بث تجريبي

الأحد، 19 يناير 2025

10:53 م

أسسها

حازم الجندي

رئيس مجلس الإدارة

أكرم القصاص

إشراف عام

علا الشافعي

دراسة لـ "إيجي إن": ضربة للصادرات.. رسوم ترامب اختبار الـ 180 درجة لمرونة الاقتصاد الصيني

الأربعاء، 15 يناير 2025 04:53 م

دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ

دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ

كريم قنديل

تبدو التوترات الاقتصادية بين واشنطن وبكين على أعتاب مرحلة جديدة قد تؤثر بعمق علي نمو الاقتصاد الصيني، وخاصةً مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الشهر المقبل، وفي ظل تهديداته بزيادة الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية.

بينما تتجه الأنظار إلى أداء الصادرات الصينية، والتي تشكل محركًا رئيسيًا للنمو، يتصاعد القلق بشأن تأثير هذه السياسات المرتقبة علي مسار الاقتصاد العالمي.

بالرغم من إسهام الصادرات الصينية في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال 2024 وسط تباطؤ سوق العقارات، فإن التوقعات لعام 2025 تشير إلى تباطؤ محتمل في وتيرة النمو، هذا التباطؤ قد يدفع بكين إلى البحث عن أدوات جديدة لدعم الاقتصاد، بينما تواجه تحديًا معقدًا بين تحقيق الاستقرار الداخلي والرد على السياسات الحمائية الأميركية.

الصادرات الصينية

الأهداف

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل تأثير التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وخاصةً في ظل تهديدات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية، على نمو الاقتصاد الصيني، كما تهدف إلى استعراض الاستراتيجيات التي تبنتها الصين لمواجهة هذه السياسات الحمائية، بما في ذلك تنويع صادراتها وتعزيز العلاقات مع الأسواق البديلة، إضافة إلى ذلك، تسعى الدراسة لفحص دور الاقتصاد الصيني في التجارة الدولية وكيفية تأثيره على الاقتصاد العالمي من خلال سياسات الاستثمار والتجارة المتبعة، وأخيرًا، تقدم الدراسة توقعات اقتصادية بشأن تأثير التوترات التجارية على الصين في السنوات المقبلة.

الاقتصاد الصيني وتأثيره في التجارة الدولية

إن سياسة الصين الاقتصادية وما تمتلكه من قدرات هائلة تعمل على وفق استراتيجية توسعية ولاسيما في استثمار المشاريع الخارجية، فقد شهدت السنوات الماضية تطورًا كبيرًا في مقومات القوة الشاملة، وخاصةً في المجال الاقتصادي.

تبنّت الصين مع بداية تحولها الاقتصادي في مطلع القرن الحادي والعشرين نموذجًا يعتمد على تحقيق النمو الاقتصادي من خلال الفوائض التجارية الخارجية، وقد أدى هذا النموذج إلى صياغة سياسات نقدية حمائية منظمة وأكثر تركيزًا مقارنة بتلك التي تبنّتها اليابان في السابق، وباعتبار الصين دولة شاسعة المساحة وتعمل بنظام شمولي لتنظيم المجتمع، إلى جانب نجاح تجربتها الاقتصادية على مدار السنوات، أصبحت نموذجًا تنمويًا فعّالًا يخدم مصالح العديد من الدول، لذلك، استثمرت الصين إمكانياتها بما يتماشى مع أهدافها المستقبلية.

خاضت الصين مسيرة مفاوضات طويلة ومعقدة منذ عام 1986، عندما قدّمت طلب انضمام إلى منظمة "الجات" (GATT) آنذاك، وصولًا إلى انضمامها الرسمي إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، ومنذ ذلك الحين، استفادت الصين بشكل كبير من العولمة، حيث اندمجت في الاقتصاد العالمي بشكل أعمق وأصبحت قوة اقتصادية لا غنى عنها في دعم تنمية الاقتصاد العالمي، وتتميّز العلاقة بين الصين والعالم خلال هذه الفترة بمنفعة متبادلة وتعاون مشترك، مما عزّز من دور الصين كداعم رئيسي لنظام التجارة متعددة الأطراف.

اعتمدت الصين استراتيجية اقتصادية منتظمة لتطوير نفسها والحفاظ على مكانتها، فقد وسّعت انفتاحها على العالم الخارجي من خلال الالتزام بقواعد ومعايير التجارة الدولية، كما أنشأت العديد من المناطق الحرة التجارية كجزء من هذا الانفتاح، وفي عام 2017، أشار الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، خلال المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، إلى أهمية منح المزيد من الصلاحيات لمناطق التجارة الحرة لإجراء الإصلاحات واستكشاف إنشاء موانئ تجارة حرة جديدة، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز التجارة الخارجية للصين.

وفي سياستها الخارجية، ركّزت الصين على بناء علاقات اقتصادية قوية تعتمد على التعاون المتبادل بما يعكس رؤيتها في تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية.

التوجه نحو الصدارة العالمية

رغم المحاولات الأمريكية المتكررة لعرقلة الاقتصاد الصيني، وخاصة في مجال التجارة من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة على المنتجات الصينية، إلا أن الصين أظهرت مقاومة ملحوظة لهذه الضغوط. في عام 2019، ارتفعت الصادرات الصينية بالدولار الأمريكي بنسبة 3.3% مقارنة بالعام السابق، بينما انخفضت الواردات بنسبة 5.6% خلال الفترة نفسها، مما أدى إلى فائض تجاري إجمالي بلغ 45.06 مليار دولار.

الصادرات الصينية تتجه نحو الصدارة العالمية

تتجه الصين بقوة نحو الصدارة العالمية، مع عدد سكان يقترب من 1.4 مليار نسمة، حيث يعتمد الاقتصاد الصيني على نموذج تصديري يركز على إنتاج سلع صناعية منخفضة التكلفة وكثيفة العمالة، هذا النهج جعل النمو الاقتصادي في الصين يتفوق على بقية دول العالم، حيث أصبح اقتصادها قريبًا من حجم اقتصاد أوروبا بأكملها.

وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2030، ومع الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين على مدى السنوات الماضية، ستصبح الصين في صدارة الاقتصاد العالمي، متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تحتل هذه المرتبة سابقًا، وهذا يعكس النضج الكبير الذي وصل إليه الاقتصاد الصيني، ليس فقط من خلال الاستثمار المباشر، ولكن أيضًا عبر استراتيجيات تصديرية فعالة تدعم مكانته كقوة اقتصادية عظمى.

مقومات وقدرات الاقتصاد الصيني

شكلت التجربة الاقتصادية الصينية نموذجًا مميزًا أثار دهشة العديد من الدول حول العالم، نظرًا للتحولات الكبيرة التي طرأت على الاقتصاد الصيني. هذه التحولات أدت إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وزيادة دخل الفرد بشكل ملحوظ، إضافة إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي متسارعة ومستمرة. فعلى سبيل المثال، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2017 حوالي 12.24 تريليون دولار، مقارنة بعام 2000 حيث لم يتجاوز 1.211 تريليون دولار، بينما وصل في عام 2010 إلى 6.101 تريليون دولار. هذا التطور يظهر القفزات الهائلة التي شهدها الاقتصاد الصيني خلال تلك الفترة، حيث تضاعف الناتج المحلي منذ عام 2010.

إن التفوق الاقتصادي الصيني جعله يتصدر المشهد العالمي، متجاوزًا الولايات المتحدة الأمريكية من حيث الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية، ففي عام 2014، بلغت حصة الصين من الناتج المحلي الإجمالي العالمي 16.48%، مقارنة بـ 16.28% للولايات المتحدة، حيث وصل الناتج الاقتصادي للصين إلى 17.06 تريليون دولار مقابل 17.4 تريليون دولار للولايات المتحدة، ووفقًا لإحصائيات البنك الدولي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين (بما يعادل القوة الشرائية) في عام 2016 حوالي 21.417 تريليون دولار، مقارنة بـ 19.71 تريليون دولار للولايات المتحدة، وفي عام 2017 ارتفع نصيب الصين إلى 23.3 تريليون دولار مقابل 19.39 تريليون دولار للولايات المتحدة، وتشير التوقعات إلى استمرار زيادة نصيب الصين من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة.

يمكن نسب هذا التقدم الاقتصادي للصين إلى التخطيط الاستراتيجي والإنجازات الاقتصادية الداخلية المستمرة، فقد ساهمت معدلات الادخار المرتفعة، والاستثمار المكثف، والفائض التجاري، والتوسع في التجارة الخارجية في تعزيز محركات النمو الاقتصادي، كما أن الصين تُعد واحدة من أعلى الدول في العالم من حيث معدلات الادخار والاستثمار، مما يعكس وجود إرادة شعبية وحكومية تسعى لتحقيق طفرات مستقبلية مذهلة. هذا النهج الاستراتيجي يمنح الصين مكانة متزايدة الأهمية في النظام الدولي، ويبرز قدراتها الذاتية في قيادة مسيرة النمو والتقدم.

تطور الصادرات الصينية من 2000 لـ 2023 بالمليار دولار

طبقًا لبيانات البنك الدولي، توضح التحول الكبير الذي شهدته صادرات الصين من السلع والخدمات خلال الفترة بين عامي 2000 و2023، ففي الفترة بين عامي 2000 و2006، كانت الصادرات تقاس بالمليارات، حيث ارتفعت من 253.1 مليار دولار في عام 2000 إلى 991.7 مليار دولار في عام 2006، أي ما يقرب من أربعة أضعاف خلال ست سنوات فقط، هذا النمو الهائل كان مدفوعًا بعدة عوامل، أهمها التركيز على الصناعات كثيفة العمالة منخفضة التكلفة، جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوسيع القدرات الإنتاجية، بالإضافة إلى ذلك، انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 عزز اندماجها في الاقتصاد العالمي، مما زاد من قدرتها على الوصول إلى الأسواق الدولية وتحقيق نمو سريع في صادراتها.

ابتداءًا من عام 2007، تجاوزت صادرات الصين حاجز التريليون دولار، حيث بلغت 1.258 تريليون دولار، واستمرت في النمو لتصل إلى 1.654 تريليون دولار في عام 2010، مدفوعة بتوسع الاقتصاد العالمي وزيادة الطلب على المنتجات الصينية، ورغم التأثر بالأزمة المالية العالمية في عام 2008-2009، عندما انخفضت الصادرات إلى 1.262 تريليون دولار، استأنفت الصين نموها السريع في السنوات اللاحقة. بين عامي 2011 و 2022، ارتفعت الصادرات بشكل كبير، متجاوزة 3.7 تريليون دولار في عام 2022، وهو مستوى قياسي يعكس التفوق التكنولوجي الصيني واستثماراتها في تطوير الصناعات المتقدمة وسلاسل الإمداد العالمية، مع ذلك، شهدت الصادرات في عام 2023 انخفاضًا طفيفًا إلى 3.513 تريليون دولار، وهو ما يمكن أن يُعزى إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتأثيرات التضخم في الأسواق الدولية. 

تطور الميزان التجاري الصيني من 2020 لـ 2024 بالمليار دولار

طبقًا لبيانات Economics Trading، والخاصة بالميزان التجاري الصيني خلال الفترة من 2020 إلى 2024 تعكس مرونة كبيرة وقدرة الاقتصاد الصيني على التكيف مع التحديات العالمية، ففي عام 2020، بلغ الفائض التجاري 75.79 مليار دولار، وهو رقم يعكس قدرة الصين على تعزيز صادراتها رغم تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على التجارة العالمية، وفي عام 2021، ارتفع الفائض إلى 93.21 مليار دولار بزيادة ملحوظة تُعزى إلى التعافي السريع للأسواق العالمية وزيادة الطلب على السلع الصينية، خاصة المنتجات التكنولوجية والصناعية.

مع ذلك، شهد عام 2022 تراجع الفائض إلى 70.65 مليار دولار بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثير التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، لكن الاقتصاد الصيني أظهر استقرارًا في عام 2023 مع عودة الفائض إلى 75.31 مليار دولار، وبحلول عام 2024، قفز الفائض التجاري إلى 97.44 مليار دولار، وهو أعلى مستوى خلال هذه الفترة، مما يعكس نجاح الصين في تعزيز صادراتها وتقليل اعتمادها على الواردات عبر سياسات تجارية مبتكرة وعلاقات اقتصادية استراتيجية.

تهديدات ترامب والتجارة الصينية

إن الاقتصاد الصيني يواجه تحديات كبيرة نتيجة التوترات التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة، مما قد يترك تأثيرات واضحة على نموه في السنوات المقبلة، وذلك نتيجة لتهديدات ترامب برفع الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية. هذه التهديدات ستأثر على العديد من القطاعات علي النحو التالي:

تراجع الصادرات التي كانت محركًا رئيسيًا لنمو الاقتصاد الصيني، وذلك بأن فرض رسوم جمركية جديدة قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتجات الصينية في الأسواق الأميركية، مما يسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ.

زيادة الضغوط الانكماشية، باعتبار أن انخفاض الصادرات من المتوقع أن يفاقم مشكلة الانكماش التي يعاني منها الاقتصاد الصيني، مما سيؤثر على الأسعار والأرباح، ويضيف مزيدًا من التعقيدات إلى المشهد الاقتصادي.

تراجع الاستثمارات الأجنبية، وذلك بالنظر إلى أن عدم اليقين الناتجة عن هذه التوترات ستؤدي إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما سيؤثر بدوره على النمو الاقتصادي وفرص العمل.

تأثير السياسات الحمائية التي تتبناها الولايات المتحدة

تُشير السياسات الحمائية التي تتبناها الولايات المتحدة إلى تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد الصيني، خاصة مع فرض تعريفات جمركية مرتفعة على الصادرات الصينية، حيث تعتبر الصين من أكبر المصدرين إلى الولايات المتحدة، مما يعني أن هذه التعريفات ستؤدي إلى تراجع كبير في حجم صادراتها، مما ينعكس سلبًا على العملية الإنتاجية ويؤثر على العديد من الشركات الصينية

في الماضي، تمكنت الصين من تحويل إنتاجها إلى دول أخرى مثل الفلبين وفيتنام وكمبوديا والهند للتخفيف من تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية، إلا أنه في الوقت الراهن، أصبحت هذه الاستراتيجية أكثر صعوبة بسبب الإجراءات التي تهدف إلى ملاحقة الدول التي تسهّل دخول المنتجات الصينية إلى السوق الأمريكية بشكل غير مباشر.

توقعات الميزان التجاري بحلول 2025 بالمليار دولار

طبقًا لبيانات Economics Trading، تظهر البيانات الفعلية والتوقعات ربع السنوية للميزان التجاري الصيني لعام 2024 ولعام 2025 تذبذبًا في الفوائض التجارية، مع اتجاه هبوطي ملحوظ في بعض الفترات، ففي الربع الأخير من عام 2024، بلغ الميزان التجاري 85 مليار دولار مقارنة بالقيمة الفعلية 97.44 مليار دولار، مما يعكس بداية تأثير التهديدات بزيادة الرسوم الجمركية الأمريكية، هذا الاتجاه التنازلي يستمر في الربع الأول من عام 2025 مع انخفاض الفائض إلى 74 مليار دولار، وهو أدنى مستوى متوقع خلال الفترة.

ومع ذلك، تشير التوقعات إلى انتعاش مؤقت في الربع الثاني من عام 2025 ليصل الفائض إلى 100 مليار دولار، نتيجة تعزيز التجارة مع شركاء آخرين وتكثيف الجهود لتنويع الأسواق. في الربع الثالث، يتراجع الميزان مجددًا إلى 90 مليار دولار قبل أن يرتفع طفيفًا إلى 95 مليار دولار في الربع الأخير من 2025، هذا النمط يعكس عدم اليقين الناتج عن التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، لكنه يُظهر في الوقت ذاته مرونة الاقتصاد الصيني في التعامل مع السياسات الحمائية من خلال تنويع صادراته وتعزيز الطلب الخارجي من أسواق بديلة.

قدرة الصين على المواجهة

تتمتع الصين بقدرة كبيرة على مواجهة التحديات الاقتصادية الناتجة عن الصراع التجاري مع الولايات المتحدة، وهي قادرة على استخدام مجموعة متنوعة من الخيارات للضغط على الاقتصاد الأميركي، حيث تعود جذور الحرب التجارية بين البلدين إلى السبعينيات، وما زالت مستمرة حتى اليوم، حيث يشكل التبادل التجاري الذي يتجاوز 300 مليار دولار في 2023 نقطة قوة للطرفين، الصين تستفيد من مزايا كبيرة مثل انخفاض تكلفة العمالة وجودة الإنتاج، إضافة إلى تقدمها في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، مما يتيح لها منافسة الغرب في العديد من المجالات.

من منظورها، تمتلك الصين عدة وسائل ضغط ضد الولايات المتحدة، مثل فرض قيود على الشركات الأميركية العاملة في الصين ورفع التعريفات الجمركية على البضائع الأميركية، كما تعزز الصين تعاونها مع الاقتصادات الناشئة مثل الهند ودول أميركا اللاتينية، وتوسع مشاركتها في مبادرات اقتصادية كبرى مثل "البريكس" ومنظمة "شنغهاي"، بينما يعاني الاقتصاد الأميركي من تحديات داخلية، مثل التضخم واضطرابات أسعار الطاقة، فإن الصين تحقق استفادة من شراكاتها الاستراتيجية مع روسيا ودول أفريقيا وآسيا، كما يعتقد العديد من الخبراء أن الصين في وضع أفضل في إدارة هذه الحرب التجارية لصالحها، خصوصًا في ظل عودة محتملة لدونالد ترامب إلى السلطة.

الإجراءات التي اتبعتها الصين للحد من تهديدات ترامب

أعلنت الوزارة في ختام مؤتمر عن العمل المالي، الذي استمر يومين، أن الصين ستعمل على تعزيز الدعم للمتقاعدين في المناطق الحضرية والريفية، بالإضافة إلى رفع معايير الدعم المالي المرتبطة بالتأمين الطبي لهذه الفئات بهدف تعزيز الاستهلاك بشكل كبير، كما أكدت الوزارة على زيادة دعم عمليات مبادلة السلع الاستهلاكية للحصول على سلع جديدة، إلى جانب التوسع في الاستثمار الفعّال، مع الاستمرار في تعزيز البعد الاجتماعي من خلال الاستثمار الحكومي.

تُعتبر هذه الإجراءات جزءًا من جهود الحكومة لتحسين سبل معيشة السكان وتعزيز شبكة الضمان الاجتماعي والنظام الصحي، كما تعهدت الحكومة الصينية بزيادة العجز في الميزانية وإصدار المزيد من أدوات الخزانة، بالإضافة إلى تيسير السياسة النقدية بهدف الحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي وسط التوترات التجارية المحتملة مع الولايات المتحدة، في هذا الإطار، تمت الموافقة على إصدار سندات خزانة خاصة بقيمة ثلاثة تريليونات يوان (411.04 مليار دولار) في العام المقبل.

الخاتمة

رغم التوترات التجارية المتزايدة مع الولايات المتحدة، يظهر الاقتصاد الصيني مرونة واضحة في مواجهة التحديات، فقد سجلت الصين في عام 2023 فائضًا تجاريًا بلغ 75.31 مليار دولار، وهو مؤشر على قدرتها على التكيف مع التوترات الجيوسياسية، وفي عام 2024، من المتوقع أن يرتفع الفائض التجاري إلى 97.44 مليار دولار، مما يعكس نجاح الصين في تعزيز صادراتها وتقليل اعتمادها على الواردات، ومع ذلك، تشير التوقعات إلى تراجع طفيف في الفائض التجاري في الربع الأول من 2025 ليصل إلى 74 مليار دولار، قبل أن ينتعش تدريجيًا في النصف الثاني من العام. هذه الأرقام تبرز قدرة الصين على التكيف مع التحديات التجارية العالمية، مما يعزز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية.

Short Url

showcase
showcase
search