بث تجريبي

الأحد، 19 يناير 2025

09:51 م

أسسها

حازم الجندي

رئيس مجلس الإدارة

أكرم القصاص

إشراف عام

علا الشافعي

دراسة لـ "إيجي إن": الرعاية الصحية.. تقنيات حديثة تُعيد تشكيل المستقبل الطبي

الأربعاء، 15 يناير 2025 02:19 م

تكنولوجيا الرعاية الصحية

تكنولوجيا الرعاية الصحية

كريم قنديل

لطالما كانت الرعاية الصحية حجر الزاوية في ازدهار المجتمعات ورفاهية الأفراد. من أبسط الإسعافات الأولية إلى أعقد الجراحات، تُشكّل الخدمات الصحية سياجًا منيعًا يحمينا من وطأة المرض ويُعيد إلينا الأمل في الشفاء. لكن عالم اليوم يشهد تحولاتٍ متسارعة تُلقي بظلالها على هذا القطاع الحيوي، وتدعونا إلى إعادة التفكير في كيفية تقديم الرعاية الصحية وتطويرها.

التكنولوجيا الطبية

تعمل التشخيصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين دقة التقييمات الطبية، وتُزيل منصات الرعاية الصحية عن بُعد الحواجز الجغرافية أمام تلقي الرعاية، حيث توفر تقنيات المراقبة عن بُعد بيانات في الوقت الفعلي لإدارة الأمراض المزمنة وتحسين جودة الرعاية الصحية. يقدم الطب الشخصي نتائج علاجية أفضل من خلال تصميم العلاجات وفقًا للتركيب الجيني للأفراد، حيث تتيح الأجهزة الصحية القابلة للارتداء تتبعًا مستمرًا ورعاية استباقية، بينما تُحدث الروبوتات والأتمتة نقلة نوعية في الممارسات الجراحية. وأخيرًا، تعزز الحلول المعتمدة على التعلم الآلي التحليلات التنبؤية لضمان التدخلات في الوقت المناسب وتحسين الوقاية. 

هدف الدراسة

تسعى الدراسة إلى استكشاف أبرز الابتكارات التي تعيد تشكيل مستقبل الرعاية الصحية، وتسليط الضوء على دورها في تحسين جودة الحياة وتعزيز كفاءة الخدمات الطبية عالميًا.

أهم 10 اتجاهات وابتكارات في مجال الرعاية الصحية

طبقًا لبيانات StartUs Insights، تُظهر البيانات المقدمة تصنيفًا متنوعًا للاتجاهات الابتكارية في مجال الرعاية الصحية وفقًا لنسبة تأثيرها. يتصدر كل من الرعاية الصحية عن بُعد ومراقبة المريض عن بُعد القائمة بنسبة تأثير تبلغ 14% لكل منهما، مما يعكس التحول نحو تعزيز الوصول إلى الخدمات الصحية وتقديم الرعاية بشكل أكثر كفاءة. يبرز هذا الاتجاه بشكل خاص في ظل الأزمات الصحية العالمية مثل جائحة كوفيد-19، حيث أصبح الاعتماد على التقنيات الرقمية ضرورة لتوفير الرعاية المستمرة وتقليل العبء على المرافق الصحية التقليدية.

تأتي الصحة النفسية والسجلات الصحية الرقمية في المرتبة الثانية بنسبة 11% لكل منهما، مما يشير إلى زيادة الاهتمام بتحسين جودة الخدمات النفسية وتبني أنظمة رقمية متقدمة لإدارة المعلومات الصحية. يعكس ذلك وعيًا متزايدًا بأهمية تعزيز الصحة النفسية كجزء من الرعاية الشاملة، بالإضافة إلى السعي لتحسين الكفاءة والشفافية في إدارة البيانات الصحية. كما تُظهر الرعاية الصحية المنزلية نسبة تأثير تبلغ 10%، مما يُبرز دورها المتزايد في دعم المرضى داخل منازلهم وتقليل تكاليف الرعاية.

أما بالنسبة للذكاء الاصطناعي والرعاية الوقائية والتوأم الرقمي، فقد سجل كل منها نسبة تأثير تبلغ 9%، مما يوضح تنامي الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة لتحليل البيانات الطبية وتقديم حلول مخصصة. تأتي مجالات العلاج المُخدر بنسبة 7% وتتبع الصحة بنسبة 6% لتشير إلى اهتمام متزايد بتطوير أساليب جديدة لعلاج الأمراض المزمنة ودعم المرضى في مراقبة حالتهم الصحية بشكل استباقي. تعكس هذه الاتجاهات مجتمعة تحولاً جذريًا في نهج الرعاية الصحية، مع التركيز على تحسين الجودة والوقاية والاستفادة من التقنيات الحديثة لتحقيق رعاية شاملة ومتكاملة.

الرعاية الصحية عن بُعد

تُحسّن خدمات الرعاية الصحية عن بُعد الوصول إلى الرعاية الصحية في المناطق الريفية باستخدام الأجهزة القابلة للارتداء وأجهزة الاستشعار المنزلية لتوفير مراقبة مستمرة والتدخل المبكر في الحالات المزمنة، كما تتيح خدمات العناية المركزة عن بُعد للأخصائيين مراقبة مرضى العناية المركزة وتقديم الرعاية من أي مكان، كما تُسهم الاستشارات الافتراضية في تخفيف الأعباء على الأطباء من خلال تمكينهم من تقديم النصائح والعلاج عن بُعد. بالإضافة إلى ذلك، توفر التطبيقات الصحية المحمولة وصولًا سهلاً للمرضى إلى المعلومات الطبية، والمواعيد، والتذكيرات الدوائية. تُساعد هذه الحلول في تحسين جودة الرعاية وإشراك المرضى من خلال معالجة تحديات الرعاية الصحية مبكرًا.

مراقبة المريض عن بُعد

المراقبة عن بُعد للمرضى (RPM) تقلل من تحديات إدارة المرضى المتفرقة ومشاكل دقة البيانات من خلال جمع البيانات وتحليلها في الوقت الفعلي، حيث تعمل أجهزة مراقبة نسبة السكر المستمرة (CGMs) على قياس مستويات السكر في الدم في الوقت الفعلي لتعديل علاجات الإنسولين على الفور وتحسين إدارة مرض السكري. بالإضافة إلى ذلك، تقوم أجهزة ECG القابلة للارتداء بجمع البيانات القلبية للكشف المبكر عن اضطرابات النظم القلبي والتدخل في الوقت المناسب. أما أجهزة الاستنشاق المتصلة، فتعمل على تتبع استخدام الأدوية وأعراض الجهاز التنفسي لتحسين إدارة مرض الربو، ولذلك تعد تقنية RPM جسرًا فعالًا بين الرعاية الشخصية والرعاية عن بُعد، مما يعزز الكفاءة والفعالية.

تطبيقات الرعاية الصحية

الصحة النفسية

تواجه تقنيات الصحة النفسية تحديات الوصول المحدود إلى المعالجين وفترات الانتظار الطويلة من خلال تقديم خدمات علاجية واستشارية ميسورة التكلفة، حيث تعمل منصات الصحة النفسية المختلفة على معالجة نقص المتخصصين وتوسيع نطاق الوصول للمرضى، حيث تراقب أجهزة الصحة النفسية مستويات التوتر والمزاج في الوقت الفعلي، كما تُعيد العلاجات باستخدام المواد المخدرة، والرعاية المستندة إلى الصدمات (TIC)، واختبارات الدم لتشخيص الأمراض النفسية تعريف مفهوم الرعاية. بالإضافة إلى ذلك، تُقدم تقنيات الواقع الافتراضي والتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) علاجات غير جراحية لاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والاكتئاب. تُحسّن هذه الحلول من تفاعل المرضى واستمرارية الرعاية وإمكانية الوصول إليها.

السجل الصحي الرقمي

تعمل سجلات الصحة الرقمية (DHR) على تحسين إدارة بيانات المرضى وسير العمل السريري، حيث يعزز التخزين السحابي، والذكاء الاصطناعي (AI) لتحليلات التنبؤ، وتقنية البلوك تشين لأمان البيانات، وأطر العمل الخاصة بالتشغيل البيني من فعالية هذا الاتجاه حيث يوفر التخزين السحابي وصولًا آمنًا وقابلًا للتوسع للبيانات لتلقي التحديثات في الوقت الفعلي، كما تساعد تحليلات الذكاء الاصطناعي التنبؤية في تحديد المخاطر الصحية للمرضى واقتراح خطط علاجية مخصصة. تتيح أطر التشغيل البيني تبادل البيانات بسرعة بين أنظمة الرعاية الصحية المتنوعة، مما يعالج مشكلة تجزئة معلومات المرضى، كما تسهم هذه التقنيات في تقليل التكرار وتحفز مقدمي الرعاية الصحية على تقديم رعاية أكثر تنسيقًا.

السجلات الصحية الرقمية

الرعاية الصحية المنزلية

تستخدم تقنيات الرعاية الصحية المنزلية أدوات تشخيص مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المرضى بسرعة والكشف المبكر عن المشكلات الصحية. تضمن موزعات الأدوية الذكية الالتزام بالوصفات الطبية وتنبه المرضى ومقدمي الرعاية عند تخطي الجرعات. تقلل خدمات الكشف عن بُعد من الضغط على المرافق الصحية من خلال الاستشارات الافتراضية، وذلك من خلال مراقبة أجهزة الصحة القابلة للارتداء العلامات الحيوية ومستويات النشاط في الوقت الفعلي لتقديم رؤى فورية حول حالة المريض، كما تساعد أنظمة الرعاية المدعومة بالروبوت المرضى الذين يواجهون تحديات في الحركة وتوفر الدعم داخل المنازل، حيث تعمل هذه التقنيات على تحسين تقديم الرعاية الصحية وتحسين استخدام موارد الرعاية الطبية.

الرعاية الصحية المنزلية

الرعاية الوقائية

تُعالج الرعاية الوقائية تفشي الأمراض المعدية والحالات المرهقة، كما تُحسّن إدارة الأمراض المزمنة. تُساهم برامج التطعيم والفحوصات الصحية في الوقاية من الأمراض والكشف المبكر عنها، كما يُعزز الإرشاد الحياتي تبني عادات صحية، بينما تُقدم تقنيات تسلسل الجينات رؤى مفصلة حول التكوين الجيني للفرد. تُراقب أجهزة الاستشعار الصحية الذكية بشكل مستمر مؤشرات الصحة وتوفر بيانات قابلة للتنفيذ للتدخل المبكر والإدارة الصحية المستمرة، كما تلعب الأجهزة القابلة للارتداء دورًا حيويًا في الرعاية الوقائية من خلال التتبع الفوري. علاوة على ذلك، تُدير الرعاية الوقائية الموارد بكفاءة أكبر وتقلل من الحاجة إلى خدمات الطوارئ والرعاية المتخصصة.

تتبع الصحة

تقنيات تتبع الصحة تُعزز الرعاية الصحية من خلال المراقبة في الوقت الفعلي وتوفير بيانات دقيقة، حيث تُقدم أجهزة مثل مراقبي الجلوكوز المستمر وجهاز تخطيط القلب القابل للارتداء رؤى تسهم في التدخلات السريعة. تُراقب الضمادات الذكية حالة الجروح وخطر العدوى، بينما تؤمن أجهزة المصادقة البيومترية البيانات الصحية الشخصية باستخدام بصمة الإصبع أو مسح قزحية العين. بالإضافة إلى ذلك، توفر الأجهزة المزودة بميزة اكتشاف السقوط لكبار السن وتحليل أنماط النوم تحسينات شاملة في إدارة الصحة. تُسهم هذه التقنيات في تحسين النتائج الصحية للمرضى وتحسين عمليات العلاج.

الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية 

تطبيق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية يساهم في معالجة التحيزات المتعلقة بإدارة الموارد، والتنبؤ بالأمراض، ودقة التشخيص، كما توفر تقنيات التصوير التشخيصية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي القدرة على الكشف السريع عن الأورام والكسور، مما يدعم التحليلات التنبؤية وخطط العلاج الشخصية، حيث تسهم روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تقديم دعم صحي افتراضي، بينما تسرّع خوارزميات الذكاء الاصطناعي عمليات اكتشاف الأدوية عبر تحليل مجموعات بيانات ضخمة، كما يمكنها التنبؤ بحالات دخول المرضى للمستشفيات وتفشي الأمراض، مما يساعد على إدارة نقص القوى العاملة وتحسين تقديم الرعاية الصحية. تعمل هذه الحلول على تقليل التكاليف، تحسين نتائج المرضى، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الصحية.

روبوت يساعد مريض

من يدفع تكاليف الرعاية الصحية؟ 

من الأساسي حماية الأشخاص من الضوائق المالية الناجمة عن التكاليف الصحية المدفوعة من الجيوب الخاصة بهدف توفير الصحة للجميع. ومع ذلك، يبين تقرير منظمة الصحة العالمية أن الإنفاق من المال الخاص بقي المصدر الرئيسي لتمويل الصحة في 30 بلدًا من البلدان ذات الدخل المنخفض وبلدان الشريحة الدُنيا من الدخل المتوسط. وفي 20 بلدًا من هذه البلدان كان أكثر من نصف مجموع الإنفاق على الصحة في البلد يدفعه المرضى من جيوبهم الخاصة، مما يساهم في دوامة الفقر والضعف. 

إن التحديات المطروحة نتيجة الافتقار إلى الحماية المالية في مجال الصحة لا تقتصر على بلدان الشريحة الدُنيا من الدخل المتوسط، حتى في البلدان مرتقعة الدخل تؤدي المدفوعات من الجيوب الخاصة إلى مواجهة ضوائق مالية وعدم تلبية الاحتياجات، وخصوصًا لدى أفقر الأسر، وتُظهر أحدث البيانات عن الحسابات الصحية أن ما يزيد على 20% من مجموع الإنفاق على الصحة كان مدفوعًا من الجيوب الخاصة في أكثر من ثلث البلدان المرتفعة الدخل.

صافي التدفقات الرسمية من الوكالات التابعة للأمم المتحدة، منظمة الصحة العالمية (بالأسعار الجارية للدولار الأمريكي)

طبقًا لبيانات البنك الدولي، بين عامي 2019 و2020، شهدت التدفقات المالية الرسمية من الوكالات التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية انخفاضًا ملحوظًا من 546,575 مليون دولار إلى 273,014 مليون دولار، مما يعكس تراجعًا كبيرًا بلغ حوالي 50%. هذا التراجع يمكن تفسيره بتداعيات جائحة كوفيد-19 التي أثرت بشكل غير مسبوق على الاقتصادات العالمية وأثقلت كاهل الحكومات والمنظمات الدولية. في ظل هذه الأزمة الصحية والاقتصادية، كان من المتوقع أن تشهد العديد من البرامج الدولية تقليصًا في الميزانيات، ما أدى إلى انخفاض التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية والصحية.

على الرغم من هذا الانخفاض في عام 2020، شهد عام 2021 انتعاشًا كبيرًا في التدفقات المالية، حيث ارتفعت إلى 608,591 مليون دولار، بزيادة بلغت 335,577 مليون دولار مقارنة بالعام السابق. هذه الزيادة الكبيرة تعكس استجابة الدول والمنظمات الدولية لأزمة كوفيد-19 من خلال زيادة التمويل المخصص للقطاع الصحي والإنساني لمكافحة الجائحة. إلا أن عام 2022 شهد تراجعًا آخر في التدفقات المالية إلى 192,637 مليون دولار، بانخفاض قدره 415,954 مليون دولار عن 2021. هذا الانخفاض قد يشير إلى تراجع الحاجة إلى التمويل الطارئ مع تحسن الوضع الصحي العالمي، مما أدى إلى تقليص الدعم المالي الموجه للوكالات التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في هذه المرحلة.

ختامًا، تكشف هذه الاتجاهات عن ثورة رقمية وصحية متسارعة تغيّر ملامح الرعاية الطبية التقليدية، لتضعنا أمام مستقبل أكثر ذكاءًا وشمولية في تقديم الرعاية الصحية. تلك التوجهات التكنولوجية التي تمت مناقشتها في هذا التقرير تمثل مجرد لمحة عن الحلول الثورية التي تُحدث تحولًا في قطاع الرعاية الصحية.

Short Url

showcase
showcase
search