رؤية 2025.. صندوق النقد: النمو العالمي يشهد تذبذبات ويواجه تحديات

الأحد، 19 يناير 2025 03:42 م

صندوق النقد الدولي

كريم قنديل

في تقريره الأخير لشهر يناير 2025 حول "مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي"، أشار صندوق النقد الدولي إلى واقع اقتصادي، يتسم بالنمو المتفاوت وغير المؤكد، حيث تواجه الاقتصادات العالمية، تحديات معقدة، تتراوح بين تباطؤ النمو الاقتصادي، التضخم، التقلبات السياسية، وسوق عمل متقلب، بينما يعكس التقرير، رؤية شاملة لهذه القضايا، فإنه يقدم أيضًا توصيات دقيقة لدعم الاستقرار، ويدفع عجلة الاقتصاد نحو مستقبل أكثر استدامة.

آداء النمو العالمي

أظهرت توقعات التقرير، أن النمو العالمي، سيبلغ 3,3% في عام 2025، وهو أقل من المتوسط التاريخي البالغ حوالي 3,7% للفترة بين عامي 2000 و 2019، ورغم هذا الأداء المتواضع، تُظهر بعض الاقتصادات الكبرى، تفوقًا نسبيًا مقارنة بغيرها، فعلى سبيل المثال، تُبرز الولايات المتحدة، زخمًا اقتصاديًا قويًا مدعومًا بالاستهلاك المتزايد وسياسات نقدية أقل تقييدًا.

ومن المتوقع، أن يظل النمو العالمي مستقرًا وإن كان ضعيفًا، وتشير التنبؤات الخاصة بالنمو، إلى بلوغه 3,3% في عامي 2025 و 2026، أي أقل من المتوسط التاريخي (الفترة من 2000 إلى 2019)، وهو 3,7% ودون تغيير يُذكر، ومع ذلك، فإن منطقة اليورو تواجه تحديات كبيرة، حيث يُتوقع ارتفاع النمو، لكن بوتيرة أكثر تدرجًا مما كان متوقعًا في أكتوبر بانخفاض 0,2 نقطة مئوية، ليبلغ 1,0% لعام 2025، بسبب استمرار ضعف قطاع الصناعة التحويلية، وتباطؤ الاستثمارات، وفي عام 2026، يُتوقع ارتفاع النمو إلى 1,4%، تدعمه زيادة قوة الطلب المحلي.

التضخم والسياسات النقدية

يُعتبر التضخم، إحدى القضايا الحرجة التي تواجه الاقتصادات العالمية في الوقت الحالي، على الرغم من توقع انخفاض معدل التضخم العالمي تدريجيًا، إلى 4,2% بحلول عام 2025، وإلى 3,5% في عام 2026، في العديد من الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، إلا أن جيوب التضخم المرتفع، ما زالت قائمة في بعض الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، خاصة في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية.

وتتحرك البنوك المركزية بحذر شديد، لتجنب تأثيرات التضخم المستمرة، ما أدى إلى سياسات نقدية متباينة عالميًا. ففي الولايات المتحدة، يُتوقع أن تستمر الفجوة بين أسعار الفائدة، مقارنةً بالاقتصادات الأخرى في الاتساع، ما يعزز قوة الدولار، ويضغط على اقتصادات الأسواق الصاعدة، والتي تعتمد على رأس المال الخارجي.

التحديات الإقليمية

1. منطقة اليورو: تتسم التوقعات الاقتصادية في هذه المنطقة بالضعف، حيث أدت السياسات الجغرافية السياسية المتوترة، وزيادة عدم اليقين التجاري، إلى تدهور ثقة المستثمرين والمستهلكين، كما أن ألمانيا، باعتبارها القوة الاقتصادية الأبرز في المنطقة، تواجه تراجعًا في قطاع الصناعة التحويلية.

2. الاقتصادات الأسيوية: في الصين، ساهم استقرار سوق العقارات ونمو الصادرات، في تخفيف أثر التباطؤ الاقتصادي، بينما تأثرت الهند، بتباطؤ حاد في النشاط الصناعي. ومع ذلك، تبقى التوقعات إيجابية نسبيًا مع نمو متوقع بنسبة 6,5% لعام 2025.

3. الاقتصادات النامية: تواجه العديد من الدول النامية، تحديات مزدوجة، تتمثل في ارتفاع الديون وضعف البنية التحتية، مما يحد من قدرتها على تحقيق النمو المستدام.

التحديات العالمية

يُظهر التقرير أن التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي تتسم بالتعقيد، حيث تشمل:-

عدم اليقين بشأن السياسات: أدى ارتفاع معدلات عدم اليقين بشأن السياسات التجارية والمالية إلى تقويض الثقة في الأسواق.
التوترات الجغرافية السياسية: تسهم النزاعات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوكرانيا في تعطيل مسارات التجارة وزيادة أسعار الطاقة.
التفاوتات الاقتصادية بين الدول: أدى التباين في استجابة الاقتصادات المختلفة، للأزمات الاقتصادية إلى تعزيز الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة.

التوصيات والإصلاحات

يشدد التقرير على أهمية اتخاذ سياسات موجهة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو. تشمل هذه السياسات:

1. استقرار السياسات النقدية: يجب على البنوك المركزية الحفاظ على توازن دقيق بين استهداف التضخم ودعم النشاط الاقتصادي.
2. الإصلاحات الهيكلية: يدعو التقرير إلى تعزيز أسواق العمل، بدعم الابتكار، وتحفيز الاستثمار في البنية التحتية.
3. التعاون متعدد الأطراف: يؤكد التقرير على أهمية التعاون الدولي، لتخفيف التوترات التجارية والجيوسياسية وتعزيز الشفافية في الأسواق.

ختامًا، يعكس تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2025 التحديات الكبرى التي يواجهها الاقتصاد العالمي، لكنه يقدم أيضًا، رؤية شاملة للتعامل مع هذه التحديات، بما يتطلبه الأمر من التزامٍ مشتركٍ من الحكومات والمؤسسات الدولية، لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام وتحفيز النمو في عالم يزداد تعقيدًا.

Short Url

أخبار متعلقة