تقنيات الزراعة الحديثة.
وفي المقابل، أدنى مستوى تم تسجيله كان في الربع الرابع من عام 2010، بقيمة 12,367 مليون ريال، وهو ما يعكس التحديات التي كان يواجهها القطاع في تلك الفترة، مثل محدودية الموارد المائية والبنية التحتية الزراعية، هذا التطور الإيجابي بين الفترتين يشير إلى نجاح السياسات الحكومية في تعزيز الإنتاجية وتحقيق نمو مستدام في القطاع الزراعي.
جهود الدولة في التنمية الزراعية
تم إصدار تطبيق صندوق التنمية الزراعية، وهو منصة إلكترونية حكومية في المملكة العربية السعودية، متوفرة على متاجر التطبيقات الخاصة بشركتي جوجل وأبل، تم إطلاقه في عام 1440هـ/2019م، ويهدف إلى تسهيل الوصول إلى مجموعة من الخدمات الإلكترونية المتعلقة بالصندوق.
ويشمل التطبيق خدمات مثل التقدم بطلبات للحصول على قروض تمويلية للمشروعات الزراعية، بالإضافة إلى خدمة إخلاء الطرف وبيان التعامل، سواء كان موجهًا إلى وزارة العدل أو الجهات الحكومية الأخرى. كما يوفر التطبيق خدمة التحقق من صحة إخلاء الطرف وبيان التعامل، فضلاً عن إمكانية حجز المواعيد للقاء مسؤولي الصندوق في المركز الرئيسي أو الفروع.
يتضمن التطبيق أيضًا خدمة "مراجع عن بعد"، التي تتيح للمواطنين والعملاء متابعة معاملاتهم والتواصل مع المختصين عبر الإنترنت، إلى جانب خدمة التواصل مع مكتب المدير العام لإرسال المعاريض إلكترونيًا.
كما توجد خدمة "اتصل بنا" التي تتيح للمستخدمين تقديم الاستفسارات والشكاوى والاقتراحات بشكل مباشر.
وأولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بقطاع الزراعة من خلال تنفيذ مجموعة من المبادرات المهمة:
- الاستثمار في تقنيات الري الحديثة: مثل الري بالتنقيط لتحسين استخدام المياه وزيادة كفاءتها.
- تنفيذ برامج الدعم الزراعي: التي تهدف إلى مساعدة المزارعين وتشجيعهم على تبني التقنيات الحديثة في الزراعة.
- تطوير البنية التحتية الزراعية: عبر إنشاء مراكز بحثية زراعية وتوفير الدعم الفني للمزارعين.
- تعزيز الأمن الغذائي: من خلال دعم المشاريع الزراعية المحلية وزيادة الإنتاج المحلي لضمان الاكتفاء الذاتي.
تقنيات الزراعة: مستقبل الزراعة السعودية
في تاريخ الزراعة في السعودية، فقد شهد القطاع الزراعي تطورًا ملحوظًا، حيث تم تنفيذ استراتيجيات زراعية تعتمد على الاستصلاح وتطوير الأراضي، إلى جانب تحسين ممارسات الزراعة بما يتماشى مع رؤية المملكة المستقبلية.
التنمية الزراعية المستدامة
تتجه المملكة نحو تطبيق تقنيات حديثة لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة مثل الزراعة في الصوبات الزراعية وممارسات الري بالتنقيط المتطورة، وقد ساهمت هذه الممارسات في زيادة الإنتاجية الزراعية، حيث بلغت المساحة المحصودة من الفاكهة 589.3 ألف فدان في عام 2020، مقارنة ب 499.8 ألف فدان في عام 2019. تُمثل التمور والطماطم الحصة الأكبر من المحاصيل الزراعية، يليها الحمضيات، البطيخ، العنب، والملفوف.
يعود النمو في سوق الفاكهة بالمملكة إلى ارتفاع دخل السعوديين واعتمادهم على أنماط غذائية صحية تتضمن الفاكهة كعنصر رئيسي، وعلى الرغم من الاتجاه المتزايد نحو استهلاك الفاكهة المصنعة، لا تزال الفاكهة الطازجة تهيمن على سوق الفاكهة المحلية، وتشمل القطاعات الفرعية ذات الإيرادات الأعلى: صناعة تعليب الفاكهة، التي تمثل نصف الأرباح المحلية، يليه قطاع عصائر الفاكهة الذي يستحوذ على ثلث الإيرادات.
الزراعة العمودية
في إطار مواجهة تحديات التصحر وتحقيق الاستدامة، بدأت المملكة بتنفيذ مشاريع الزراعة العمودية، والتي تشمل إنشاء شبكة من المزارع العمودية في مناطق مختلفة من المملكة، بدءًا من العاصمة الرياض، حيث خصصت السعودية مئة مليون ريال (26.6 مليون دولار) لتجربة الزراعة العمودية، في خطوة تهدف إلى تبني هذه الزراعة من أجل الحفاظ على المياه وتطوير النمط الزراعي تجاه تعزيز الأمن الغذائي في البلاد، وتم تشغيل هذه المزارع خلال الربع الرابع من عام 2023، كما قامت شركة "مزارع النعيم" بإنشاء مزارع عمودية في جدة ضمن جهودها الرائدة في هذا المجال.
الزراعة المائية
الزراعة المائية، أو الهيدروبونيك، هي نظام زراعي مبتكر لا يعتمد على التربة، بل على محلول مغذي يمر أسفل النباتات لإمدادها بالعناصر الغذائية اللازمة، تعتبر هذه التقنية حلاً مثاليًا للتغلب على مشاكل تدهور الأراضي الزراعية وندرة المياه، مما يجعلها قابلة للتطبيق في الأماكن الحضرية مثل أسطح المنازل والمباني الحكومية المهملة. من أبرز فوائد الزراعة المائية أنها تتيح زيادة كبيرة في الإنتاجية مقارنة بالزراعة التقليدية، حيث يمكن الحصول على محاصيل بوفرة أكبر وفي وقت أقصر، ما يساهم في تقليل التكاليف وتحقيق أرباح أعلى، كما تساهم في تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 90%، وتحسن استهلاك الأسمدة بشكل فعال، مما يعزز استدامتها البيئية.
تتميز الزراعة المائية أيضًا بتوفير بيئة مثالية لنمو النباتات من خلال التحكم الكامل في الظروف البيئية داخل البيوت الزجاجية المكيفة، ما يسمح بإنتاج محاصيل في أي وقت من السنة، كما تسهم في تقليل استخدام المبيدات الحشرية، ما يعزز صحة المستهلكين ويحافظ على البيئة.
إضافة إلى ذلك، توفر الزراعة المائية فرصًا كبيرة لتقليل الحاجة إلى العمالة الكثيفة، حيث يتم الاعتماد بشكل رئيسي على الأجهزة والتقنيات الحديثة، مما يساهم في تقليل التكاليف وتجنب المشاكل المرتبطة بالعمالة غير المدربة.
السياحة الزراعية في السعودية
تعد السياحة الزراعية في منطقة القصيم من العناصر الرئيسية للاقتصاد الزراعي، حيث تضم المنطقة 21 مشروعًا للسياحة الزراعية والريفية، بالإضافة إلى 4 مزارع مرخصة تحتوي على نزل ريفية، وتشهد القصيم أكثر من 13 فعالية سنويًا ترتبط بالمنتجات الزراعية، مثل مهرجانات التمور في بريدة وعنيزة، ومهرجانات العنب والفراولة والرمان واليقطين.
كما أصبحت العديد من مزارع القصيم وجهات سياحية مميزة للزوار المهتمين بالسياحة الريفية، خاصة في فصل الصيف، مثل مزارع الصباخ القديمة المحاطة بالبساتين، وفلايح عنيزة، وبساتين المذنب، ومزارع البدائع والخبراء والشماسية والطرفية.
أما في منطقة مكة المكرمة، فإن العديد من المزارعين في محافظات جدة، خليص، الليث، القنفذة والطائف قد استثمروا مزارعهم في مشاريع سياحية زراعية، مع التركيز على زراعة الورد والفواكه والعسل.
وتم تجهيز هذه المزارع بعدد كبير من البيوت المحمية وحقول زراعية مفتوحة، تحتوي على أصناف متنوعة من المحاصيل التي تتوفر على مدار العام، مما يعزز من جاذبية المنطقة للسياح والزوار المهتمين بالتجارب الزراعية.
ختامًا، تعكس الإنجازات التي حققتها المملكة في القطاع الزراعي حرصها على تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، بما ينسجم مع تطلعات رؤية 2030.
ومن خلال اعتماد تقنيات متطورة وزيادة الإنتاجية، تواصل المملكة تعزيز مكانتها كواحدة من أبرز القوى الزراعية في المنطقة والعالم.
Short Url
رقم قياسي، شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لحفل تنصيب ترامب
31 يناير 2025 09:40 م
قفزة جديدة في السعر العالمي لأوقية الذهب وتسجل 2855 دولارا
31 يناير 2025 06:30 م
تفاصيل خطة ترامب لفرض الرسوم الجمركية على النفط الكندي والمكسيكي
31 يناير 2025 03:09 م
أكثر الكلمات انتشاراً